تابعنا
بتهمة التآمر الأجنبي والضغط على السياسات الخارجية الأمريكية لصالح دولة الإمارات، أُلقيَ القبض على رئيس لجنة تنصيب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عام 2017 توماس باراك، إلى جانب مجموعة من الأسماء الأخرى المتهمة في القضية.

كشفت مؤخرا مراكز بحثية وإعلامية، عن تفاصيل تطوير أبو ظبي استراتيجية ضغط مكثفة في واشنطن، وتأثيرها في السياسات الخارجية الأمريكية، بخاصة في ما يتعلق بملف الشرق الأوسط، في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، الذي عُرف بمواقفه الاسترضائية للإمارات.

وتواصلت الحقائق بالظهور، منذ وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الحكم، الذي يبدو أنه ينوي انتهاج سياسية مختلفة، قد تؤطّر العلاقة بين البلدين بشكل مغاير.

وفي السياق ذاته أُلقيَ القبض الثلاثاء 20 يوليو/تموز الجاري على توم باراك، صديق ترمب المقرب، ورئيس لجنة تنصيبه سنة 2017 بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية سنة 2016، وذلك بعد أن كشفت التحقيقات تورطه بشكل غير قانوني في الضغط على السياسات الخارجية الأمريكية لصالح دولة الإمارات.

باراك ينفي عن نفسه العمالة

بزعم أنه عميل ووكيل غير مسجَّل رسمياً لدولة أجنبية، أُلقيَ القبض على مستشار الحملة الرئاسية لدونالد ترمب ورئيس لجنة تنصيبه بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، الميلياردير الشهير توم باراك البالغ من العمر 74 عاماً.

ويُعتبر باراك آخر المسؤولين في إدارة ترمب السابقة، الذي يواجه تهماً فيدرالية. ورغم أنه أنكر في مقابلة سابقة مع مكتب التحقيقات الفيدرالي في يونيو/حزيران 2019 وجود علاقات بينه وبين بعض دول الخليج العربي، فإن القضية رجعت لتطفو إلى السطح من جديد عقب الكشف عن تفاصيل ومعلومات، تؤكد تورطه في استخدام علاقاته الشخصية للتأثير في مسار السياسات الخارجية والقرار الأمريكي في ما يتعلق بأبو ظبي.

ووردت في لائحة الاتهام الصادرة عن قسم الأمن القومي بوزارة العدل الموجهة إلى باراك عدة تهم، من بينها التآمر وعرقلة سير العدالة والإدلاء ببيانات كاذبة متعددة لمكتب التحقيقات الفيدرالي.

وإلى جانب توماس باراك، اتهم ماثيو غرايمز والإماراتيان راشد سلطان وراشد الملك الشحي، بالسعي لتعزيز مصالح حكومة الإمارات من خلال التأثير على مسؤولي ترمب ومن خلال الظهور في وسائل الإعلام، إذ أشار بعض التقارير إلى تضمين باراك للإشادة بدور الإمارات في خطابات ترمب خلال الحملة الانتخابية سنة 2016، كما ضغط لتكليف الشخصية المفضلة للإمارات لتكون سفيرة الولايات المتحدة في أبو ظبي، ونقل بعض المعلومات الدقيقة والحساسة عن توجه الموقف الأمريكي في ملف مقاطعة دولة قطر.

وتعود العلاقة بين ترمب وباراك إلى ثمانينيات القرن الماضي، إذ كانت تجمعهما تبادلات ومعاملات تجارية، إذ كان باراك يمثل قطباً عقارياً عالمياً هامّاً. وسعى توماس باراك بدوره لجمع التبرعات في الحملة الانتخابية لدونالد ترمب، التي قُدرت بنحو 107 ملايين دولار، مما جعله في مرمى التحقيق والتدقيق الفيدرالي، ودعم مرشحه ووفّر له الاستشارات والتوجيهات اللازمة.

وفي هذا الإطار صرح مارك ليسكو، القائم بأعمال مساعد المدعي العام، بأن باراك استفاد من صداقاته، وعلاقاته مع مرشحه الفائز بكرسي الحكم، ومسؤولين رفيعي المستوى في الحكومة الأمريكية، لتعزيز أهداف الإمارات.

ورغم اللائحة الطويلة من التهم، والتفاصيل التي كُشف عنها تباعاً في ما يتعلق بملف القضية، يدعي باراك أنه مجرد صديق وداعم مخلص، وينفي تهم العمالة والتآمر لأطراف أجنبية عن نفسه، فيما يذهب بعض وجهات النظر إلى أن رجل الأعمال الملياردير الشهير يتحرك وفق ما تمليه عليه المصلحة، وعمله سواء مع الإمارات أو غيرها كان بدافع الحفاظ على إمبراطوريته العقارية.

وبذلك يكون اتهام باراك واعتقاله، مؤشراً إضافياً على تورط الإدارة الأمريكية السابقة في اتخاذ قرارات وتمريرها تحت الطاولة، بفعل تأثير العلاقات الشخصية والمصالح المشتركة.

اللوبي الإماراتي والتأثير في السياسات الأمريكية

تُعتبر أبو ظبي من أهم المشاركين في الاقتصاد الأمريكي، وتشير تقارير إلى أن قيمة المحفظة التي تمتلكها أبو ظبي في الولايات المتحدة تتراوح بين 250 و500 مليار دولار.

كما تُعَدّ الإمارات ثالث أكبر زبون للولايات المتحدة الأمريكية في قطاع الأسلحة والمعدات العسكرية، وبالتالي فإن حجم المبادلات والعلاقات الاقتصادية بين البلدين يجعل مواجهتها واستعداءها قراراً استبعدته إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، وفي المقابل استرضت أبو ظبي في بعض الملفات.

كذلك استعانت الإمارات في السياق ذاته بجماعات ضغط داخل واشنطن وضخت ملايين الدولارات، للدفع بالسياسات الخارجية الأمريكية لدعمها، سواء إعلامياً أو سياسياً.

ووفقاً للبيانات التكميلية لقانون تسجيل الوكلاء الأجانب الصادر في 2018، فإنه أُبلِغَ عما يزيد على 3168 ناشطًا سياسياً يعمل لصالح الإمارات قادراً على التأثير في وكالة أو مسؤول في الحكومة الأمريكية أو أي قطاع من الجمهور، في ما يتعلق بالسياسات الداخلية أو الخارجية لواشنطن عبر شركات تعمل لصالح الإمارات.

كما رُصدَت مكاتب وشركات ومراكز بحثية وإعلامية، تتواصل بكثافة مع جهات حكومية ومسؤولين رفيعي الممتوى داخل السياسية الأمريكية، للتأثير في تشكيل مسار السياسات الخارجية لصالح دولة الإمارات.

TRT عربي