حفل تدشين مشروع خط الأنابيب ترك ستريم في أوائل يناير/كانون الثاني 2020 (Reuters)
تابعنا

في معرض حديثه، الخميس، قبيل لقائه الثنائي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في العاصمة الكازاخستانية أستانا على هامش القمة السادسة لمؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا (CICA)، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن "تركيا أثبتت أنها الطريق الأكثر موثوقية لتزويد الاتحاد الأوروبي بالغاز".

وأشار بوتين إلى أن تركيا قد تكون أفضل طريق لإعادة توجيه إمدادات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي عبر خطوط السيل التركي "ترك ستريم"، بعد التسريبات في خطّيْ أنابيب "نورد ستريم".

ورداً على الاقتراح الروسي، قال أردوغان في حديثه للصحفيين في الطائرة في أثناء عودته من العاصمة أستانا، الجمعة: "سنُنشئ مركز الغاز في تركيا في المكان المناسب بمشيئة الله، ولدينا مركز توزيع وطني لكنّ الجديد سيكون دولياً"، وتابع أنه وبوتين وجّها تعليمات للمؤسسات من أجل العمل المشترك، مؤكداً أنهم في انتظار النتائج لاتخاذ الخطوات دون تأخير.

من جهته، أشار المدير التنفيذي لشركة غازبروم، ألكسي ميللر، إلى أن مناقشة تفصيلية لتوسيع نظام خط أنابيب الغاز "ترك ستريم" وإنشاء مركز للغاز في تركيا ستبدأ على الفور، وفقاً لموقع فوربس باللغة الروسية.

اقتراح روسي

كتب الخبير في مجلس الشؤون الدولية الروسي كيريل سيمينوف في مقال رأي نشره موقع TRT Russian، أن أحد أهم المواضيع التي ناقشها أردوغان وبوتين في اجتماعهم على هامش قمة أستانا، كان مشكلة إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا.

فوفقاً للرئيس الروسي، يعمل خط أنابيب الغاز "ترك ستريم" بنجاح، على الرغم من أنهم "حاولوا تفجيره"، ما يعني أن تركيا اليوم "أصبحت المصدر الأكثر موثوقية لطريق إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا".

وشدد بوتين على أنه في حال جعل تركيا خطاً أساسياً لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا، فإنّ "مستوى الأمن بحسب الأوضاع الأخيرة سيكون أعلى بكثير"، مشيراً بذلك إلى التفجيرات التي تعرّض لها خطّا "نورد ستريم" ما أدى إلى تسريبات هائلة للغاز في بحر البلطيق.

في المقابل، لفت وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونماز، خلال مشاركته الأربعاء في "المنتدى الدولي لأسبوع الطاقة الروسي" المقام في العاصمة الروسية موسكو، إلى أنه يمكن لتركيا تقييم اقتراح الرئيس الروسي في جعل تركيا "الطريق الرئيسي" لشحنات الغاز الروسي إلى أوروبا. مؤكداً أن بلاده استكملت العديد من المشاريع الدولية في مجال الطاقة في الوقت المحدد، وأن المقترح الروسي ممكن تقنياً ويتطلب إجراء دراسات جدوى وتقييماً فنياً وتجارياً وقانونياً.

مركز لإمدادات الغاز إلى أوروبا

وفقاً لسيمينوف، فمن غير المعروف مدى السرعة التي سيتمكن بها الاتحاد الأوروبي من التخلّص من الغاز الروسي وما إذا كان سيتمكّن من ذلك على الإطلاق، ولكن على أي حال، فإن تركيا لديها الفرصة لتصبح مركزاً لنقل الغاز الطبيعي إلى الدول الأوروبية التي تعاني نقصاً حاداً.

وعشية المحادثات بين رئيسي روسيا وتركيا في أستانا، قال بوتين: "إذا كانت تركيا مهتمة، فيمكننا النظر في إمكانية إنشاء نظام آخر لأنابيب الغاز وإنشاء محور غاز في تركيا". مشيراً إلى أن روسيا قد ترفع حجم صادراتها من الغاز إلى تركيا والتي ستتحول في النهاية إلى مركز لإمدادات الغاز إلى أوروبا.

وتجدر الإشارة إلى أن مشروع السيل التركي "تورك ستريم" قد دُشن رسمياً في 7 يناير/كانون الثاني 2020، وهو خط أنابيب مخصص لنقل الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا عبر تركيا، مروراً بالبحر الأسود إلى البر التركي، لينتهي عند الحدود التركية-اليونانية حيث تُقام مستودعات ضخمة للغاز. ويتألف الخط، الذي كلف إنشائه نحو 12.9 مليار دولار، من أنبوبين بقدرة 15.75 مليار متر مكعب من الغاز سنويّاً لكل منهما، إذ يغذِّي الأنبوب الأول تركيا، والثاني دول شرقي وجنوبي أوروبا.

مفتاح حل الأزمة الأوكرانية

بدوره، تطرق الرئيس التركي إلى مشكلة حل الصراع في أوكرانيا في خطابه بقمّة مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة. وصرّح بحضور فلاديمير بوتين أن السلام العادل في أوكرانيا لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الدبلوماسية. وبحسب أردوغان، لن يكون هناك رابحون في الحرب ولن يكون هناك خاسرون في عالم عادل. وشدد الرئيس على أن دور أنقرة في هذا الصراع هو "وقف إراقة الدماء في أسرع وقت ممكن".

وتركيا، من بين جميع الوسطاء المحتملين، هي اللاعب الأكثر أهمية على الساحة العالمية للتوسط في الأزمة الأوكرانية، فهي ليست قادرة فقط على توفير منصة للاتصالات، ولكنها أيضاً قادرة على تقديم مقترحات تتقبلها موسكو وكييف، نظراً لمستوى العلاقات الدائمة بينها وبين أنقرة.

في الوقت نفسه، لا ينبغي أن ننسى أن تركيا ليست فقط شريكاً استراتيجياً لكلّ من روسيا وأوكرانيا، التي تمتلك معهما مساحة جيوسياسية مشتركة، ولكن، ما هو أساسي، هو عضويتها في الناتو. وهذا يعطي أنقرة وزناً وأهمية أكبر كوسيط، مما يجبر واشنطن وبروكسل على الاستماع إلى صوتها. وفقاً لما جاء في مقال سيمينوف.

ومنذ بدء الحرب الأوكرانية في أواخر فبراير/شباط، نجحت تركيا في إقامة اتصالات مباشرة بين روسيا وأوكرانيا، فضلاً عن اتفاقية تبادل الأسرى وإبرام صفقة لنقل الحبوب من الموانئ الأوكرانية، وهي الخطوة التي دفعت بوتين للقول: "على الدول التي تشتري الحبوب الأوكرانية بموجب اتفاقية إسطنبول أن تكون ممتنة لأردوغان". لذلك، من غير المرجح أن يتحدى أحد الدور الإيجابي الحالي لأنقرة في حل الأزمة.

TRT عربي