رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان زار تركيا لتوقيع عدد من الاتفاقيات والشراكات (AA)
تابعنا

العلاقات التركية السودانية علاقات قوية ضاربة في القدم منذ عهد الدولة العثمانية، بدأت عندما دخلت منطقة شرق السودان تحت سيادة الدولة العثمانية عام 1555، تطورت في العصر الحديث بعد أن كانت تركيا من أوائل الدول التي اعترفت بالسودان الذي نال استقلاله في 1 يناير/كانون الثاني 1956. وبينما بدأت السفارة التركية عملها بالخرطوم بداية عام 1957، أقام السودان أول تمثيل دبلوماسي مقيم في تركيا عام 1981.

ومع مجيء حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم في تركيا عام 2002 ازدهرت العلاقات بين البلدين بوتيرة مطردة، حيث وضع الحزب خطة طموحة لتعزيز التعاون والتواصل مع الدول الإفريقية، وعلى رأسها السودان الذي شهدت العلاقات السياسية معه تقدماً كبيراً وتطابقت وجهات نظر البلدين في معظم القضايا السياسية الثنائية والإقليمية والدولية، فضلاً عن الدعم التركي خلال مسيرة الانتقال السياسي التي حصلت في السودان مؤخراً، والوقوف بجانبه من أجل الاندماج في المجتمع الدولي.

وعلى مدار العقدين المنصرمين، شهدت العلاقات الثنائية بين تركيا والسودان تقدماً في العديد من المجالات، لا سيما في الزراعة والتجارة والطاقة والصحة والأمن والتعليم، حيث تم التوقيع على العديد من اتفاقيات التعاون خلال الزيارات رفيعة المستوى، والتي كانت أُخراها زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان والوفد المرافق له إلى العاصمة أنقرة، الخميس الماضي، وتخللها توقيع 6 اتفاقيات مختلفة.

علاقات سياسية راسخة

كما أشرنا، التقارب الأخير بين تركيا والسودان ليس وضعاً جديداً، بل هو نتاج شراكة تاريخية تطورت وازدهرت خلال العقود الأخيرة، فيما شهدت العلاقات الثنائية حراكاً متسارعاً منذ زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السودان في ديسمبر/كانون الأول 2017، حيث وقع البلدان وقتها 22 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مجالات عديدة.

وإلى جانب الدعم الإنساني، وقفت تركيا على الدوام إلى جانب السودان وشعبه سواءً لوقف الحروب الأهلية أو خلال عملية التحول السياسي التي تمر بها البلاد حالياً. وتأكيداً لذلك قال رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان: "لقد وقفت تركيا دائماً إلى جانب السودان، خاصة في عملية التحول والتغيير التي نمر بها، وآمل أن نتجاوز هذه المرحلة بدعم من أصدقائنا المخلصين مثل تركيا وزعيمها ودول أخرى".

وفي ما يتعلق بمحاولات السودان رفع العقوبات الاقتصادية عنه وإزالة اسمه من قائمة "الدول الراعية للإرهاب"، وقفت تركيا إلى جانب الخرطوم ودعمتها في المحافل الدولية من أجل تحقيق ذلك. وفي هذا الصدد، لفت البرهان إلى أن تركيا كانت وما زالت "صوت السودان" في رفع جميع أنواع الحصار والعقوبات المفروضة على بلاده.

ومن أبرز الأمثلة الشاهدة على متانة وقوة العلاقات السياسية بين البلدين، هو ما يقوم به السفير التركي لدى السودان عرفان نذير أوغلو، القريب من قلوب الشعب السوداني، ونشاطه الإنساني الكبير من أجل زيادة حصة السودان من المساعدات الصحية والإنسانية التركية، ومساعدته للطلبة السودانيين في الحصول على منح دراسية في تركيا.

علاقات تجارية واعدة

وعلى الرغم من صعود وتيرة الاستثمارات التركية في السودان منذ بداية الألفية الجديدة، أي قبل رفع العقوبات الاقتصادية عن الخرطوم في 2017، وإزالة اسمه من قائمة "الدول الراعية للإرهاب" نهاية العام الماضي، فإنها لم ترتق بعد لتصل إلى المستوى المأمول، ويعود ذلك إلى المرحلة الانتقالية التي عاشها السودان وما نتج عنها من أسباب، بالإضافة إلى جائحة كورونا التي أثرت سلبياً على التجارة العالمية بشكل عام.

وفي عام 2020 بلغ إجمالي حجم التجارة بين البلدين قرابة 480 مليون دولار أمريكي، فبينما بلغت صادرات تركيا للسودان نحو 375 مليون دولار أمريكي، بلغت الواردات من السودان قرابة 105 ملايين دولار أمريكي. وأشار نذير أوغلو إلى أن عام 2020 شهد تحسناً ملحوظاً في العلاقات التجارية مقارنة بعام 2019، إذ زادت صادرات تركيا إلى السودان بنسبة 23%، وزادت صادرات السودان إلى تركيا بأكثر من 28%.

وتتركز الاستثمارات والشركات التركية في السودان بشكل أساسي في مجالات محددة، أهمها الزراعة والتعدين والتصنيع الزراعي إلى جانب قطاعات الطاقة الكهربائية والاتصالات، بالإضافة إلى التطورات التي شهدها قطاع النقل الجوي والبحري بين البلدين مؤخراً.

وخلال اللقاء الذي جمع البرهان ونائب رئيس الجمهورية التركية فؤاد أوقطاي في العاصمة أنقرة، الجمعة، وجه رئيس مجلس السيادة السوداني دعوة للمستثمرين الأتراك للقدوم والاستثمار في السودان، واعداً إياهم بتذليل جميع العقبات من أجل توفير مناخ استثماري آمن ومربح. وأعرب البرهان عن ثقته في إمكانية رفع حجم التجارة مع تركيا إلى ملياري دولار قريباً.

تعاون ودعم إنساني

بالإضافة إلى المساعدات الإنسانية والصحية التي تقدمها الحكومة التركية بشكل مباشر إلى السودان، تنشط الهيئات والجمعيات الخيرية التركية مثل وكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا" والهلال الأحمر التركي ووقف الديانة، بجانب منظمات المجتمع المدني الأخرى، بشكل كبير في السودان، وخصوصاً في الفترة الأخيرة التي شهدت انتشار فيروس كورونا.

ونتاجاً للتعاون بين جميع الهيئات الخيرية التركية، يتم تنفيذ العديد من المشاريع الإنسانية والتنموية لتلبية الاحتياجات الملحة للسكان في جميع أنحاء السودان، من خلال تقديم المساعدات الإنسانية للأشخاص المحتاجين وبناء المدارس والمستشفيات فضلاً عن برامج التدريب والتعليم التي تُعمل لتأهيل الشباب لسوق العمل.

وفي السنوات الأخيرة، وضعت تركيا استراتيجية خاصة من أجل زيادة تطوير العلاقات طويلة الأمد مع السودان وشعبه، وذلك من خلال المبادرات والمنح التعليمية التي تقدمها كل من رئاسة أتراك المهجر والمجتمعات ذات الصلة (YTB) ومعهد يونس إمري (YEE)، والتي بفضلها حصل المئات من الطلبة السودانيين على منح دراسية لإكمال دراستهم الجامعية في تركيا.




TRT عربي