تعرّف علاقات رئيس وزراء المجر مع بوتين؟ (Kremlin Basin Servisi/AA)
تابعنا

أجهض موقف الحياد السلبي المجري من الحرب الأوكرانية قمة دفاعية لمجموعة فيشغراد كان من المزمع أن تحتضنها بودابست يوم الثلاثاء، بعد أن أعلن كل من بولندا والتشيك عدم مشاركتها احتجاجاً عمَّا سمته ميل فيكتور أوربان وحكومته إلى الجانب الروسي.

يأتي ذلك في وسط الرهانات الاستراتيجية والإنسانية الكبيرة التي تواجهها منطقة أوروبا الوسطى، جراء الحرب المندلعة منذ 24 فبراير/شباط الماضي. حيث تستقبل الاقتتال مباشرة على حدودها، وتجني من ذلك موجات من اللاجئين الأوكرانيين بلغ تعدادهم أربعة ملايين، حسب تقديرات أخيرة.

فيما يكشف الموقف المجري من الحرب، ومناقضته التوجه العام الأوروبي، وأكثر منه توجه جيرانه في فيشغراد، عن حجم التقارب بين حكومة بودابست وموسكو. ما أُفصح عنه في أكثر من مرة قبلها، عبر امتداح أوربان سياسات بوتين، أو عبر دعمه لها مقابل التشكيك في صلاحية الاتحاد الأوروبي.

إجهاض القمة الدفاعية

أطلعت مصادر من وزارة الدفاع السلوفاكية موقع بوليتيكو الأمريكي أن "بودابست هي التي قررت تأجيل قمة الدفاع لمجموعة فيشغراد". بعد أن كانت ستحتضنه بموجب رئاستها المجموعة التي تضم إضافة إليها كلاً من بولندا والتشيك وسلوفاكيا. وكان من المزمع خلالها مناقشة الشراكة لدفاعية والثقافية لدول المجموعة.

فيما لم يبدأ إجهاض القمة عند لحظة القرار المجري، بل قبل ذلك يوم الجمعة، حين انسحبت وزيرة الدفاع التشيكية يانا سيرنوشوفا منها، مبررة ذلك عبر تغريدة قالت فيها: "لن أشارك في القمة المجرية، فلديهم انتخابات الأسبوع المقبل، ولا أقبل أن أكون جزءاً من حملة فيكتور أوربان". وأضافت: "كنت دوماً داعمة لآلية فيشغراد، لكن من المؤسف جداً أن يكون النفط الروسي أكثر أهمية لدى السياسيين المجريين من الدم الأوكراني".

بعدها أعلن الناطق باسم الخارجية البولندية مارسين برزيداتش، أن بلاده هي الأخرى "ستتجاهل" قمة بودابست. وأردف في حوار له على التلفزيون الرسمي البولندي، مذكراً بكلمات الرئيس أندري دودا، قائلاً: "عندما نكون أمام قتلى بالآلاف، يصبح من الصعب تفهم موقف رئيس الحكومة المجري".

وتعد بولندا من أشد الداعين إلى فرض حظر على الواردات الروسية من الطاقة، الأمر الذي تعارضه بودابست بنفس الشدة، مجادلة بأن أي تدابير تستهدف الطاقة أو خطط لبعثة "حفظ سلام" تابعة للاتحاد الأوروبي في أوكرانيا تمثل خطاً أحمر بالنسبة لروسيا وتدخل المنطقة في صراع من الممكن تفاديه.

علاقات أوربان الوطيدة ببوتين

هذا واتخذت بودابست موقف حياد سلبي من الحرب في أوكرانيا، ذلك ما يكشف عنه تصريح رئيس وزرائها فيكتور أوربان، ثلاثة أيام بعد اندلاعها، إذ قال: "اسمحوا لنا أن نبقى بعيدين عن هذا النزاع المسلح، ودعونا ألا نطبق عقوبات قد ننتهي بدفع ثمنها جميعاً". إضافة إلى ذلك رفضت المجر بأن تسمح بمرور المساعدات العسكرية الغربية إلى أوكرانيا عبر أراضيها.

بل أكثر من ذلك، أظهر خطاب الخارجية المجرية تماهياً كبيراً مع خطاب الكرملين إزاء أوكرانيا واتهامه إياها باضطهاد الأقليات العرقية في البلاد. إذ قال وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو مطلع شهر فبراير/ شباط الماضي، إنه "من الصعب الاستمرار في تقديم الدعم لكييف ما لم تغير من سياساتها إزاء الأقليات العرقية بالبلاد".

وتمثل الحكومة المجرية أحد الأعضاء النشطين داخل الناتو ضد انضمام أوكرانيا إليه، ويعود إليها دور عرقلة لقاء وزاري بين المسؤولين الأوكرانيين ونظرائهم في الحلف سنة 2018. ما دفع عديداً من المحللين السياسيين والمختصين في العلاقات الدولية إلى وصف بودابست بـ"حصان طروادة" الروسي داخل الناتو والاتحاد الأوروبي.

ومقابل التشكيك الدائم في سياسات الاتحاد الأوروبي والانتقاد للخط اللبيرالي الذي يديره، يمتدح رئيس الوزراء اليميني الشعبوي فيكتور أوربان خطَّ الرئيس فلاديمير بوتين. ومع احتدام التوتر السابق للهجوم على أوكرانيا، زار أوربان موسكو وثمّن من هناك علاقاته الوطيدة بزعيمها، كما برر ذلك بطمعه في الحصول على غاز بأثمان "رخيصة" من روسيا.

وفي هذا السياق، تعتمد المجر بشكل كامل على وارداتها من الغاز والنفط الروسي. فيما قرأ مراقبون في حركته تلك بحثه عن دعم سياسي من روسيا لحملته الانتخابية الجارية. هذا وتشهد المجر اقتراعاً عام في الـ 3 أبريل/نيسان القادم.

TRT عربي