وعن سبب عدم إعلان أمريكا رسمياً فشل الاتفاق النووي مع إيران، يقول حسن أبو طالب مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية لـTRT عربي، إن الولايات المتحدة الأمريكية تتعامل مع هذا الملفّ بـ"حرج شديد" بسبب الأوضاع الداخلية في إيران، وكذلك بسبب ظروف الحرب الروسية-الأوكرانية.
وتابع: "أمريكا والغرب يستخدمون الاحتجاجات الداخلية في إيران للتدليل على أن النظام الإيراني فاقد الشرعية، كما أنه لا يريد أن يخسر مؤيديه الذين يرون أن أمريكا لا بد أن تساند حركات التحرر في الدول التي يسمونها ديكتاتورية".
وأوضح أبو طالب أن تصريح بايدن يصيب موقف إيران السلبي من دعم أوكرانيا، إذ انضمّت إلى صف روسيا، وبالتالي فإن أي إعلان عن استمرار الاتفاق النووي أو مفاوضاته يُعتبر ضد حليفة واشنطن، كييف.
وبموجب الاتفاق، وافقت إيران على الحد من أنشطتها النووية الحساسة والسماح بعمل المفتشين الدوليين في إيران، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها.
انتظار نتيجة الاحتجاجات الإيرانية والحرب في أوكرانيا؟
واستطرد أبو طالب قائلاً إن أمريكا والدول الغربية الكبرى "غير متحمسة بتاتاً لإنجاز أي اتفاق خلال الظروف التي تمرّ بها إيران، حتى تتبين نتيجة الاحتجاجات الإيرانية، وبالتوازي مع ذلك ما ستؤول إليه الحرب الروسية-الأوكرانية، المتوقَّع أن تمتدّ طوال عام 2023"، حسب قوله.
ويرى مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن أمريكا وأوروبا لن تتورطا في تصريحات مباشرة "سواء باستمرار الاتفاق أو تجميده"، وكل هذا من شأنه خدمة ودفع إيران نحو امتلاك قنبلة نووية، بخاصة أن طهران مستمرة في تخصيب اليورانيوم، وقد وصلت فعليّاً إلى نسبة تخصيب 62%، ولا تتوقف عن تحقيق مزيد من نسب التخصيب العالية، موضحاً أن تصنيع القنبلة لا يتوقف على تخصيب اليورانيوم، بل هناك كثير من الأمور الفنية غير المعروف إلى أي مدى حققت فيها إيران إنجازات، لكن حالة عدم الإعلان صراحة نتيجة التفاوض مع إيران تعطي إيران ضوءاً أخضر وحرية لاستكمال مشروعها النووي.
جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، قال إن إيران أعلنت تَمكُّنها من إنتاج المياه الثقيلة الخاصة بتصنيع القنبلة النووية بنسبة تتراوح بين 80% و90%، إضافة إلى تحقيق تقدم في نسب تخصيب اليورانيوم.
ولفت زهران في تصريحات لـTRT عربي إلى أن تجميد الاتفاق النووي بين الدول الغربية وإيران "يعطي إيران أريحية في مسار مشروعها النووي"، كذلك فإن تجميد الاتفاق -ولو بعدم الإعلان رسمياً عن فشله الذي كان متوقَّعاً- "يعرقل حركة الوكالة الدولية للطاقة الذرية داخل الأراضى الإيرانية"، فهي ليس مسموحاً لها بالتفتيش عن برنامج إيران النووي، وبالتالي فهذا أكبر دافع لتغادر إيران العتبة النووية وتمتلك السلاح الفتاك بالفعل لتتغير معدلات المنطقة ككل".
هل تتعمد أمريكا عرقلة الاتفاق النووي؟
وأشار زهران إلى "تعمُّد" عرقلة أمريكا الاتفاق، الذي كان جاهزاً للتوقيع بالأحرف الأولى، لولا الحرب الروسية-الأوكرانية وموقف إيران المساند لروسيا فيها، بما يعني أنه حال توقيع الاتفاق يُفرَج عن الأموال الإيرانية المجمَّدة ويُفَكّ حظر توريد الأسلحة إليها وحظر بيع النفط الإيراني.
واستطرد: "حالة تجميد الاتفاق النووي قد يكون سببها اتهام إيران بمساعدة روسيا عسكرياً وتزويدها بطائرات مسيّرة تستخدمها القوات الروسية في ضرب أماكن حساسة في الداخل الأوكراني، حسب الاتهامات الأمريكية التي نفتها روسيا".
وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن من مصلحة أمريكا تجميد الاتفاق لتستغلّ المال الإيراني المجمَّد لديها لأطول مدة ممكنة، بخاصة في ظلّ الأزمة المالية العالمية، كذلك ربما لدى أمريكا رغبة في أن تصبح إيران قوة نووية تغيّر بها معادلات الشرق الأوسط، حسب آليات الصراع التي تخطّط لها على مستوى أعلى في صراعها مع الصين وروسيا.
وحول التأكيدات المتلاحقة للولايات المتحدة بعدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي، قال زهران إن لدى الأمريكيين استراتيجية "التصريحات المتضاربة"، التي تصنع حالة تمويه حول نياتها الحقيقية، ويمكن تتبُّع ذلك في ملفات كثيرة، موضحاً: "فكثيراً ما أعلنت واشنطن أموراً تفاجئنا بعدها بأنها تفعل عكسها تماماً، لذا فليس من المستبعَد السماح لإيران بامتلاك النووي، أما التصريحات الأمريكية السابقة فلا يُعوَّل عليها، بخاصة أن أمريكا أعطت ظهرها بالفعل لمنطقة الشرق الأوسط وما فيها من صراعات منذ فترة سحب قواتها فجأة من أفغانستان".