أعلن الاتحاد الأوروبي الاثنين، اتفاق أعضائه على توفير مليارَي يورو من أجل تأمين ذخائر عسكرية لأوكرانيا. جاء ذلك على لسان الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في تصريحات صحفية، قال فيها: "نوفر مليارَي يورو من أجل شراء ذخيرة، إذ نعلم أنواع الذخائر التي تحتاج إليها أوكرانيا".
وتأتي هذه الخطوة التي طال الحديث عنها خلال الأسابيع الماضية، في وقت يشتكي فيه الأوكرانيون نفاذ ذخائرهم، وتأثير ذاك في مدى صمودهم خلال المعارك. وفي حديث صحفي أخير له، قال وزير خارجية أوكرانيا دميتري كوليبا، إن نقص الذخيرة هو المشكلة "الأولى" التي تواجه قوات بلاده.
في المقابل تصطدم هذه المساعي الأوروبية بمواجهة الصناعة الدفاعية الأوروبية ضغطاً كبيراً لا تستطيع معه الاستجابة لهذا الطلب المتزايد، في وقت تعاني فيه هي الأخرى مشكلات ضعف القدرة الإنتاجية ونقص اليد العاملة والموادّ الأساسية لصناعتها.
عراقيل الصفقة
وفقاً لمسودة الوثيقة الأوروبية، استُثنيَ التزود من دول خارج الاتحاد الأوروبي من صفقةالمليارَي يورو، وهو ما أكده دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي بقوله: "بموجب كلا النموذجين (من الاتفاق)، سيكون من المستحيل شراء منتجات من شركات من خارج الاتحاد الأوروبي".
وهو القرار الذي يلقى امتعاضاً داخل تكتل الـ27، وتخوفاً من عدم القدرة على الاستجابة للمطالب الأوكرانية في الوقت اللازم. وحسب الدبلوماسي الذي شهد نقاشات الاتفاق، فإن "القلق هو أنه إذا كُتب هذا في النموذج، فسنقصّر في مساعدة أوكرانيا".
وحسب موقع "يوراكتيف"، امتنع كل من إيطاليا وهولندا عن الموافقة على الاتفاق بسبب هذه المخاوف.
أوروبا غير قادرة على تسليح أوكرانيا؟
يرى محللون أن الصناعة الدفاعية الأوروبية غير قادرة على تلبية هذه الزيادة الكبيرة في الطلب على الذخائر، في وقت يعاني فيه المصنّعون ضَعف قدرات الإنتاج، واضطراب سلاسل التزود بالمواد الأولية، ونقص اليد العاملة المؤهلة.
وهو ما أكّده العضو المنتدب لجمعية الصناعات الأمنية والدفاعية الألمانية هانز كريستيان أتزبوديان بقوله: "ارتفاع أسعار الطاقة، وركود سلاسل التوريد، ونقص العمال المهرة، ليست سوى جزء من المشكلات التي تكافح معها صناعة الأسلحة (...). في توريد الموادّ الخام وبعض المنتجات الأولية مشكلات واضحة، بخاصة في قطاع الإلكترونيات".
من جهته قال جيري هاينك، رئيس رابطة صناعة الدفاع والأمن في جمهورية التشيك: "من الصعب جدّاً سرعة زيادة إنتاج ذخيرة المدفعية، بخاصة الذخيرة الثقيلة ذات العيار الكبير. من السهل جدّاً إنشاء مصنع مدفعية جديد، ولكن كيف ننتج مزيداً من مقذوفات المدفعية بلا موادّ خام؟".
في ذات السياق أعلن مصنع الذخيرة بغرناطة، الأكبر من نوعه في إسبانيا، أنه يعمل بطاقاته الكاملة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وقال مدير المصنع أنطونيو كارو: "مشكلتنا الرئيسية هي الموادّ الأولية. تتعرض إمدادات الذخيرة لضغوط شديدة لأن جميع المصانع مثلنا، بلغت 100% من قدراتها الإنتاجية".
وخلال مفاوضات اتفاق المساعدات الأوروبية، شدّد وزراء الخارجية والدفاع في الاتحاد الأوروبي على مواطن الضعف هذه بالذات، وطالبوا المفوضية بسرعة تقديم "مقترحات ملموسة لدعم القدرات الإنتاجية لصناعة الدفاع الأوروبية، وتأمين سلاسل التوريد، وتسهيل إجراءات الشراء الفعالة، ومعالجة أوجه القصور بالقدرات الإنتاجية، وتشجيع الاستثمارات، بما فيها تعبئة ميزانية الاتحاد عند الاقتضاء".
استخدام مكثف للذخيرة!
منذ اندلاع الحرب تستخدم قوات كييف المدفعية بكثافة. وتُقدَّر أعداد المدفعية التي تستخدمها القوات الأوكرانية بنحو 1600 وحدة، منها 1150 ورثتها البلاد من الحقبة السوفييتية، بالإضافة إلى أكثر من 424 مدفعية تلقّتها كييف مساعدات من حلفائها الغربيين، منها أكثر من 352 مدفعية طويلة المدى تستخدم قذائف عيار 155مم، بما يجعل الجيش الأوكراني يستهلك ذخائرها بكثرة.
وحسب ورقة حقائق نشرتها وزارة الدفاع الأمريكية، استخدمت قوات كييف ما معدَّله 3000 قذيفة من عيار 155مم في اليوم, وفي تقديرات أخرى قد يبلغ العدد 10 آلاف قذيفة في اليوم.
وقد تبلغ حاجة كييف من الذخائر ما يفوق قدرة حلفائها والمجتمع الدولي على توفيره. هذا ما لم يُخفِه الأمين العامّ لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، الذي نبّه لأن "المعدل الحالي لاستخدام أوكرانيا للذخيرة أعلى بكثير من معدل إنتاجنا"، وأضاف أن "هذا يستنزف مخزوننا ويضع صناعاتنا الدفاعية تحت ضغط".
وهو ما أكده سابقاً دبلوماسي أوروبي بقوله إن مخزونات الحلف من القذائف الآن تنخفض أسرع بسبب الصراع في أوكرانيا، بما يرجّح أن يرفع الناتو المستويات المستهدفة لاحتياطيات أعضائه من الذخيرة. وأضاف الدبلوماسي الأوروبي: "إذا كانت أوروبا ستقاتل روسيا فستنفد ذخيرة بعض الدول في أيام".