ما علاقة الغارديان البريطانية بتجارة العبيد؟ (Others)
تابعنا

جرى إلغاء العبودية في بريطانيا عام 1807، بعد أن كانت المملكة أحد المراكز المهمة لاقتصاد العبيد في ما يعرف بـ"التجارة الثلاثية العابرة للأطلسي". ومع هذا لم يمنع الإلغاء حتى بعد ذلك التاريخ من تدفق عائدات الرق إلى الأراضي البريطانية، قادمة من الولايات المتحدة والكارايبي، في شكل سلع أهمها القطن.

في بحث مستقل أطلقته شركة سكوت تراست المالكة للغارديان البريطانية الشهيرة عام 2020، كشف ارتباط رأس المال التأسيسي للصحيفة بعائدات اقتصاد الرق، بشكل مباشر أو غير مباشر، ما دفع هيئة التحرير إلى نشر اعتذار وإطلاق إجراءات لجبر ضرر تاريخها المظلم.

أسست بأموال العبودية

جرى تأسيس صحيفة الغارديان أو "ذا مانشستر غارديان" كما كان اسمها الأول عام 1821من قبل رجل الأعمال البريطاني جون إدوارد تايلور. أي أن تأسيسها أتى بعد نحو 14 سنة من إلغاء العبودية بالمملكة، لكن ذلك لم يمنع ارتباط تمويلها الأول من أن يكون من تجارة الرق العابرة للأطلسي.

وحسب نتائج التحقيق المستقل لشركة "سكوت تراست"، فإن مؤسس الصحيفة جون إدوارد تايلور، ارتبط بعائدات الرق لشراكته في تجارة القطن القادم من الولايات المتحدة، والذي كانت تنتجه مزارع تستخدم العبيد. وكتبت الغارديان أن الباحثين كشفوا استيراد شركة النسيج المملوكة لتايلور القطن من مزارع بكارولاينا الجنوبية وجورجيا، كانت تستخدم العبيد في زراعته.

إضافة إلى أن تسع أشخاص من أصل 11 الذين مولوا تأسيس تايلور للغارديان ارتبطوا باقتصاد العبودية منهم شخص يدعى سير جورج فيليبس، كان مالكاً لـ108 من العبيد، اشتغلوا لديه في مزرعة قصب سكر في جامايكا، كان شريكاً فيها.

وبعد إلغاء الرق حاول جورج فيليبس مطالبة الحكومة البريطانية بتعويضه عما وصفه بـ"فقدان أملاكه البشرية".

وفي ذات السياق نجحت الأبحاث بالعثور على أسماء أربع عبيد اشتغلوا في القطن الذي استورده جون إدوارد تايلور، استناداً إلى سجلات تعود إلى عام 1862. بالمقابل كانت المعلومات أوفر بالنسبة إلى مزرعة قصب السكر التي كان يملكها السير جورج فيليبس، إذ جرى تحديد هوية كل العبيد، من بينهم شخص يدعى غرانفيل الذي شارك في انتفاضة الرق في الجزيرة عام 1831.

اعتذارات وإجراءات لجبر الضرر

عقب انكشاف هذه المعطيات عن تاريخ الغارديان المظلم، كتبت رئيسة التحرير الحالية لصحيفة كاثرين فينر، بأنه "شعور غير مريح للغاية أن أعرف أن أحد أسلافي في المنصب، المحرر المؤسس لصحيفة الغارديان، جون إدوارد تايلور، استمد الكثير من ثروته من صناعة القطن في مانشستر، وهي صناعة اعتمدت على شركات مع مزارع القطن في الأمريكتين التي استعبد ملايين السود".

هذا واعتذر ملاك الصحيفة البريطانية، وأقروا رصد مبلغ 12.3 مليون دولار في صندق لجبر ضرر تاريخ العبودية الذي ارتبطت به المؤسسة. هذه الأموال التي ستستخدم لدعم المجتمعات سليلة العبودية في المناطق التي جرى استيراد قطن جون إدوارد تايلور وفي جامايكا منها. حيث سيجري الاستناد إلى خبراء في قضية العبودية لإدارة هذا الدعم.

كما سيجري استخدام جزء من أموال هذا الصندوق في تمويل التغطيات الإعلامية الخاصة في تغطية قضايا السود، في بريطانيا والكاريبي وأمريكا الجنوبية وإفريقيا. بجانب تقديم منح تكوين وتدريبات لصحفيين من هذه المناطق.

وفي هذا السياق أوضحت كاثرين فينر أن الغارديان ستطلق سلسلة من التغطيات الإعلامية الخاصة حول ارتباط صناعة القطن البريطانية بالعبودية. كما وعدت بتنويع أكثر في فريق عمل الصحيفة، واستكتاب أكبر للصحفيين الملونين بخاصة من ذوي البشرة السمراء.

TRT عربي