(AA)
تابعنا

وسط الارتباك العالمي الذي تشهده أسواق النفط بسبب الأزمة الأوكرانية المستمرة منذ أكثر شهر، أعلنت السعودية الاثنين أنها "لن تتحمل مسؤولية" أي نقص في إمدادات النفط للأسواق العالمية في ظل الهجمات التي تتعرض لها منشآتها النفطية من قبل جماعة الحوثي المدعومة من إيران في اليمن.

ونقلت وكالة الأنباء السعودية "واس" عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية قوله إنّ "السعودية تعلن أنها لن تتحمل مسؤولية أي نقص في إمدادات البترول للأسواق العالمية في ظل الهجمات التي تتعرض لها منشآتها النفطية من المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران".

وفي سياق متصل، يرى خبراء أن السعودية قد تكون بصدد استخدام ورقة النفط، التي استخدمها لأول مرة الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز قبل عام واحد من اغتياله على يد أبن أخيه بتحريض أمريكي عام 1975، وذلك من أجل معاقبة إدارة بايدن التي أوقفت قبل عام الدعم الأمريكي لعمليات السعودية العسكرية في اليمن وضغطت لإنهاء الحصار، فضلاً عن إزالتها جماعة الحوثي من قائمة الإرهاب.

أصل الحكاية

عُرف عن الملك فيصل بن عبد العزيز اهتمامه بالقضية الفلسطينية منذ أن كان يتولى مسؤولية وزارة الخارجية وكان عمره آنذاك 25 سنة، وعقب توليه مقاليد الحكم في نوفمبر/تشرين الثاني 1964 زاد دفاعه المستميت عن القضايا العربية والإسلامية، وفي جوهرها فلسطين التي لطالما دعا إلى تخليصها من الاحتلال الإسرائيلي.

وعلى الرغم من أن السعودية لم تكن تملك أسلحة متطورة ولا جيشاً قوياً خلال سنوات حكمه، إلا أن الملك فيصل أدرك قوة سلاح النفط الذي تملكه بلاده، معلناً عن استعداد بلاده لاستعمال النفط كسلاح في معركة العرب مع إسرائيل، حيث قال: "إننا نعتبر قضية فلسطين قضيتنا وقضية العرب الأولى، وإن فلسطين بالنسبة لنا أغلى من البترول كسلاح في المعركة إذا دعت الضرورة إلى ذلك، وإن الشعب الفلسطيني لا بد وأن يعود إلى وطنه حتى ولو كلفنا ذلك أرواحنا جميعاً".

وعندما نشبت حرب 1967 واحتلت إسرائيل الأرض الفلسطينية كلها وجزءاً من الأراضي العربية، قرر الملك الراحل استخدام عائدات النفط لدعم الصمود العربي وتقوية الجيوش العربية لتحرير الأراضي العربية المحتلة.

وأثناء حرب أكتوبر 1973، هدد الملك فيصل بوقف تصدير النفط إلى الغرب والولايات المتحدة في حال استمر موقفهم المؤيد لإسرائيل، وهو ما فعله حقاً منتصف أكتوبر/تشرين الأول بعد أن أمدت أمريكا وهولندا إسرائيل بالسلاح.

هل تعود السعودية لاستخدام سلاح النفط مجدداً؟

في ظل تفاقم التوترات في العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة التي أوقفت دعمها لعمليات التحالف العسكرية في اليمن وحثت الرياض على إنهاء حصار التحالف الدولي للمناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، رفضت السعودية دعوات من الغرب لزيادة الإنتاج من أجل كبح جماح الأسعار التي ارتفعت بالتزامن مع بدء الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية.

وبالرغم من مساعي عدة دول صناعية كبرى لإقناع السعودية وباقي كبار منتجي النفط إلى زيادة الإنتاج بشكل يفوق ما اتفقت عليه دول تحالف "أوبك بلس" الذي تقوده السعودية وروسيا، إلا أن الرياض لم تعط إشارات إيجابية بعد حول هذه المطالب ورفضت مراراً ضغوطات أمريكية لزيادة الإنتاج بهدف خفض الأسعار، فضلاً عن أنها بدأت مباحثات مع بكين لتصدير نفطها باليوان الصيني بدلاً من الدولار.

يذكر أن السعودية تتذرع بالهجمات الحوثية التي تستهدف منشآتها النفطية، فيما أعلنت وزارة الطاقة السعودية الأحد أن هذه الهجمات تؤدي إلى "التأثير على قدرة المملكة الإنتاجية وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها". الأمر الذي قرأه الخبراء على أن الرياض تهدد "من خلف ستار" باستخدام ورقة النفط للضغط على واشنطن من أجل الحصول على دعمها مجدداً في المسألة اليمنية.

سلاح النفط السعودي تحت التهديد

على الرغم من أن السعودية تدرك جيداً قوة سلاحها النفطي الذي سبق لها أن استخدمته أكثر من مرة حين تتوتر علاقتها بالغرب والولايات المتحدة، إلا أن سلاحها الاستراتيجي هذا يتعرض منذ سنوات لتهديدات خطيرة تنذر بزوال قوته وفقدان نجاعته.

فمنذ منتصف سبتمبر/أيلول 2019، تتعرض المنشآت النفطية فوق الأراضي السعودية لهجمات جوية بين الحين والآخر، من خلال طائرات مسيّرة تبنتها مليشيا "الحوثي" اليمنية المدعومة إيرانياً.

آخر هذه الهجمات كان ما شهدته مصفاة نفط تابعة لشركة "أرامكو" بعد هجمات متعددة استهدفت منشآتها النفطية ليل السبت الأحد، وهو ما دفع المملكة للتحذير من أنّ مثل هذه الهجمات تشكّل "تهديداً" لإمدادات النفط في الأسواق العالمية خلال الأزمة الأوكرانية المتواصلة منذ أكثر من شهر.

فيما حث مصدر من الخارجية السعودية، لم يكشف عن هويته، المجتمع الدولي على أن يدرك خطورة تسليح إيران للحوثيين الذين يقاتلون ضد التحالف الذي تقوده السعودية، الذي بدأ التدخل العسكري في اليمن قبل سبع سنوات.

TRT عربي