لماذا يحتج عمال السكك الحديدية بالولايات المتحدة؟ / صورة: AP (Anupam Nath/AP)
تابعنا

ناشد الرئيس الأمريكي جو بايدن، يوم الاثنين، أعضاء الكونغرس من أجل التدخّل بشكل عاجل لمنع عمّال قطاع الشحن بالسكك الحديد من الدخول في إضراب، قد تكون تداعياته "مدمّرة على اقتصاد الولايات المتّحدة"، على حد وصفه. ذلك عبر تفعيل قانون صدر في 1926، يمنح السلطة التشريعية صلاحية منع إضراب عمال السكك الحديد.

وقرَّر الكونغرس الأمريكي الاستجابة إلى مناشدات الرئيس، وذلك عبر مصادقته، يوم الأربعاء، على التشريع الذي يقضي بمنح العمال بعضاً مما طالبوا به طوال حركتهم النضالية، مقابل حظر الإضراب الذي يلوحون به.

من جهتها هدّدت النقابات المعترضة بالإضراب عن العمل اعتباراً من 9 يناير/كانون الثاني أو حتى من الخامس من الشهر نفسه، إذا لم يجرِ الأخذ بمطالبها. فيما يتوقع أن يكلف هذا الإضراب الاقتصاد الأمريكي حوالي ملياري دولار، ذلك لاعتماد حركة التجارة الداخلية بشكل كبير على قطاع النقل السككي.

قرار يمنع الإضراب

في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حثت أكثر من ثلاثمئة مجموعة صناعية وتجارية أمريكية، بما في ذلك الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة والرابطة الوطنية للمصنعين، الرئيس بايدن على المشاركة للمساعدة في تجنب إضراب. واستجابة لذلك، ناشد الرئيس الكونغرس في بيان، الاثنين، شدّد فيه على أن "توقّفاً تامّاً للسكك الحديدية من شأنه أن يدمّر اقتصادنا".

وأضاف بايدن، بأنّه "بكلّ فخر مؤيّد للنقابات" و"متردّد" في اللجوء إلى هذا الإجراء الاستثنائي القاضي بمنع الإضراب، لكنّه يخشى من أنّه "سيضرّ بملايين الأشخاص والأسر من الطبقة الشعبية".

وتبعاً لهذا، صادق الكونغرس، يوم الأربعاء، بأغلبية الحزبين الديمقراطي والجمهوري، لصالح تشريع يهدف إلى حظر إضراب موظفي السكك الحديدية الوطنية. وصوّت لصالح التشريع 290 نائباً من أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 435، وسيُعرض على مجلس الشيوخ للنظر فيه.

وينص هذا التشريع على فرض اتفاق بين شركات السكك الحديد والنقابات العمالية، بعد وصول المفاوضات بينهما إلى طريق مسدود. ويشمل الاتفاق زيادة في الأجور نسبتها 24% خلال السنوات الخمس من 2020 إلى 2024 مع زيادة الرواتب بنسبة 14,1% فوراً، بالإضافة إلى خمس مكافآت سنوية تبلغ قيمة كل منها ألف دولار.

وبررت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي قرار المضي في العملية التشريعية، بضرورة "حماية الاقتصاد الأمريكي الذي يواصل تعافيه وتجنب توقف مدمر للسكك الحديدية على المستوى الوطني ".

فيما اعتبر السيناتور التقدمي بيرني ساندرز الاتفاق مكسباً للعمال و"مفخرة" له، لكنه لا ينهي هذا الصراع الدائر. وأضاف ساندرز: "في وقت حققت فيه صناعة السكك الحديدية أرباحاً قياسية، من المخزي أن لا يحصل عمال السكك الحديدية على يوم واحد إجازة مرضية مدفوعة الأجر. وبصفتي عضواً في لجنة الصحة والتعليم والعمل والمعاشات بمجلس الشيوخ، سأفعل كل ما بوسعي للتأكد من معاملة عمال السكك الحديدية في أمريكا بكرامة واحترام ".

لماذا يحتج عمال السكك الحديدية بالولايات المتحدة؟

ووفق تقديرات جمعية السكك الحديدية الأمريكية، سيؤدي الإضراب إلى خسائر بملياري دولار للاقتصاد الأمريكي. وهذا راجع إلى أن حوالي 30% من التجارة الداخلية الأمريكية تعتمد على النقل عبر السكة الحديد في شحن بضائعها.

وتتيح شبكة السكك الحديدية نقل المواد الخام لمسافات طويلة، حيث يبلغ متوسط ​​طول خطوط قطارات الشحن 1300 كيلومتر، مقارنة بـ700 كيلومتر لخطوط الشاحنات. كما تملك السكك الحديدية الأمريكية نظاماً فرعياً يربط بوابات المواني الرئيسية بالمراكز التجارية والصناعية الداخلية، ما يجعلها محورية أيضاً في التجارة الخارجية.

وحسب تقرير مجموعة أندرسون، فإن خسائر الاقتصاد الأمريكي في اليوم الأول من الإضراب قد تبلغ حوالي 60 مليون دولار، "بما في ذلك 30.9 مليون دولار لخسارة الشحن ، و 3.8 مليون دولار لتعطيل سكك حديدية الركاب على المدى الطويل و 25 مليون دولار". وقد ترتفع إلى 91 مليون دولار في اليوم، في اليومين الثاني والثالث، بسبب فقدان السلع الزراعية وتلف المواد الغذائية.

وهذا الضرر هو ما يوقنه العمال وعلى أساسه يمارسون ضغطهم لتحقيق مطالبهم بتحسين ظروف العمل. وتشمل هذه المطالب الزيادة في الأجور، والتمتع بالحق في 14 يوماً عطلة مرضية مدفوعة الأجر في السنة. كما يشتكي العمال أيضاً من السياسات العقابية التي تلاحق العمال، حتى بعد إنهاء الخدمة، إذا ما تخلفوا يوماً واحداً عن العمل تحت أي ظرف طارئ.

وحسب عمال ومهندسي شركات السكك الحديد الأمريكية، فإنهم في بعض الأحيان يعملون لـ14 يوماً متتالية دون استراحة، وإنهم لا يحصلون على يوم إجازة مرضية سواء كان مدفوع الأجر أو غير مدفوع. وهي الشكاوى التي ردت عليها الشركات بالقول إن موظفيها يمكنهم أخذ إجازة عندما يمرضون باستخدام أيام إجازة مدفوعة الأجر. لكن بعض النقابات قالت إن أعضاءها يُطلب منهم عادةً جدولة تلك الإجازات مقدماً بأشهر.

وبعد أن وصل المشغلون والنقابات سابقاً إلى اتفاق مبدئي، وقعته ثماني نقابات من أصل 12. فيما رفضته أربع النقابات، وأعلنت أنها مستعدة لدعوة أعضائها إلى التوقف عن العمل.

TRT عربي