الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رفقة نظيره الروسي فلاديمير بوتين (AA)
تابعنا

يعقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين لقاء في مدينة سوتشي الروسية الأربعاء 29 سبتمبر/أيلول الجاري، يبحثان خلاله عدداً من الملفات المتعلّقة بسبل تعزيز العلاقات بين البلدين، أهمها آخر التطورات في محافظة إدلب السورية، والحديث عن التعاون العسكري وبالأخص ملف منظومة الدفاع الجوي S-400 الروسية، إضافة إلى عدد من القضايا الإقليمية.

وأعلن الرئيس أردوغان للصحفيين عن زيارته روسيا من "البيت التركي" في ولاية نيويورك الأمريكية، التي زارها الأسبوع الماضي بُغية المشاركة في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ويأتي اللقاء وسط تصاعد الهجمات الجوية في محافظة إدلب السورية خلال الآونة الأخيرة، إضافة إلى توتر يشوب علاقة تركيا بأمريكا، لا سيما عقب تصريحات الرئيس التركي خلال كلمته داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة وبعدها، والتي حملت انتقادات حادة إزاء واشنطن، إذ صرّح بأنّ: "العلاقات التركية-الأمريكية ليست على ما يرام. أمنيتنا كانت أن تتقدم العلاقة بين دولتين أطلسيتين في إطار الصداقة وليس وسط أجواء الخصومة، لكن مسار الأمور اليوم لا يبشر بالخير".

فما أبرز الملفات المزمع وضعها على جدول الأعمال خلال اللقاء المشترك بين الرئيسين التركي والروسي؟

إدلب والشأن السوري

كشف الرئيس أردوغان أنّ أجندة لقائه مع نظيره الروسي "ستشمل مستجدات الوضع في منطقة وقف التصعيد بمحافظة إدلب السورية، (..) وما وصلنا إليه في سوريا وما سنحرزه هناك في المستقبل".

ويكتسب ملف إدلب أهمية بالغة عقب تصاعد الهجمات الجوية للنظام السوري وحلفائه خلال الآونة الأخيرة، التي استهدفت المدنيين في المحافظة الحدودية مع تركيا.

وتسعى تركيا للحفاظ على الأمن وحماية المدنيين من خلال مكافحة التنظيمات الإرهابية في الشمال السوري، وهو ما لفت إليه وزير الدفاع التركي خلوصي أقار الاثنين، مشدّداً التزام بلاده بمذكرة التفاهم الروسية-التركية، واحترامها أمن دول الجوار وحدودها وحقوقها السيادية.

ويتحدّث مراقبون عن "خارطة طريق" لمستقبل إدلب سيجري تنسيقها بين أنقرة وموسكو، من ضمنها مراجعة وضع نقاط المراقبة العسكرية التركية بالمحافظة السورية، إضافة إلى إحياء الدوريات التركية-الروسية المشتركة ضد التهديد المتزايد في المنطقة وتفعيل أنظمة المراقبة.

وفي مايو/أيار 2017 أعلنت تركيا وروسيا وإيران التوصّل إلى اتفاق على إقامة "منطقة خفض تصعيد" في إدلب، ضمن اجتماعات أستانة المتعلّقة بالشأن السوري.

إلا أن قوات النظام السوري وداعميها يهاجمون المنطقة بين الحين والآخر، على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 5 مارس/آذار 2020.

دفعة ثانية من S-400

وقّعت أنقرة عام 2017 صفقة مع موسكو لامتلاك منظومة الدفاع الجوي الروسية S-400 مقابل 2.5 مليار دولار، واكتملت الصفقة عام 2020 إبّان تسلُّم المنظومة واختبارها في السماء التركية استعداداً لتفعيلها.

ويأتي ذلك في إطار الجهود التي تبذلها تركيا لحماية سيادتها الوطنية وأمنها القومي.

وحسب خبراء عسكريين فإنّ تركيا بحاجة إلى المزيد من البطاريات من طراز S-400 حتى توافر الحماية اللازمة وتغطية النقاط الحرجة داخل المجال الجوي التركي من خلال استخدام رادارات إضافية من شأنها رفع كفاءة المنظومة الدفاعية.

ويرى متابعون أن لقاء الرئيسين التركي والروسي قد يسفر عن توقيع اتفاق حول دفعة ثانية من منظومة S-400 تحصل عليها أنقرة، لا سيما وسط توتر علاقتها مع واشنطن التي حاولت مراراً منع تركيا امتلاك منظومة الدفاع الروسية، عبر تلويحها بفرض عقوبات بموجب قانون "كاتسا"، لكن ذلك لم يردع أنقرة عن دفاعها عن حقها في التسليح ومضيها في تعاونها العسكري مع موسكو.

وساطة روسية بين تركيا وأرمينيا؟

تجمع تركيا وأرمينيا علاقة متوترة لعقود تسببت فيها مزاعم "مذابح الأرمن" التي تثيرها أرمينيا ودول غربية بين الحين والآخر، إضافة إلى معارك قره باغ العام الماضي التي تكبّدت فيها يريفان خسائر فادحة عقب تحرير الإقليم وعودته إلى الحكم الأذربيجاني بدعم تركي.

غير أنّ تحسناً مفاجئاً في العلاقة بين البلدين طرأ على الساحة خلال الأسابيع القليلة الماضية، إذ تبادل الطرفان رسائل إيجابية تضمّنت ترحيباً بإمكانية الحوار وبدء خطوات تدريجية لكسر الجمود تمهيداً لإمكانية "فتح صفحة جديدة".

ويرجّح محلّلون أنه مع النظر إلى الدور الروسي وتأثيره على توجهات أرمينيا وسياساتها الخارجية، فمن المتوقع "أن تلعب روسيا دوراً محورياً في أي مساعٍ للتقارب بين تركيا وأرمينيا، لما تتمتع به موسكو من علاقات متقدمة مع الجانبين".

التنسيق بشأن الحكومة الأفغانية الجديدة

باتت سيطرة حركة طالبان على السلطة في أفغانستان محور حديث زعماء العالم خلال الفترة الماضية، لا سيما بعد نهج إدارة بايدن الذي نتج عنه فوضى عارمة تخلّلت عملية الانسحاب الأمريكي من أفغانستان.

وسبق أن تطرّق الزعيمان التركي والروسي عبر اتصال هاتفي إلى الأوضاع في أفغانستان عقب سيطرة الحركة على الحكم، إذ لفت أردوغان إلى أنّ تركيا يمكنها تحمُّل مسؤولية تأمين مطار كابل وتشغيله مستقبلاً إذا تهيأت الظروف المناسبة.

فيما اتفق الرئيسان على التنسيق المشترك بشأن العلاقات المزمع إقامتها مع الحكومة الأفغانية الجديدة، وهو ما أكّدته تصريحات لأطراف وازنة في الإدارة الروسية، آخرهم وزير الخارجية سيرغي لافروف ومتحدث "الكرملين" دميتري بيسكوف.

ويرى سمير صالحة أستاذ القانون الدولي بجامعة "كوجالي" التركية أن "تطورات الأحداث بأفغانستان وطريقة تعامل إدارة بايدن مع الملف" إضافة إلى دعم واشنطن للتنظيمات الإرهابية المعادية لأمن تركيا القومي تتسبب في تصعيد التوتر بين أنقرة وواشنطن.

وأردف صالحة: "الرد التركي الحقيقي على واشنطن سيأتي خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي سيعقده أردوغان مع بوتين في سوتشي الروسية إذا حصل على ما يريده هناك".

"السيل التركي"

يعتبر مشروع نقل الغاز الروسي إلى أوروبا أو ما يُعرف بـ"السيل التركي" أحد أبرز المشاريع الاستراتيجية العملاقة بين تركيا وروسيا.

ويهدف المشروع إلى مدّ أنبوبين بسعة 15.75 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً لكل منهما، من روسيا إلى تركيا مروراً بالبحر الأسود، بحيث يغذّي الأنبوب الأول تركيا والثاني دول أوروبا.

ووُقّعت الاتفاقية الخاصة بالمشروع بين حكومتَي البلدين في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2016، وصُمّم المشروع ليعمل 50 عاماً على الأقلّ، فيما افتُتح المشروع في 8 يناير/كانون الثاني 2020، بمشاركة الرئيسين أردوغان وبوتين.

ويتوقّع مراقبون أن يتخلّل جدول الأعمال أثناء لقاء الرئيسين بسوتشي الروسية حديث عن النجاح الباهر لـ"السيل التركي" الذي يشرف على دخوله العام الثالث، علاوة على سبل تطوير مشاريع استراتيجية جديدة بين البلدين.

TRT عربي