أزمة حقل الدرة.. لماذا تعترض إيران على اتفاق السعودية والكويت؟  - صورة أرشيفية (AFP)
تابعنا

تلوح في الأفق بوادر أزمة جديدة بين إيران وبلدان الخليج، بعد توصل السعودية والكويت يوم 21 مارس/آذار الجاري، إلى اتفاق حول تطوير حقل الدرة للغاز الطبيعي. ووصفت طهران الخطوة بغير القانونية، واستثناء لها وتعدٍ على حقها في هذا الحقل.

وإن كان الخلاف حول هذا الحقل ليس بالأمر الجديد، إذ إن البلدان الثلاثة لم تتوصل إلى الآن إلى اتفاق رسمي بشأن ترسيم الحدود في هذه المنطقة، إلا أن الأزمة تتزامن هذه المرة مع تصاعد حدة التوتر بين طهران وأغلب بلدان مجلس التعاون الخليجي، على خلفية عدة ملفات، إضافة إلى اندلاع أزمة الطاقة العالمية، نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية.

ويرجح بالتالي، مراقبون ومحللون، أن إثارة الملف في هذه المرحلة، قد يكون لتوظيفه "سياسياً" أو استخدامه كورقة ضغط.

السعودية والكويت توقعان اتفاقية حقل الدرة

استكمالاً لمذكرة التفاهم التي وقعها البلدان في ديسمبر/كانون الأول 2019، والتي تضمنت العمل المشترك على تطوير واستغلال حقل الدرة، توصلت الرياض والكويت يوم 21 مارس/آذار الجاري إلى توقيع اتفاق بشأن تطوير الحقل.

وقالت وزارة النفط الكويتية في بيان صحفي، إن شركة عمليات الخفجي المشتركة، وهي مشروع مشترك بين شركة أرامكو لأعمال الخليج والشركة الكويتية لنفط الخليج، ستتفق على اختيار استشاري لإجراء الدارسات الهندسية اللازمة لتطوير الحقل.

وأوضحت أن توقيع المحضر، يأتي تنفيذاً لمقتضى مذكرة التفاهم التي وقعتها السعودية والكويت في 24 ديسمبر/كانون الأول 2019، والتي تضمنت العمل المشترك على تطوير واستغلال حقل الدرة.

وذكرت أنه من المتوقع أن يؤدي تطوير الحقل، إلى إنتاج مليار قدم مكعب قياسي من الغاز الطبيعي يومياً، إضافة إلى إنتاج 84 ألف برميل من المكثفات يومياً.

وحسب البيان، فإن الإنتاج سيقسم بالتساوي بين الشريكين، استناداً إلى خيار "الفصل البحري"، بحيث تُفصل حصة كل من الشريكين في البحر.

وتشمل المنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية حقلي "الخفجي" و"الوفرة"، ويتراوح إنتاجهما بين 500 و600 ألف برميل نفط يومياً، مناصفة بين الدولتين.

إيران ترفض الاتفاقية

في خضم الترحيب السعودي الكويتي بإبرام اتفاقية حقل الدرة، أبدت وزارة الخارجية الإيرانية استنكارها ومعارضتها لهذه الخطوة التي وصفتها بغير القانونية، باعتبار أن إيران تتشارك مع الطرفين في هذا الحقل.

وكتبت الخارجية الإيرانية، في تغريدة على تويتر "حقل آرش/الدرة للغاز هو حقل مشترك بين دول إيران والكويت والسعودية".

وشددت على أن "هناك أجزاء منه في نطاق المياه غير المحددة بين إيران والكويت. تحتفظ الجمهورية الإسلامية لنفسها بالحق في استغلال حقل الغاز"، على حد تعبيرها.

ومن جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية، سعيد خطيب زادة، في تصريح نقلته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية: "وفقا: للأعراف الدولية فإن أي خطوة للاستثمار والتطوير في هذا الحقل يجب أن تكون بالتنسيق والتعاون بين الدول الثلاث".

وتابع قائلاً: "لذا فإن الخطوة الأخيرة للكويت والسعودية التي جاءت في إطار وثيقة للتعاون غير قانونية ومناقضة للأعراف الجارية والمحادثات المنجزة سابقاً ولا تأثير لها على الوضع القانوني للحقل ولا تحظى بموافقة الجمهورية الإسلامية الإيرانية".

وأبدى زادة استعداد بلاده، للدخول في مفاوضات مع الكويت والسعودية حول كيفية الاستثمار في الحقل، و"بالتزامن مع ذلك مواصلة المفاوضات الثنائية مع الكويت في إطار نتائج المفاوضات السابقة معها حول تحديد حدود الجرف القاري وكذلك بدء المفاوضات ثلاثية الجانب لتحديد النقطة الثلاثية فيما بين هذه الدول".

وعلى الصعيد ذاته، أعلن وزير النفط الإيراني، جواد أوجي، في تغريدة على تويتر، أن بلاده ستستكمل دراسات شاملة في حقل الدرة/آراش، تمهيداً لبدء تركيب منصات حفر والقيام بدراسات زلزالية.

وقال إن "التصرف من طرف واحد (يقصد السعودية والكويت) بشأن الحقل لن يمنعنا من تطبيق خطتنا".

وفي المقابل، عبرت الكويت على لسان وزير خارجيتها، أحمد الصباح، عن رفضها التصريحات الإيرانية بخصوص حقل الدرة. وقال الصباح "إيران ليست طرفاً في حقل الدرة فهو حقل كويتي سعودي خالص"، على حد تعبيره.

وأشار إلى أن الكويت والسعودية لهما وحدهما حقوقاً خاصة في استغلال واستثمار هذا الحقل، وفق الاتفاقيات المبرمة بين الدولتين، ووفقاً للقانون الدولي وقواعد ترسيم الحدود البحرية.

ومع تصاعد حدة التصريحات المتبادلة بين الطرفين، يرجح خبراء ومحللون أن طهران تنوي الاستفادة من مخزونات الحقل، في ظل ما يشهد العالم من أزمة في الطاقة نتيجة ارتفاع الأسعار.

فيما يرى آخرون، أن إيران ربما تنوي استخدام هذا الملف المتنازع عليه منذ سنوات طويلة، للضغط سياسياً على السعودية والكويت فيما يتعلق بالملف النووي.

جذور الخلاف

يعد حقل الدرة مخزناً منتظراً لإنتاج الغاز. واكتُشف في مياه الخليج عام 1967، يقع جزء من الحقل في المنطقة الحدودية بين إيران والكويت، والجزء الثاني منه في المنطقة الحدودية بين الكويت والسعودية. وأطلق على جزء الحقل الغربي الواقع في الكويت "الدرة"، والجزء الشرقي الواقع في الجانب الإيراني "آرش"، وظل موضع خلاف بين البلدين إلى اليوم.

وحسب خبراء ومختصين، فإن مخزونات الغاز تقع في الجزء الغربي للحقل أي في الجزء الموازي للحدود السعودية الكويتية.

وفي عام 2001، بدأت إيران عمليات التنقيب في الحقل، الأمر الذي دفع بالسعودية والكويت إلى الاتفاق حول ترسيم حدودهما البحرية والتخطيط لتطوير المكامن النفطية المشتركة.

ومع بدء الكويت عام 2012 تطوير الحقل عن طريق شركة الخفجي، قررت إيران أيضاً تطوير الحقل حينها والبدء في استخراج الغاز لصالحها. وانفجرت بذلك أزمة بين البلدين، لم تتوج بعدها جميع المفاوضات حول منطقة الجرف القاري على الحدود البحرية بين البلدين، بأي اتفاق رسمي يذكر.

ويعود الخلاف ليثار اليوم مجدداً، مع انطلاق الكويت والرياض في خطوات عملية لتطوير الحقل، تزامناً مع اندلاع أزمة الطاقة العالمية، وتمسك إيران في المقابل بما تعتبره "حقها الاستثماري" في الحقل.

TRT عربي