"نهاية حقبة أمريكا".. هل تطلق زيارة شي للسعودية مرحلة التحالفات الآسيوية؟ / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

وصل الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى المملكة العربية السعودية الأربعاء في رحلة رسمية تستغرق ثلاثة أيام، وهي أول زيارة له إلى أكبر مصدر للنفط الخام في العالم منذ عام 2016. وستشهد الرحلة حضور اجتماعات ثنائية مع العاهل السعودي الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إلى جانب قمة مع دول مجلس التعاون الخليجي الست والقمة الصينية العربية التي كثر الحديث عنها.

وبشكل مشابه -أو أكثر- للحفاوة التي تلقاها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب خلال زيارته للرياض عام 2017، والمخصصة بالعادة للحليف الاستراتيجي للمملكة، الولايات المتحدة، يحظى شي بحفاوة مشابهة.

ومن خلال الفرق الكبير مع زيارة بايدن للمملكة قبل أشهر التي فشل خلالها في إقناع السعودية بزيادة إنتاج النفط، فإن رحلة شي إلى المملكة العربية السعودية تحمل رسالة ضمنية إلى الولايات المتحدة. فرغم مناشدات واشنطن المتكررة لحلفائها العرب في الخليج لرفض العروض التجارية للصين، تستمر علاقة المنطقة مع بكين في التطور، ليس فقط في التجارة ولكن أيضاً في الأمن. وفقاً لشبكة سي إن إن الأمريكية.

تحالفات جديدة

بالنسبة إلى الصين فإن هذا التقارب الصيني-السعودي من شأنه أن يوفر فرصة لتوسيع بصمة بكين الجيوسياسية في المنطقة، خصوصاً أنها ستحتاج أيضاً إلى مزيد من النفط السعودي حيث تبدأ أخيراً تخفيف قواعد كوفيد. كما تجدر الإشارة إلى أن الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، تستورد أكثر من ربع النفط الذي تنتجه السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم.

وفي الوقت الذي ترغب فيه السعودية بوجود حليف قوي تؤكد من خلاله للولايات المتحدة أن الرياض لديها داعم قوي، فإن الصين بالمقابل، تبحث بشكل متكافئ عن موضع قدم لتعزيز حضورها الجيوسياسي في المنطقة العربية، والخليجية تحديداً، حيث توجد احتياطيات النفط الخام والغاز الطبيعي والأسواق المالية ذات الدخل المرتفع، فضلاً عن المواني المهمة للخدمات اللوجستية الدولية والاستثمارات التكنولوجية ومبيعات الأسلحة.

وفي سياق متصل أكّد وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان أن العلاقات تشهد "نقلة نوعية"، مؤكداً أن المملكة ستظل "شريك الصين الموثوق به والمعوّل عليه" في مجال الطاقة وغيره، وتحدّث أيضاً عن "سعي البلدين لتعزيز التعاون في سلاسل إمدادات قطاع الطاقة، عن طريق إنشاء مركز إقليمي في المملكة للمصانع الصينية، للاستفادة من موقع المملكة المميز بين ثلاث قارات"، حسبما نقلت وكالة الأنباء السعودية.

قمم عربية-صينية

بمناسبة زيارة الرئيس الصيني قررت المملكة العربية السعودية أيضاً استضافة أول قمة صينية عربية، والتي من المقرر عقدها في 9 ديسمبر/كانون الأول الجاري. وقد جرى إرسال الدعوات للانضمام إلى الحدث إلى القادة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وحسب وكالة الأنباء السعودية تمثل الزيارة "فرصة مشتركة للصداقة والشراكة الاستراتيجية المتميزة التي تجمع المملكة العربية السعودية بجمهورية الصين". وخلال القمتين مع الزعماء العرب ستُناقش "سبل تعزيز العلاقات المشتركة في كل المجالات، وبحث التعاون التعاون الاقتصادي والتنموي"، وذلك "انطلاقاً من العلاقات المتميزة التي تربط دول مجلس تعاون الخليج العربي والدول العربية" مع الصين.

من جهتها قالت وزارة الخارجية الصينية الأربعاء إن البرنامج يمثّل "أكبر نشاط دبلوماسي على نطاق واسع بين الصين والعالم العربي منذ تأسيس جمهورية الصين".

وبالإضافة إلى القمة العربية أعلنت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي أن قمة خليجية-صينية ستعقد الجمعة، فيما أكد الأمين العام للمجلس نايف الحجرف في بيان "أهمية العلاقات الخليجية-الصينية، إذ تعد الصين الشريك التجاري الأول لدول مجلس التعاون". ووصلت قيمة التجارة الثنائية الإجمالية عام 2020 إلى نحو 161.4 مليار دولار.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن المملكة استحوذت على أكثر من 20% من الاستثمارات الصينية في العالم العربي بين عامَي 2005 و2020، مما يجعلها أكبر دولة عربية تستقبل استثمارات صينية خلال تلك الفترة.

رد الولايات المتحدة

تأتي الزيارة الصينية للمملكة في وقت تعاني في العلاقات بين واشنطن والرياض، تزامناً مع قرار المملكة الأخير خفض إنتاج النفط وزيادة أسعار الخام، وهو القرار الذي ينظر إليه بسلبية كبيرة في واشنطن.

وفي ردّه على سؤال بشأن زيارة شي قال الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي للصحفيين مع بداية زيارة الرئيس الصيني إن السعودية لا تزال حليفاً مهماً للولايات المتحدة، لكنه أصدر تحذيراً بشأن الصين. وقال: "نحن مدركون للنفوذ الذي تحاول الصين توسيعه حول العالم".

وعلى الرغم من أن الرحلة قد لا تكون لحظة فاصلة فإنها ستظل تؤثر على الديناميكيات السياسية الإقليمية في الشرق الأوسط. ومما لا شك فيه أن صناع السياسة الأمريكيين سيراقبون من كثب نتيجة الرحلة لأنها قد تحدد مستقبل العلاقات الثنائية بين الرياض وواشنطن.

TRT عربي