Russia Moldova (Alexander Zemlianichenko/AP)
تابعنا

أعلن المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ودول أفريقيا، نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، مطلع الشهر الحالي ديسمبر/كانون الأول، أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يعتزم زيارة فلسطين وإسرائيل والمغرب والجزائر، في رحلة رسمية للتباحث مع هذه الأطراف حول بعض الملفات ذات الإهتمام المشترك.

كما كان ينوي لافروف، خلال زيارته إلى المغرب، حضور اجتماع منتدى التعاون الروسي العربي على مستوى وزراء الخارجية، المزمع تنظيمه في مدينة مراكش.

وفي الوقت الذي انطلقت فيه الاستعدادات بشكل رسمي لاستقبال وزير الخارجية الروسي، أعلن الأخير إلغاء زيارته المقررة إلى كل من الجزائر والمغرب، فاتحاً بذلك الباب أمام العديد من التأويلات والتحليلات، عن أسباب القرار المفاجئ وخلفياته.

لِم ألغى لافروف زيارته؟

عقب إعلانه بشكل رسمي إلغاء زيارته إلى الجزائر والمغرب، تحدث لافروف في تصريح إعلامي، يوم الأربعاء 15 ديسمبر/كانون الأول الجاري، عن أزمة الصحراء، الملف الشائك في العلاقات بين الجارتين الجزائر والمغرب.

وشدد الوزير الروسي على أن " الأزمة في الصحراء الغربية يجب حلها مثلها مثل أي أزمة في العالم على أساس احترام وتنفيذ قرارات مجلس الامن الدولي".

وفي حديثه عن ضرورة تسوية النزاع، أكد أنه "لا بد أن يُجرى وفقاً لقرارات الأمم المتحدة التي دعت الى ضرورة إجراء مفاوضات مباشرة بين جبهة البوليساريو والمغرب".

وأشار لافروف إلى أنه "في ظل مخاطر التصعيد في هذا الجزء من أفريقيا، يجب أن تدعو الدول المتنفذة جميع الأطراف إلى ضبط النفس وأن تصر على الطرق السياسية والدبلوماسية للتسوية".

وعبر في نهاية حديثه عن دعم بلاده المستمر لاستقرار الأوضاع في غرب أفريقيا، خاصة في منطقة الصحراء الغربية، متأسفاً في الوقت ذاته على عدم وجود أي تطور في المواقف الحالية، على حد تعبيره.

وبناء على ذلك، اعتبر خبراء ومحللون أن تزامن تصريحات لافروف مع إلغائه زيارته المقررة إلى الجزائر والمغرب، وإلغاء اجتماع منتدى التعاون الروسي-العربي، الذي رفضت الجزائر الانضمام إليه، ربما يحمل في طياته مساعي حثيثة لموسكو للوساطة بين الجانبين المتنازعين للتوصل إلى حل لأزمة الصحراء، وذلك للأهمية الكبرى التي تكسيها إلى جانب منطقة الساحل بالنسبة إلى روسيا.

ومع اتفاق الكثير من المحللين مع هذا الاحتمال، يرجح آخرون في الجهة المقابلة عكس ذلك، معتبرين أن مقصد الزيارة الروسية اقتصادي أساساً، ولا علاقة له بملف أزمة الصحراء.

ويعتبر ناشطون ومحللون في هذا السياق، أن زيارة لافروف كانت مقررة في البداية، خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وألغيت آنذاك للمرة الأولى، وتعتقد بعض الآراء، أن سبب الإلغاء يتعلق بأولويات المرحلة التي تواجهها موسكو، والتي تتمثل أساساً في الأحداث المتسارعة على الحدود مع أوكرانيا.

هل تنجح وساطة روسيا في حل النزاع؟

تسعى روسيا، في إطار التقارب الأخير الذي حققته في العلاقات بينها وبين كل من الجزائر والمغرب، إلى لعب دور محوري في أزمة الصحراء التي أشعلت فتيل الأزمة بين الجارتين، وامتد الخلاف بينهما إلى القطيعة التامة، وسط عجز كل الأطراف الإقليمية والدولية، في إيجاد حلول توافقية لذلك.

واستقبل نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، في موسكو يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفداً من جبهة البوليساريو، للتباحث حول آفاق تسوية النزاع في الصحراء الغربية.

وعقب اللقاء الذي جمع الطرفين، تزامناً مع مداولات مجلس الأمن حول وضعية الصحراء الغربية، التقى بوغدانوف في اليوم التالي أي يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول، مع سفير المغرب في موسكو لطفي بوشارة، وتحدث الجانبان في معرض حديثهما عن سبل التعاون المشترك وعن أزمة الصحراء.

وجدد آنذاك الجانب الروسي تأكيده لموقفه الثابت من إيجاد حل سياسي للمشكلة طويلة الأمد بين المغرب وجبهة البوليساريو وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي.

وبذلك تتجه الكثير من الآراء للاعتقاد بأن إلغاء زيارة لافروف، غالباً وسيلة للضغط للوساطة في حل الأزمة التي وصلت إلى طريق مسدود. خاصة بعد التصريحات التي أدلى بها عقب قراره، وبدت استكمالاً لما أكدت عليه موسكو في وقت سابق، فيما يتعلق بملف الصحراء.

وانطلاقاً من ذلك يبدو أن السؤال الأهم، يتمثل فيما إذا سيكون هناك صدى لهذه الخطوات الروسية، التي تتزامن مع الخطوات التي بدأت تخطوها كل من الرباط والجزائر في سبيل تعزيز علاقاتها الثنائية مع موسكو، والتي تطمح هي الأخيرة بدورها إلى استعادة نفوذها في إفريقيا وتعتبر لذلك أزمة الصحراء حجر عثرة في طريقها، على حد تعبير خبراء ومحللين.

TRT عربي