عانى مئات الطلاب، معظمهم من الفتيات، في أكثر من 50 مدرسة في إيران مما وصف بأنه عملية تسمم مثيرة للشبهة / صورة: AA (Onur Coban/AA)
تابعنا

منذ أواخر عام 2022، عانى مئات الطلاب، معظمهم من الفتيات، في أكثر من 50 مدرسة في إيران مما وصف بأنه عملية تسمم مثيرة للشبهة. تشمل الأعراض الصداع وخفقان القلب والخمول. قال البعض إنهم غير قادرين على الحركة. وذكر آخرون وجود رائحة تشبه رائحة اليوسفي أو الكلور أو مواد التنظيف.

ودخل أكثر من ألف تلميذة إلى المستشفيات بسبب هذا التسمم الغامض. يعتقد كثيرون أن حوادث التسمم هي هجمات "انتقامية" من الجماعات الأصولية التي لا تريد للفتيات الذهاب إلى المدرسة.

في غضون ذلك، صرح نائب وزير الداخلية ماجد مير أحمدي، في مقابلة مع وكالة أنباء فارس، بأن "المتآمرين لتسميم الفتيات يسعون لإغلاق المدارس".

وأضاف أيضاً، أن من يقفون وراء هذه الفعلة يحاولون إثارة مزيد من الاحتجاجات في الجمهورية الإسلامية.

في المقابل، يُلقي بعض الجماعات المعارضة في الخارج اللوم على مؤيدي الحكومة الذين يتهمون بدورهم النساء والفتيات بقيادة الاحتجاجات واسعة النطاق المناهضة للحكومة والتي اشتعلت إثر وفاة امرأة في عهدة شرطة الآداب الإيرانية.

حتى مع استمرار التحقيقات لتحديد مصادر التسمم المحتملة، أشار بعض الخبراء والتقارير إلى أن الحادث يمكن أن يكون حالة مرض نفسي جماعي، المعروف باسم الهستيريا الجماعية.

وفقًا لمقال في مجلة Psychology Today ، يمكن أن يكون "التسمم" مجرد هستيريا جماعية جراء القلق.

وحسب المقال، لا ينبغي أن تؤخذ حوادث "التسمم" على محمل الجد إذ لا دليل على وجود مادة كيميائية قاتلة، ولم تقع وفيات، وعملياً تعافى جميع الضحايا بالكامل.

يجد عديد من الخبراء أوجه تشابه بين ما يحدث في إيران وما حدث في الضفة الغربية المحتلة وأفغانستان، إذ ظهر على بعض التلميذات في فترات مختلفة أعراض متشابهة.

في مارس/آذار وحتى أبريل/نيسان 1983، اشتكى نحو ألف تلميذة فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة من صداع ودوار وتشوش الرؤية وغثيان وضعف. ومع ذلك، وجدت بعض الدراسات لاحقاً أنه تأثير نفسي وليس هجوماً بيولوجياً.

وثقت منظمة الصحة العالمية (WHO) ظاهرة مماثلة في أفغانستان بين عامي 2009 و2012، إذ اشتكت مئات الفتيات في جميع أنحاء البلاد من الروائح الغريبة والتسمم.

لم يُعثر على دليل يدعم الشكوك حول هجوم محتمل، إذ قالت منظمة الصحة العالمية إن هذه الحالات تبدو كأنها "مرض نفسي جماعي".

ماذا نعني بالمرض النفسي الشامل؟

المرض النفسي الجماعي (MPI)، المعروف أيضاً بالهستيريا الجماعية، هو ظاهرة تظهر فيها مجموعة من الأشخاص أعراض جسدية أو نفسية متشابهة دون سبب طبي أو بيئي واضح. يُعتقد أن المرض النفسي الجماعي ناتج عن عوامل نفسية، مثل التوتر أو القلق أو نظام اعتقادي مشترك، بدلاً من مرض جسدي أو سموم.

يمكن أن يظهر المرض النفسي الجماعي بأشكال مختلفة، بما في ذلك الضائقة التنفسية، والدوخة، والغثيان، والصداع، والإغماء. عادة تكون الأعراض غير مهددة للحياة وتميل إلى أن تكون محدودة ذاتياً، مما يعني أنها تذهب من تلقاء نفسها دون أي تدخل طبي. يمكن أن يكون ظهور وانتشار المرض النفسي الجماعي سريعاً، ويمكن أن يؤثر في الأشخاص من أي عمر أو جنس.

غالباً يحدث المرض النفسي الجماعي في مجموعات مغلقة، مثل المدارس أو أماكن العمل أو التجمعات الدينية، ويميل إلى أن يكون أكثر شيوعاً عند النساء أكثر من الرجال. يمكن لعوامل مختلفة أن تثيره، بما في ذلك الشائعات والتغطية الإعلامية والتوتر والعوامل الاجتماعية أو الثقافية.

ماذا حدث في إيران؟

منذ نوفمبر/تشرين الثاني، نُقل مئات من الطالبات في عشرات المدارس، إلى مستشفيات مختلفة في أنحاء إيران بسبب أعراض تسمم مثل الغثيان والقيء وضيق التنفس والدوخة والإرهاق. جرى الإبلاغ عن أول حالة معروفة في مدرسة في مدينة قم، حيث أصيبت 18 تلميذة بالمرض ونُقلن إلى المستشفى في 30 نوفمبر.

أفاد شهود عيان أن أميني تعرضت للضرب في عربة الشرطة، وهو ما نفته الشرطة (مواقع التواصل)

وأثارت حوادث مماثلة منذ ذلك الحين الغضب في جميع أنحاء البلاد.

عين الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وزير الداخلية أحمد وحيدي ووزير المخابرات إسماعيل خطيب ووزير الصحة بهرام عين الله في 1 مارس للتحقيق في حوادث التسمم المشتبه فيها.

في السياق ذاته، قال المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي إنها "جريمة لا تغتفر يجب أن يكون عقابها الإعدام إذا نُفذت عن قصد".

وقال: "إذا ثبت أنه (تسمم) متعمد، فإن مرتكبي هذه الجريمة، التي لا تغتفر، يجب أن يُحكم عليهم بالإعدام".

TRT عربي
الأكثر تداولاً