تأجيل الانسحاب.. لماذا ترفض الولايات المتحدة سحب قواتها من سوريا؟ / صورة: AA (AA)
تابعنا

صوّت مجلس النواب الأمريكي يوم الأربعاء ضد قرار يوجه إدارة بايدن إلى سحب جميع القوات الأمريكية من سوريا. ورفض القرار الذي قدمه النائب الجمهوري مات غايتس بأغلبية 321 صوتاً مقابل 103 أصوات بـ"نعم"، بما فيهم 47 صوتاً جمهورياً و56 ديموقراطياً، وفقاً لما أوردته الأناضول.

ويشير مشروع القرار، الذي استشهد بالمادة 5 (ج) من قرار سلطات الحرب، إلى أن عدد القوات الأمريكية على أراضي سوريا يبلغ 900 شخص، فيما قال النائب الجمهوري في بيان له، إنه "حتى اليوم لم يوافق الكونغرس، بأي شكل من الأشكال، على وجود القوات المسلحة الأمريكية في سوريا".

وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر حول عدد من القضايا المتعلقة بسوريا، فإن تركيا وروسيا وإيران متفقين بشكل كبير في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب وفقاً للتصريحات التي تلت القمة الثلاثية التي عُقدت في طهران في يوليو/تموز الماضي، والتي جدد فيها أردوغان دعوته للولايات المتحدة إلى الانسحاب من شمال سوريا ووقف دعمها للجماعات الإرهابية، منبهاً في الوقت ذاته إلى أن العمليات العسكرية ضد تنظيم PKK الإرهابي ستبقى على جدول أعمال تركيا إلى أن تتم معالجة مخاوفها الأمنية.

الوجود الأمريكي في سوريا

على الرغم من إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب في 19 ديسمبر/كانون الأول 2019 تحقيق الانتصار على تنظيم "داعش" الإرهابي، وقرار سحب القوات الأمريكية المتمركزة شرقي الفرات في سوريا منذ عام 2015، فإن الإدارة الأمريكية ما زالت تماطل بتنفيذ قرار الانسحاب هذا.

وضمن عمليتها العسكرية لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي في كلّ من سوريا والعراق، والتي أطلقتها منذ سبتمبر/أيلول 2014، قررت الولايات المتحدة في 2019 إبقاء قوة عسكرية محدودة في سوريا لأجل غير مسمى. وهي منتشرة في بعض المواقع في محافظتي الحسكة ودير الزور قرب منابع النفط.

وينتشر حالياً حوالي 900 جندي أمريكي في سوريا زارهم رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية مارك ميلي شمال سوريا في نهاية هذا الأسبوع. الأمر الذي دفع مصادر دبلوماسية تركية إلى التصريح بأن الولايات المتحدة تواصل دعم PKK/YPG الإرهابي سواء التقى رئيس الأركان الأمريكي قادة التنظيم خلال زيارته إلى شمال شرقي سوريا أم لا.

لماذا لا تسحب واشنطن قواتها؟

رغم تذرّع واشنطن بأنّ دعمها تنظيم PKK /YPG الإرهابي يأتي في إطار محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي، فإن الخبراء الذين تحدثوا إلى مجلة فورين بوليسي في وقت سابق يؤكّدون انتفاء هذا الدعم، فمنذ فترة طويلة لم تشارك القوات الأمريكية المؤلّفة من نحو 900 جندي في أي تدريبات عسكرية لمليشيات PKK /YPG الإرهابي.

وبينما يصر البيت الأبيض على أن وجود القوات في سوريا هو من أجل محاربة الإرهاب ودعم الاستقرار بالمنطقة، فإن الخبير المتخصص بشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نيل كويليام يرى بأنه: "من الصعب العثور على أي شخص في الإدارة الأمريكية يُجادل علناً بأن للولايات المتحدة اليوم مصلحة حيوية في سوريا".

وفي سياق متصل تساءل غايتس في خطابه الأخير أمام مجلس النواب الأمريكي كيف أصبحت سوريا "المنصة الكبرى لمنافسة القوى العظمى في العالم؟" مضيفاً أن الولايات المتحدة تورطت في "هذه الفوضى في سوريا" في عام 2015، حيث قال: "ومنذ أن كنا هناك، رأينا الأمريكيين يموتون، ورأينا عشرات المليارات من الدولارات تضيع".

"لا يوجد هدف واضح، ولا تعريف للنصر"

وفيما يتعلق بحجة القتال ضد تنظيم داعش الإرهابي، قال النائب الجمهوري الذي جلب القرار للتصويت إنه يشجع زملاءه على "الذهاب لقراءة تقرير المفتش العام للربع الأخير، والذي يشير إلى أن داعش لا يشكل تهديداً للوطن"، مشيراً أيضاً إلى أن تركيا تنفذ عمليات ضد داعش الإرهابي.

وقال غايتس: "لا أعتقد أن ما يقف بين وجود الخلافة وعدمها هو 900 أمريكي جرى إرسالهم إلى هذا الجحيم بدون تعريف للنصر، ودون هدف واضح، وهم موجودون تماماً كإحدى بقايا السياسات الخارجية الفاشلة لتغيير النظام التي تبناها عدة رؤساء سابقين".

وفقاً لتقارير وسائل الإعلام الأمريكية، سأل الصحفيون المسافرون مع رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية عما إذا كان يعتقد أن نشر حوالي 900 جندي أمريكي في سوريا يستحق المخاطرة. قال: "إذا كنت تعتقد أن هذا مهم، فالجواب هو نعم".

يُذكر أن زيارة الجنرال ميلي للمنطقة الواقعة في شمال شرق سوريا التي تحتلها قوات PKK/YPG الإرهابي قد أثارت توترات بين الحليفين في حلف شمال الأطلسي مع استدعاء السفير الأمريكي في تركيا جيف فليك إلى وزارة الخارجية التركية يوم الاثنين بشأن الزيارة.

رعاية الإرهاب

تحت مظلة محاربة إرهاب تنظيم داعش الإرهابي في الشمال السوري، لم يحظَ تنظيم PKK/YPG الإرهابي باهتمام الولايات المتحدة وحلفائها طوال السنوات الماضية وحسب، بل وفرت لقياداته وأعضائه الحماية من العمليات العسكرية التركية أيضاً عبر احتضانهم في الأراضي التي تسيطر عليها القوات الأمريكية شمال شرقي الفرات.

ولا يقتصر الدعم الأمريكي والأوروبي على الحماية وتزويده بالأسلحة فقط، بل يمتد ليصل إلى تدريب الإرهابيين على استخدام هذه الأسلحة. وبالرغم من أن تنظيم PKK/YPG الإرهابي لا يمتلك مروحيات ولا طائرات، سبق للولايات المتحدة أن درّبَت بعض منتسبي التنظيم الإرهابي على استخدام وقيادة المروحيات والطائرات.

وطوال السنوات الماضية، لم تتوانَ الولايات المتحدة، التي جرَّت المنطقة إلى فوضى كبيرة بعد غزو العراق عام 2003، عن دعم التنظيم الإرهابي عسكرياً ومالياً وتدريبياً واستخباراتياً، ما أوجد مساحة جديدة له لاستهداف تركيا منذ ذلك الحين.


TRT عربي