تابعنا
حسب صحيفة نيويورك تايمز، هناك واحدة من الشركات الناشئة ومقرها في سان فرانسيسكو تدعى (Primer Technologies)، تصنع أداة ذكاء اصطناعي تحلل آلاف الساعات من الاتصالات اللاسلكية الروسية غير المشفرة للمساعدة في العثور على الأهداف.

حاول الشركات الناشئة في الولايات المتحدة الأمريكية المساهمة في تطوير بعض الأنظمة الدفاعية، في الوقت الذي شهدت فيه ساحة الحرب الأوكرانية مساحة لاختبار عديد من الأسلحة المتطورة الجديدة، مثل الطائرات بدون طيار والأقمار الصناعية، لكن يبدو أن هذه الشركات تواجه تحدي بيع هذه الأنظمة إلى وزارة الدفاع (البنتاغون).

ونشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالاً أشارت فيه إلى "فشل" محاولات شركات الأسلحة الناشئة في إقناع وزارة الدفاع الأمريكية بإبرام صفقات طويلة الأمد لشراء أسلحة متطورة تكنولوجياً واستخدامها في دعم الجيش الأوكراني، وذلك بسبب بيروقراطية وزارة الدفاع في اتخاذ القرارات المتعلقة في شراء الأسلحة.

ويرى الخبير في الشأن الأمريكي خالد قشوع، أن من الأسباب التي تمنع البنتاغون من شراء الأسلحة والتقنيات الحديثة من الشركات الناشئة، هي أن عدداً منها ما زال في أطواره الأولى وأن البنتاغون لا يرغب في هزيمة أوكرانيا بسبب سوء نوعية السلاح المقدم لها من الولايات المتحدة.

ويوضح قشوع في حديثه لـTRT عربي، أنه لم يسبق لأي من الجنرالات في وزارة الدفاع أخذ مخاطرة إنفاق عشرات المليارات مقابل تلك الأسلحة، كونها مخاطر كفيلة بإنهاء مستقبلهم الوظيفي، لافتاً إلى أن الارتباط مع الشركات الكبرى المزودة بالأسلحة بعقود طويلة الأجل يجعل هامش المنح المالية محدوداً لبدء عقود جديدة مع تلك الناشئة.

وهناك عوامل أخرى تجعل البنتاغون أكثر حذراً في إبرام صفقات طويلة الأجل، حسب قشوع، منها قضايا الفساد المرتبطة بوزارة الدفاع وأبرزها شراء سفن عسكرية لا تعمل، بجانب دور اللوبيات التابعة لشركات الأسلحة الكبرى في واشنطن في الضغط على الحكومة الأمريكية بزيادة قيمة العقود المبرمة معها، واستثناء الناشئة.

ويلفت الخبير في الشأن الأمريكي إلى أن هذا الضغط يأتي من خلال توظيفها عديداً من أعضاء الكونغرس، ووزراء ومستشاري الأمن القومي السابقين أصحاب العلاقات والنفوذ في العاصمة.

وفيما يتعلق باستغلال وزارة الدفاع عروض الشركات الناشئة، يوضح قشوع أن استغلالها بالشكل الصحيح على أرض المعارك قد يعزز من تركيز الضربات العسكرية النوعية، وتقليل هامش الخطأ في تلك الضربات.

ويضيف أن ذلك كفيل بتغيير مجرى الحرب على ساحة القتال للصالح الأوكراني، لا سيما أن القوات الروسية لا تتمتع بمثل هذه التكنولوجيا بعد، حتى مع الدعم الصيني المستمر.

ويبلغ حجم الدعم الأمريكي لأوكرانيا نحو 70 مليار دولار، شاملاً المساعدات المالية والإنسانية والعسكرية، وفق معهد الأبحاث المستقل "كيل للاقتصاد العالمي".

وقد تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد زيارته للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف، أنه سيقدم مزيداً من الأسلحة لدعم أوكرانيا في الصمود أمام الهجوم الروسي، منها ذخائر مدفعية، وأنظمة، مضادة للدروع ورادارات للمراقبة الجوية.

وحسب مسؤول أمريكي في تصريحه لـ"شبكة CNN"، قال إنهم نقلوا "نحو 300 ألف قذيفة عيار 155 ملم، من مخزونها من الذخائر المخزنة في إسرائيل، واتفقت الولايات المتحدة وإسرائيل على نقلها".

فرص الشركات

وفي الوقت نفسه، لا ينكر قشوع وجود سلبيات لهذه الشركات الناشئة، ويوضح أن كثيراً من تلك التقنيات لا تزال في أطوارها الأولى ولم يجرِ تجربتها على أرض المعارك بعد؛ ما يجعل الاعتماد عليها بشكل كامل مجرد مخاطرة بحياة الجنود.

ويضيف بأن "المبالغة في الدور الذي ستؤديه منتجاتها في الميدان والتكلفة العالية للمنتجات والخدمات المقدمة، يجعل جنرالات البنتاغون غير متحمسين لها ويفضلون استثمار تلك الأموال في الأسلحة التقليدية التي يعلمون جيداً جدواها في أرض المعركة".

ويلفت الخبير في الشأن الأمريكي إلى أن كثيراً من تلك الشركات الناشئة تحاول بناء منظومة علاقات عامة شبيهة بتلك التي تمتلكها الشركات الكبرى في واشنطن، وتنفق عليها كما تنفق على هيكليتها الإدارية والبحثية، مؤكداً أن هذه العملية تتطلب بعض الوقت حتى تستطيع الحصول على جزء من ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية، والتي تستأثر بها الشركات الكبرى.

ويوضح قشوع أن الشركات الناشئة أمامها فرصة لتقديم أسلحتها المبتكرة، بما يميّزها من خيارات واسعة في مجال الطائرات الهجومية والأقمار الاصطناعية والطائرات بدون طيار، لتجذب منتجاتها المشترين في وزارة الدفاع.

وحسب المقال المنشور في صحيفة نيويورك تايمز، فإن هناك واحدة من الشركات الناشئة ومقرها في سان فرانسيسكو تدعى (Primer Technologies)، تصنع أداة ذكاء اصطناعي تحلل آلاف الساعات من الاتصالات اللاسلكية الروسية غير المشفرة للمساعدة في العثور على الأهداف، لكنها كافحت للبقاء واقفة على قدميها بينما تنتظر عقوداً دفاعية كبيرة.

لماذا تمنع واشنطن تزويد أوكرانيا بأسلحة متطورة؟

ويرى قشوع أن "العامل الوحيد الذي يمكن أن يحدث فارقاً نوعياً في المعركة، هو قدرة تلك الشركات الناشئة على طرح أسلحة تمكّنها من اختراق حقيقي على جبهة الحرب، ليجبر الطرف الروسي على التفاوض الجاد أو الانسحاب من المناطق الأوكرانية في حال اختلال الجبهة الروسية عسكرياً".

وفي المقابل فإن عملية تطوير أسلحة هذه الشركات ستكون بطيئة دون الحصول على التمويل الكافي من وزارة الدفاع الأمريكية، حسب قشوع.

ويعتقد أن هناك أسباباً كثيرة تمنع البنتاغون من تزويد أوكرانيا بأسلحة متطورة، منها "أن سياسة الولايات المتحدة بالعالم هي خلق الصراعات المستمرة المنضبطة في الحروب بدفع الأطراف المتنازعة إلى الاستمرار في القتال لفترات طويلة، حتى يضعف الطرفان ويضطرا لاحقاً إلى الاعتماد على الولايات المتحدة، وبالتالي فرض رؤيتها عليهم".

وفي حديثه لـTRT عربي أكد أن "هذه السياسة تساعد الولايات المتحدة على تجريب الأسلحة الجديدة في الحرب، وتسويقها لاحقاً في معارض السلاح التي تقيمها، مما يعطي السلاح قيمة إضافية أنه مجرب سابقاً في الحروب".

ويشير قشوع إلى أن استغلال البنتاغون الفارق التكنولوجي بين روسيا وخلفها الصين، وأوكرانيا المدعومة من الولايات المتحدة، يحتم عليها تحويل الشركات الناشئة في مجال التقنيات العسكرية إلى ظهير خلفي يمكنه إعادة توجيه كفة الحرب، لأن تلك الشركات تفرز منظومات عسكرية ذات فعالية عالية، كما أن عدم وجود أسلحة مضادة لجميع منتجاتها الجديدة يعطيها ميزة إضافية.

وحول فرصة استثمار البنتاغون في تلك الشركات، يرى الخبير في الشأن الأمريكي أن ذلك "لا يعد فقط فرصة للولايات المتحدة لتطوير منظومتها الدفاعية، بل لتعزيز تجربتها على أرض الواقع واختبار نجاعتها، والانتقال بالمنظومة العسكرية الأمريكية كاملة إلى مرحلة الحروب الذكية".

وفي إشارة إلى المساحة المحدودة للشركات الناشئة، قال وكيل وزارة الدفاع الأمريكية وليام لابالانت، إن "القتال ضد روسيا في أوكرانيا لا يجري من وادي السيليكون في الوقت الحالي، على الرغم من أنهم سيحاولون نسب الفضل إليهم في ذلك".

وأقر في مقابلة له، بأن التكنولوجيا التجارية قد غيّرت ساحة المعركة بطرق مهمة، لا سيما أدوات الأقمار الصناعية التجارية التي أعطت أوكرانيا قدرة مراقبة أكبر بكثير، قائلاً: "التكنولوجيا مهمة حقاً".

TRT عربي
الأكثر تداولاً