مظاهر الرفض الشعبي في المغرب لإسرائيل لم تتوقف  (Fadel Senna/AFP)
تابعنا

تأكيد، ثمَّ نفيٌ، ثمَّ حذف مسار تغريدة الوزير الأول المغربي، سعد الدين العثماني، بإجراء تدريب "الأسد الإفريقي 2021" على أجزاء من أراضي الصحراء جنوب البلاد، والتي هي منطقة متنازع عليها حسب تعريف الأمم المتَّحدة. بعد أن نفت القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا صحة تضمن جدول مواقع التدريب ما أشار إليه المسؤول المغربي. فيما يثير التخوف داخل الأوساط المغربية من تراجع إدارة بايدن عن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، الذي وقعه قبلها ترمب مقابل عودة العلاقات المغربية الإسرائيلية إلى النشاط. فهل نفي البنتاغون إشارة إلى سحب الاعتراف؟

واشنطن تنفي إجراء المناورات في الصَّحراء

في تغريدة له نهاية الأسبوع الماضي ، أعلن رئيس الوزراء المغربي سعد الدين العثماني، بأن "جزءاً من هذا التدريب السنوي الأضخم للقيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) سيحصل في الصحراء الغربية". تغريدة سيطالها الحذف بعد أن نفت البنتاغون ذلك.

كان ذلك في بيان لها حيث نفت إجراء جزء من مناورات "الأسد الإفريقي 2021" العسكرية المشتركة التي تشرف عليها واشنطن وتنظّمها بمشاركة المغرب في منتصف يونيو، سيجري، في منطقة الصحراء المتنازع عليها، كما سبق وأعلنت الرباط.

وقالت القيادة الأمريكية في إفريقيا في بيان إنّ المناورات التي سيشارك فيها سبعة آلاف عسكري من تسع دول لن تشمل إقليم الصحراء. وأوضحت أنّ التدريبات ستجري "بشكل أساسي في أنحاء المغرب، من قاعدة القنيطرة الجوية شمالاً إلى طانطان ومجمّع تدريب بنجرير جنوباً"، أي الحدود المعترف بها دولياً للمملكة.

وقال المتحدث باسم القيادة الأمريكية، الكولونيل كريستوفر كارنز، إنه "جرى اختيار الأماكن لتعزيز الشراكات الأمنية وعلاقاتنا مع الدول الأخرى المشاركة (في التدريبات) بينما نعمل معاً لتعزيز الاستقرار الإقليمي".

هل هو تلميح لسحب الاعتراف؟

منذ خروج ترمب من البيت الأبيض، وما لحقه من جدل عارم، ساد في الأوساط المغربيَّة تخوفٌ من أن بايدن قد يسقط بجرَّة قلم كل موروث سابقه. زاد تغذية هذه المخاوف أخبارٌ تداولتها صفحات تابعة لجبهة البوليساريو الانفصاليَّة على وسائل التواصل الاجتماعي، مفادها أن إدارة الرئيس الأمريكي الجديد سحبت الاعتراف بالسيادة المغربيَّة عل الصحراء، بعد أن اختفت بيانات القرار من على المواقع الحكوميَّة الأمريكيَّة.

أخبارٌ تَبيَّن بعد ذلك كذبها. وأورد برنامج "بوليغراف" المتخصص في كشف الأخبار الزائف، والذي يبثُّ على تلفزيون العربي، في حلقة له، أن "اختفاء قرار الاعتراف الأمريكي بمغربيَّة الصحراء من على المواقع الحكوميَّة إجراء روتيني بعد تغيير كل رئيس، حيث تحال قرارت الرئيس السابق إلى أرشيف تلك المواقع".

وفي ما يخص بيان القيادة العسكريَّة الأمريكيَّة بإفريقيا حول "أسد إفريقيا 2021"، فقد أشار إلى أن الولايات المتحدة والمغرب "بحثا مجموعة واسعة من الأماكن لضمان نجاح الأسد الإفريقي 2021، وحددا في نهاية المطاف الأماكن المقترحة في بداية الأعمال التحضيرية في صيف 2020". وأكد "استخدام المواقع المقترحة منذ بداية دورة التخطيط في صيف 2020"، أي قبل أشهر من إعلان ترمب في ديسمبر/أيلول 2020 اعترافه بالسيادة المغربية على إقليم الصحراء.

وكان قد أشار رئيس الحكومة المغربي في تغريدته المحذوفة، إلى أنه من بين الأماكن المختارة لإجراء التدريبات موقعان في الصحراء هما المحبس (شرق)، حيث تعلن جبهة البوليساريو بانتظام عمليات قصف في الأشهر الأخيرة، والداخلة (جنوب) حيث ينوي المغرب توسيع ميناء كبير على المحيط الأطلسي.

هل يخاف المغاربة أن يكون التطبيع مجانياً؟

مقابل المخاوف من سحب الاعتراف الأمريكي بمغربيَّة االصحراء، الذي جاء اعتراف رئيسها أساساً وفق اتفاق طرفه الآخر هو إعادة الرباط النشاط لعلاقاتها مع تل آبيب، بعد قطعها سنة 2002. هناك قلقٌ آخر، عاد مع اشتعال الأحداث الأخيرة بفلسطين، هو كون مجانيَّته إذا ما سحب الاعتراف الأمريكي المذكور.

هذا ولازال يلقى التطبيع المغربي مع إسرائيل رفضاً شعبيًا واسعاً، حيث عرفت الرباط ومدن مغربيَّة أخرى نهاية الشهر الماضي مظاهرات واسعة، تضامناً مع الشعب الفلسطيني ومطالبة بطرد القائم بالأعمال الإسرئيلي وقطع العلاقات مع دولة الاحتلال. في هذا السياق، بعث رئيس الحكومة المغربي برسالة تهنئة للشعب الفلسطيني بمناسبة وقف إطلاق النار، والذي وصفه بانتصارَ المقاومة، مؤكداً موقفه الراسخ إزاء عدالة القضية الفلسطينية ودعمه الثابت لمقاومة الشعب الفلسطيني.

القائم بالأعمال الإسرائيلي الذي ما فتئ يخلق جدلاً واسعاً بالمملكة، ورغم قصر مقامه فيها، خصوصاً بعد نشره تغريدة، انتقد فيها رئيس الحكومة على تهنئته المقاومة الفلسطينيَّة. سحبها فيما بعد تحت ضغط التعليقات المنتقدة له "على تدخُّله في الشأن الداخلي للبلاد" على حد وصف رواد مواقع التواصل الاجتماعي المغاربة.

وكتب في خضمِّ ذلك عادل الصغير، عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية المغربي الحاكم، على صفحته قائلًا: "لم يمر وقت طويل على وصوله إلى المغرب، وها هو ممثل دولة الإرهاب والاحتلال الصهيوني يحشر أنفه في الشؤون الداخليَّة للمغرب". مضيفاً "ليس هناك ما يسبب الدمار والخراب للدول أكثر من أن ينبت داخلها الكيان الصهيوني المجرم". خاتماً منشوره بـ"آن أوان طرد نذير الشؤم هذا من بلادنا".

وفي حديث سابق له مع قناة الجزيرة، وصف العثماني قرار التطبيع بـ "القرار الصعب"، مضيفاً أنه "لا نريد أن تكون هناك مقايضة بقضية الصحراء"، مع أن "الضرورة اقتضت تزامن الخطوتين" على حد تعبيره. هذا قبل أن يؤكد: "أقول للفلسطينيين إن المغرب القوي الموحد أقدر على دعم القضية الفلسطينية".

TRT عربي