تابعنا
سيكون دعم إيران لنظام الأسد بعد قانون قيصر مختلفًا عن العشر سنوات الأخيرة، فلم تتوقف تصريحات المسؤولين الإيرانيين باعتبار القانون يمسّ بلادهم التي لن تكون بمنأى عن سطوة القانون الذي اعتمدته واشنطن ودخل حيز التنفيذ 17يونيو/حزيران.

اهتمت الصحافة الإيرانية بقرار تطبيق قانون "حماية المدنيين في سوريا" أو ما يعرف بـ"قانون قيصر" على سوريا وحليفتيها روسيا وطهران، ولم تتوقف تصريحات المسؤولين الإيرانيين باعتبار القانون يمسّ بلادهم، الحليفة الأكبر لسوريا والتي لن تكون بمنأى عن سطوة القانون الذي اعتمدته واشنطن ودخل حيز التنفيذ 17يونيو/حزيران.

سيكون دعم إيران لنظام الأسد بعد قانون قيصر مختلفًا عن العشر سنوات الأخيرة، ذلك أنَّ إيران تمرّ بظروف اقتصاية عصيبّة فرضها تراكم العقوبات الأمريكية، وعلى حد قول النائب الأوّل للرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري: "يعيش الإيرانيون حياة اقتصادية صعبة.. لا يمكن أن نغفل عنها".

كما تتكبد إيران تكاليف باهظة بسبب الإنفاق العسكري الكبير لتغذية أذرعها وحلفائها وعلى رأسها النظام السوري. ففي تصريحات سابقة لعضو لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيرانيحشمت الله فلاحت بيشه، قال إنَّ إيران قدمت لنظام الأسد 20 مليار دولار في العشر سنوات الأخيرة وهي أموال الإيرانيين ويجب أن يعيدها الأسد. ودارت حينها معركة تصريحات طاحنة بين فلاحت بيشه وحسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة "كيهان" المقربة من المرشد.

تعاني إيران في وضع اقتصادي لا تحسد عليه. فقد بلغ عجز موازنة البلاد 33 ملیارًا و333 ملیون دولار. وما يزيد الأمر سوءا هو التهرب الضريبي، وعدم ضبط النفقات، والفساد الأمر الذي دفع صحيفة "جهان صنعت" الإيرانية للقول في افتتاحيتها في وقت سابق أن "على الرئيس روحاني أن يعلن عن هدنة في حرب رفع الأسعار التي تعيشها البلاد".

وفي خضم كل هذا تعصف كورونا بالعالم كلّه وتزيد نسبة البطالة وتعرقل القدرة الشرائية وتفاقم التضخم الذي يعاني منه الاقتصاد الإيراني أصلا، ويربك دوائر القرار التي بدأت تعلم يقينًا مدى سخط الشارع على إدارة الدولة، خصوصاً تجاه قضايا المال الذي يصل أذرع وحلفاء إيران الإقليميين، وعلى رأسهم النظام السوري الذي يقف اليوم على عتبات مرحلة حرجة غير مسبوقة.

من أوائل ردود الأفعال على تطبيق قانون"قيصر"، كان تصريح جهانغيري الذي قال: "إنَّ الجمهورية الإسلامية لن تتوانى عن الوقوف بجانب سوريا أمام الضغوطات المفروضة عليها"، وذلك خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء السوري الجديد حسين عرونس.

كعادة المسؤول في إيران لا يمكنه تجاوز السياسات العليا للجمهورية الإسلامية، تلك التي يخطها المرشد الأعلى ويدافع عنها تياره "الأصوليون"، وحين يتعلق الأمر بسوريا فثمّة خطوط حمراء لا يستطيع تجاوزها حتى رئيس الجمهورية.

من جانبه صرح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي بحدّة واضحة ويقول إن قانون قيصر إرهاب إقتصادي أمريكي ولن تقف إيران مكتوفة الأيدي أمامه، بل ستساعد وتعزز روابطها الاقتصادية بالأمة السورية”، على حد قوله.

وفي مقالة للمحلل السياسي الإيراني حبيب حسيني فرد، يقول إن "قانون قيصر تجاوز فكرة العقوبات ويأتي بصورة حرب نظامية ستضع سوريا على المحّك، وسيعيد صياغة المشهد السياسي والعسكري في سوريا ليفتح باب رحيل أو بقاء الأسد بشكل جدي، وبطبيعة الحال سيقود هذا إلى الوجود الإيراني في سوريا ونفوذها المستمر منذ عشر سنوات، ليكون قانون قيصر تحديًا واضحًا للحضور الإيراني في سوريا ودول الإقليم".

من جانبه، يرى هادي برهاني المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة طهران في مقال سابق، أن العقوبات على إيران -وحلفائها بالضرورة- ليست بعيدة عن الخصومة الإيرانية الإسرائيلية.

حيث يرى أنَّ الترويج الإعلامي والدبلوماسي لمظلومية إسرائيل –المزعومة- ودفاعها عن نفسها من خلال ضرب المواقع الإيرانية في سوريا مجرد ورقة رابحة للضغط على الرأي العالمي وإقناعه بضرورة كبح نفوذ إيران التي وصلت حدود الأراضي المحتلة.

ويتابع برهاني بأن هذا "يفتح بابًا آخر في فهم العقوبات على إيران، وهو أن إسرائيل قادرة على الترويج لنفسها بحكم انخراطها في المشهد الدولي بوصفها "ضحية"، أما إيران فهي دولة تنشر أذرعها في دول الإقليم وتواجه دعاية مضادة من جيرانها.

في الوقت ذاته يكسب نتنياهو تأييد شعبه (يدافع عنهم) بينما تخسر إدارة إيران تأييد شعبها الرافض أصلًا تدخلها في شؤون جيرانها وإفقار الشعب باسم دعم الحلفاء والأذرع.

وأول ما سيعود إلى الواجهة في المشهد الداخلي بإيران هو الشعار الذي يرفعه الإيرانيون في احتجاجاتهم الدائمة "لا حزب الله ولا سوريا.. إيران أولًا".

ويرى خبراء أن إيران تحرص على الترويج لسياسة الدولة العليا المستمدة من مفاهيم واصطلاحات الثورة، والتنشئة التي تربى عليها جيل ما بعد الثورة من السياسيين الحاليين بمختلف اتجاهاتهم سواء الأصوليين أو المحافظين أو المعتدلين وأحيانًا يتقاطع هذا مع قلّة من المستقلين الذين إذا وصلوا لسلطة أو لقدرة على التأثير، فيكون لزامًا عليهم تبني هذه السياسة التي مفادها أنَّ إيران بلا حلفائها صيد سهل لأعداء إيران والثورة الإسلامية، وأنّ حلفاء إيران (حيث توجد أذرعها) غطاء يقف عائقًا أمام من يحاولون النيل من الثورة الإسلامية.

وفي سوريا اليوم تقف إيران، حسب ما يرى الكثير من المراقبين، على أعتاب مرحلة متقدمة في معركة نفوذها وهي تقف على أرضية زلقة باقتصادٍ متردٍ، وجائحة فيروسية وسخط شعبي وعقوبات على الأبواب بسبب البرنامج النووي الذي ربما يتركها دون دعم الأوربيين باعتبارهم الملاذ الأخير.

وقد بدأ هذا الدعم بالتقهقر فعلًا لأن تحركات إيران الأخيرة للبحث عن حلفاء جدد تظهر بوضوح في الآونة الأخيرة وبدأت قبل أيام من خلال اللجوء نحو تركيا

جميع المقالات المنشورة تعبِر عن رأي كُتَابها ولا تعبِر بالضرورة عن TRT عربي.

TRT عربي