كيف تسعى روسيا للقضاء على مسيرات المراقبة الأوكرانية؟ / صورة: Reuters (Leah Millis/Reuters)
تابعنا

يمثّل سرب الطائرات المسيرة التجارية الصغيرة نقطة أفضلية للجيش الأوكراني على جبهات قتاله مع الروس، وهو ما يكشفه استخدامها المكثَّف، سواء بحملها قنابل لإلقائها على جنود العدوّ، أو في إجراء مسح جوي للجبهة وتوجيه خطوط المدفعية نحو الأهداف لتنفيذ ضربات عالية الدقة.

فيما تُعتبر تكلفة هذا النوع من الطائرات المسيرة المنخفضة، مقارنة بنظيراتها العسكرية، نقطة إيجابية أخرى لاستخدامها، إذ لا يتعدى سعر الواحدة، شاملاً عدساتها المكبرة ومعدات التصوير، نحو 2500 دولار أمريكي.

في المقابل، تهدّد هذه الأفضلية اليوم قدرة الجيش الروسي على تطوير برامج تشويش، تمكّنه من اصطياد هذه المسيرات، وهي المخاوف التي يعرب عنها عدد من المسؤولين في الجيش الأوكراني اليوم، في وقت يتعذر فيه تحمل تكلفة نظيرتها العسكرية المتطورة.

بدؤوا اصطيادها!

يرى ياروسلاف، أحد مشغّلي الطائرات المسيرة الصغيرة من طراز "DJI Matrice 30T" في الجيش الأوكراني، أن هذه المسيرات "لن تكون قابلة للاستخدام في غضون 3-4 أشهر"، لأن الروس "يتمتعون بالخبرة ويصنعون أنظمة تشويش خاصة".

فيما أصبحت هذه المخاوف التي عبّر عنها الجندي الخاصّ مشتركة اليوم داخل قوات كييف، حسب صحيفة الغارديان التي التقته على إحدى جبهات القتال في باخموت. وتضيف الصحيفة أن مسؤولي الجيش الأوكراني يسابقون الزمن لإيجاد بديل مناسب لذلك السلاح الفعال قليل التكلفة.

وفي باخموت التي تضيّق عليها القوات الروسية الخناق يوماً بعد يوم، أصبحت هذه الطائرات المسيرة أقلّ فاعلية، وأصبح عمرها العملي لا يتعدى يوماً بعد أن كانت تدوم لشهر في جبهات أخرى.

وهو ما توضحه الصحيفة البريطانية بالقول إن البيئة في باخموت، حيث خطوط الرؤية مقيدة بالمباني المتبقية، تجعل مهمة مشغلي المسيرات أكثر صعوبة. وبفعل اشتداد الحصار وتقدم القوات الروسية أصبحت فرقة المسيرات في الخطوط الأمامية، ما يجعلها قادرة على تغطية بضع مئات من الأمتار فقط، فيما كان مداها الفعال قبل ذلك 10 أو 20 مرة.

ويؤكّد ياروسلاف قائلاً: "في ميكولايف كان لدينا 15 كيلومتراً للتغطية، وفي باخموت فقط 500 متر (...)، وحتى مسافة 500 متر كان من الصعب تغطيتها بمسيرتين فقط".

في المقابل تبحث كييف عدة حلول لهذه المشكلة، وهو ما أوضحه جندي آخر يُدعى ييفين، بقوله إن الاستبدال بمسيرات "DJI" قد يتطلب مزيجاً من المسيرات طويلة المدى، مثل مسيرة "Leleka-100" المحلية الصنع التي يصل مداها إلى 100 كيلومتر، والطائرات الانتحارية السريعة "FPV" ذات المدى الأقصر.

وقد يكون هذا الحل أكثر تكلفة للمجهود الحربي الأوكراني، إذ تتعدى كلفة إنتاج مسيرة كـ"Leleka-100" زهاء 50 ألف دولار أمريكي.

عيون أوكرانيا فوق الجبهة

حسب فاليري إياكوفينكو، مؤسس شركة التكنولوجيا الأوكرانية "DroneUA" التي تقدم خدمات استشارية لحكومة البلاد، فإن الجيش الأوكراني يستخدم أكثر من 6000 طائرة مسيرة، أغلبها مصنعة في الصين. وبالتوازي عمل على تدريب أعداد كبيرة من مشغّلي هذه المسيرات، أغلبهم من الشباب هواة ألعاب الفيديو.

وفي مقال سابق دخل فيه موقع "بوليتيكو" الأمريكي عالم تدريب ربابنة الطائرات المسيرة هؤلاء، الذي تجريه أكاديمية خاصة بكييف، يقول إنه منذ اندلاع الحرب، التحق بالأكاديمية نحو 4500 متدرب، معظمهم للمشاركة في المجهود الحرب للقوات الأوكرانية.

وتمتدّ مدة التدريب على طول خمسة أيام فقط، يتلقّى فيها المتدربون تكويناً نظريّاً وتطبيقياً لتنفيذ المهمات المنوطة بهم على الجبهة. وحسب أحد مدربي الأكاديمية الذي رفض الكشف عن اسمه، فإن تلك الأيام الخمسة من التدريب "كافية لتعليمهم كيفية التحليق بطائرات مسيرة. قُضي يوم ونصف في التدريب على ذلك، أما كل شيء آخر فهو تدريب على تكتيكات الحركة والتمويه والعملية التحضيرية ودراسة الخرائط".

يضيف المدرب أن فرق استطلاع الطائرات المسيرة تعمل في أزواج، مثل القناصين: أحد الجنود يطير بطائرة مسيَّرة باستخدام لوحة مفاتيح، ويراقب زميله الخرائط ويقارنها مع تدفق صور الفيديو من المسيرة، ويحسب الإحداثيات.

أما على الميدان، فتعمل فرق الطائرات المسيرة "مباشرة مع سلاح المدفعية"، وتنقل الصورة من ساحة المعركة إلى الخوادم وإلى هيئة الأركان العامة. "بفضلنا، يرون ما يفعلونه ويساعدهم على إصابة الهدف"، يقول المدرب.

TRT عربي