كشفت تحقيقات صحفية تورط الوكالة الأوروبية لحماية الحدود "فروتنكس" في انتهاكات جسيمة يرتكبها حرس الحدود اليوناني ضد طالبي اللجوء (Aris Messinis/AFP)
تابعنا

كشفت تحقيقات جديدة لوسائل إعلام أوروبية تورّط الوكالة الأوروبية لحماية الحدود "فرونتكس" في عمليات ترحيل قسري للاجئين، وصد غير قانوني لقواربهم في عرض بحر إيجة، في إجراءات يقودها حرس الحدود اليوناني وتسببت في مقتل العشرات من طالبي اللجوء والمهاجرين غير النظاميين.

ولا تعد التحقيقات الأخيرة بمثابة الاستقصاءات الصحفية الأولى التي تفضح النشاط الدموي لـ"فرونتكس" وخفر السواحل اليوناني، بل سبقها عديد، وأدى ذلك سابقاً إلى استقالة المدير التنفيذي للوكالة وعدد من المسؤولين فيها.

هل تموّل "فرونتكس" قتل اللاجئين؟

أفاد تحقيق جديد لمجلة "در شبيغل" الألمانية الخميس بأنّ الإدارة السابقة لوكالة مراقبة الحدود "فرونتكس" كانت على علم بعمليات ترحيل غير قانونية لمهاجرين قادمين إلى اليونان، كما شاركت في تمويل هذه العمليات.

ووفقاً لمقتطفات من تقرير سرّي أعدّه المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال "أولاف"، تبيّن أن "فرونتكس" كانت على علم مبكر جداً بترحيل طالبي اللجوء، بطريقة غير قانونية، ووحشية في بعض الأحيان، باتجاه تركيا.

ويكشف التحقيق سحب خفر السواحل اليونانيين في 5 أغسطس/آب 2020 زورقاً مطّاطياً على متنه ثلاثون مهاجراً باتجاه تركيا لا اليونان. وصوّرت طائرة تابعة لفرونتكس المشهد، خلال تنفيذها دوريّةً في المكان، وبدلاً من مخاطبة السلطات اليونانية بهذا الشأن، وقّفت "فرونتكس" تسيير دوريات للطائرات فوق بحر إيجة، مبرّرة الأمر بالحاجة إليها في مكان آخر.

ويستشهد المحقّقون بشهادات متعاونين مع "فرونتكس" يشيرون إلى تغاضٍ عن هذه الأعمال غير القانونية. كما وجدوا مذكّرة مكتوبة تشير إلى انسحاب طائرات الاستطلاع "كي لا تكون شاهدة".

ليست أول فضيحة

وفي 27 أبريل/نيسان الماضي، نشرت وسائل إعلام أوروبية تقريراً عن تورط "فرونتكس" في انتهاكات إنسانية ضد اللاجئين في بحر إيجة. وكشف التقرير عن مشاركة الوكالة الأوروبية في 222 عملية إبعاد قسري لزوارق اللاجئين على مقربة من الجزر اليونانية، ما بين شهري مارس/آذار 2020 وسبتمبر/أيلول 2021، ضمن عمليَّة "بوسيدون" التي تقودها بالتعاون مع حرس الحدود اليوناني.

وشملت 22 من العمليات التي نفذتها عناصر "فرونتكس" ما مجموعه 957 طالباً للجوء، ورصدت جريدة "لوموند" الفرنسية (التي شاركت في صياغة التقرير) عبر تحليلها بيانات الوكالة، أن الزوارق التي كان يستقلها طالبو اللجوء مطابقة لزوارق مطاطية كان حرس الحدود اليوناني اشتراها سابقاً، ما يثبت أنهم وصلوا إلى الأراضي اليونانية وجرى إرسالهم مجدداً نحو البحر بدلاً من إنقاذهم.

وتشمل عملية "بوسيدون" نوعين من إجراءات الإعادة القسرية، الأولى تجري بإيقاف الزوارق التي تقلّ طالبي اللجوء في عرض مياه إيجة، ومحاصرتها لمنعها من التقدم أو الرسو على الأراضي اليونانية، فيما يجري النوع الثاني عبر تزويد اللاجئين بعد وصولهم بقوارب مطاطية، بلا أي مساعدات غذائية أو طبية أخرى، وإرغامهم على العودة إلى البحر.

وتُعرّف الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان عمليات الإعادة القسرية هذه بأنها "مجموعة من إجراءات الدولة التي يُجبر طالبو اللجوء والمهاجرون بموجبها على العودة عبر الحدود دون مراعاة لظروفهم الفردية ودون أي إمكانية لتقديم طلب الحصول على حق اللجوء أو تقديم الحجج ضد التدابير المتخذة"، وتعتبرها انتهاكاً صارخاً لقانون "حظر الطرد الجماعي" المنصوص عليه في الاتفاقية.

وحسب دانا شالمز، خبيرة القانون الدولي بمؤسسة ماكس بلانك، فإن الوكالة الأوروبية "حتى وإن لم تشارك عملياً في تنفيذ إجراءات الترحيل القسري، أو إذا ما كانت زوارقها ساهمت فقط في إحداث الموجات لدفع زوارق طالبي اللجوء بعيداً، لتترك للسلطات اليونانية المجال لتنفيذ أعمال قذرة، فإنها متورطة" في كل الانتهاكات الحاصلة.

ويحكي لاجئ سوري يُدعى أحمد، ما عاشه خلال عملية الإبعاد القسري التي مر بها في رحلته نحو أوروبا عام 2021، إذ كان يستقل قارباً برفقة نحو 200 شخص بينهم 40 طفلاً. وبعد أن حاصرتهم زوارق خفر السواحل اليونانية، نزل منها ما بين 10 و15 عنصراً مسلحاً، وانهالوا عليهم بالضرب والإهانات.

ويقول أحمد: " كانوا جميعاً يحملون بنادق وسكاكين وكانوا يرتدون ملابس سوداء وأقنعة، وبدؤوا في ضرب الناس بالهراوات بحثاً عن القبطان.. لكموني على وجهي وكسروا نظارتي". هذا قبل أن يجبروهم على ركوب قوارب مطاطية والعودة إلى البحر.

وتتفق تقارير وسائل الإعلام الأوروبية والمنظمات الحقوقية وشهادات اللاجئين، على أن خفر السواحل التركي هو الوحيد الذي يتقدم لنجدة اللاجئين بعد أن تبعدهم السلطات اليونانية بهذه الطريقة.

TRT عربي