تابعنا
فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبة على تركيا لاقتنائها منظومة S-400 بموجب قانون مكافحة خصوم الولايات المتحدة CAATSA. وقد أكدت تركيا على موقفها المتمثل باحتفاظها بحق تطوير منظومتها الدفاعية، ونددت في الوقت ذاته بالقرار مجحفا بحقها.

وفي السياق ذاته، أوضح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في بيان صادر عنه يوم الاثنين 15 ديسمبر/كانون الأول، أن العقوبات التي صدرت ضد هيئة الصناعات الدفاعية التركية جاءت نتيجة اقتناء تركيا منظومة S-400 روسية الصنع، التي كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد حذرت تركيا في وقت سابق من اقتنائها تحت ذريعة أنها "ستمثل تهديدا لأمن التكنولوجيا والأفراد في الجيش الأمريكي، وستوفر أموالاً طائلة لقطاع الدفاع الروسي".

وتتضمن العقوبات حظر جميع تراخيص التصدير الأمريكية، ومنع كل المؤسسات المالية الأمريكية والدولية من إسناد أي قرض أو دين بقيمة تتجاوز 10 ملايين دولار إلى المؤسسة التركية. إضافة إلى قيود على التأشيرة لرئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية إسماعيل دمير ومسؤولين آخرين.

وأكد بومبيو على أن تركيا تعتبر حليفا مهما وشريكا أمنيا إقليميا هاما للولايات المتحدة، وأنهم يسعون لمواصلة التاريخ الممتد لعقود من التعاون المثمر في قطاع الدفاع من خلال إزالة عقبة امتلاك تركيا S-400 في أقرب وقت ممكن.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد علقت مشاركة تركيافي برنامج تصنيع طائراتها F-35 المتطورةعندما قامت باقتناء منظومة الدفاع الجوي الروسية.

ورغم محاولات دونالد ترمب العام الماضي مقاومة فرض العقوبات على تركيا إلا أن أعضاء الكونجرس الأمريكي تمكنوا من إدراجها إلزاميا في مشروع قانون الانفاق العسكري لسنة 2021.

من جانبه، صرح السناتور الديمقراطي كريس فان هولين: "بعد مشاهدة الرئيس ترمب يرفض بشكل متكرر محاسبة تركيا والرئيس أردوغان ، يسعدني أن أرى هذه الإدارة تفرض أخيرًا هذه العقوبات المطلوبة ..".

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد أشار في يوليو،تموز 2019 بأن التهديد بالعقوبات ضد تركيا قرار غير عادل، وألقى باللوم على إدارة سلفه أوباما التي رفضت بيع منظومة صواريخ باتريوت الدفاعية أمريكية الصنع لتركيا، ولم يترك لها بالتالي أي بديل سوى اقتناء المنظومة الروسية التي تعد الأكثر تطوراً من فئتها.

فعندما كانت تركيا في أمسّ الحاجة إلى منظومة صواريخ باتريوت لمقاومة التنظيمات الإرهابية سنة 2015 قامت ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية بسحب الباتريوت من الأراضي التركية في خطوة مفاجئة لأنقرة.

ومع عدم استجابة واشنطن إلى تزويد تركيا بمنظومة الصواريخ الدفاعية، كان لابد للجانب التركي من البحث عن بدائل أمام الاستحقاقات الأمنية التي يواجهها.

وفي السياق ذاته يرجح الدكتور برهان الدين ضوران أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في تركيا، بالنظر إلى رأي العديد من الخبراء أن تواجه تركيا عقوبات معتدلة، نظراً لعلاقة ترمب الشخصية الجيدة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأن الخلاف حول شراء تركيا لنظام الدفاع الجوي الروسي S-400 سينتهي عاجلاً.

فيما تذهب العديد من الآراء الأخرى إلى أن الرئيس المنتخب جو بايدن يمكن أن يدعم قرار أعضاء الكونجرس بعد توليه منصب الرئاسة الأمريكية، من خلال إقرارره بالعقوبات المفروضة على أنقرة.

تركيا تندد بالعقوبات الأمريكية

بعد أيام من فرض دول الاتحاد الأوروبي عقوبات فردية على تركيا، يراها البعض "بروتوكولية واجه الأخيرة قائمة عقوبات جديدة من الإدارة الأمريكية. وتعليقا على ذلك قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمة ألقاها يوم الاثنين خلال اجتماع الحكومة في المجمع الرئاسي بأنقرة "نتطلع من الولايات المتحدة حليفتنا بالناتو دعم كفاحنا ضد المنظمات الإرهابية والقوى التي لديها أطماع في منطقتنا بدلاً من فرض العقوبات علينا". كما شدد الرئيس التركي على أن بلاده "لا تسعى للتوتر أو الصراع سواء مع جيرانها أو أي دولة أخرى".

من جانبها رفضت وزارة الخارجية التركية عبر بيان صادر لها يوم الاثنين 14 ديسمبر/كانون الأول، المزاعم بأن منظومة S-400 تعرض أنظمة الناتو للخطر، ودعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى التراجع عما "سمته بالخطأ الجسيم الذي يخلو من كل أشكال التعقل".

وندد وزير الدفاع التركي خلوصي أقار بالعقوبات الأمريكية الأحادية الجانب في تصريح له يوم الثلاثاء لوكاله الأنضول للأنباء، وقال خلوصي أن "قرار العقوبات الأمريكية لا ينسجم مع التحالف والحقائق العسكرية والسياسية الموجودة وأمن تحالف حلف شمال الأطلسي (الناتو)وأنه يقوض الثقة بين الحلفاء ويضر بروح التحالف"

وأكد رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية إسماعيل دمير عزم تركيا على "مواصلة تطوير الصناعات المحلية وربما بوتيرة أسرع، وأن أنقرة لا تريد توتير علاقتها بواشنطن حليفها في الناتو ولكنها في الوقت ذاته تسعى إلى تحقيق استقلاليتها في الصناعة الدفاعية".

هل تتوصل أنقرة وواشنطن إلى اتفاق؟

تجميع الأوساط الرسمية في تركيا على أهمية العلاقة التي تجمع بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، وترى ضرورة بقاء هذه العلاقة بما يخدم مصلحة البلدين، وبما يحافظ على أمنهما القومي في بيئة تعاني من حالة من عدم الاستقرار.

وكانت تركيا قد واجهت محاولات للتضييق والعزل من بعض حلفائها ما دفعها إلى الحرص لتحقيق اكتفائها الذاتي في المعدات العسكرية وخاصة مع سياستها وتحركاتها الأخيرة في سوريا وليبيا وأذريبيجان وشرق المتوسط من خلال دعم الحكومات الشرعية وحماية المدنيين.

من جانبها، فإن واشنطن شأنها شأن دول الاتحاد الأوروبي لا تريد خسارة حليف قوي ومهم كتركيا ويحضى بموقع استراتيجي بحلف شمال الأطلسي (الناتو).

وبالتالي تشكل هذه العقوبات معضلة محتملة لإدارة بايدن القادمة، رغم معارضة فريق الرئيس المنتخب استخدام تركيا منظومة S-400 وما يمكن أن يحدثه من انقسام داخل الناتو.

يرى خبراء أن قرار العقوبات لا يستهدف تركيا وحسب، بل من شأنه أن يرسل رسالة إلى حلفاء الولايات المتحدة كافة بضرورة تجنب اقتناء المنظومات العسكرية الروسية تجنباً للعقوبات الأمريكية.

TRT عربي