بانقضاء عهده سيضطر نتنياهو إلى مواجهة محاكمته في 3 قضايا فساد، بتهم الرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال (Corinna Kern/Reuters)
تابعنا

بمنح الكنيست الثقة لحكومة ائتلافية جديدة في إسرائيل، مساء الأحد، طويت 12 عاماً متواصلة من بقاء بنيامين نتنياهو (71 سنة) في السلطة، كأكثر رئيس وزراء إسرائيلي استمراراً في منصبه.

ومنح الكنيست (البرلمان) الثقة لحكومة ائتلافية جديدة يتناوب على رئاستها كل من نفتالي بينيت (49 عاماً) زعيم حزب "يمينا" اليميني المتشدد، ويائير لابيد (57 عاماً) زعيم حزب "هناك مستقبل".

وخلال جلسة الكنيست قال نتنياهو: "كيف يمكن الوثوق بمن خدع ناخبيه في أكبر عملية احتيال في تاريخ البلاد؟"، متعهداً بالعمل على إسقاط "حكومة التغيير" في أسرع وقت ممكن، والعودة إلى السلطة مجدداً.

ومن أصل 120 نائباً نالت الحكومة تأييد 60 مقابل رفض 59، وامتناع نائب واحد عن التصويت، وفقاً لقناة "كان" الرسمية.

وخلفاً لـ"لابيد" أصبح نتنياهو، قائد حزب "الليكود" اليميني، زعيماً للمعارضة.

وبعد أن هنأ بينيت برئاسة الوزراء حتى أغسطس/آب 2023، جلس نتنياهو، الأحد، على مقاعد المعارضة في الكنيست.

ويعتبر نتنياهو أن خليفته "ليس لديه المكانة الدولية والنزاهة والمعرفة بالقدرات، وليس لديه حكومة تسمح له بمعارضة الاتفاق النووي"، مشدداً "هذه كبرى مشكلاته، يحتاج رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى أن يكون قادراً على قول لا لزعيم القوة العظمى في العالم".

سقوط الحصانة

بانقضاء عهده سيضطر نتنياهو إلى مواجهة محاكمته في 3 قضايا فساد، بتهم الرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال، كانت تمنعه حصانة منصبه من مواجهتها بشكل كلي.

وسبق أن واجه نتنياهو اتهامات من معارضين له بمحاولة استغلال سلطته كرئيس للحكومة للتهرب من المحاكمة وعرقلتها.

ويرى أمجد العُمري، صحفي مختص بالشأن الإسرائيلي، أن "الإطاحة بنتنياهو من رئاسة الوزراء ستكون لها أبعاد جديدة في الساحة السياسية بإسرائيل".

وأضاف العُمري "عدم وجود نتنياهو على مقعد رئاسة الوزراء سيمنعه من عرقلة محاكمته في قضايا الفساد المتهم بها".

وبالتهم المذكورة يُحاكم نتنياهو منذ 2020 في 3 قضايا فساد، فيما يصرّ على نفي صحة التهم الموجهة إليه.

وتابع: "نتنياهو، وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، استغل منصبه لوضع عراقيل أمام محاكمته، مستغلاً الظروف التي طرأت بسبب انتشار فيروس كورونا".

واستدرك: "لكن الآن، وبعد الإطاحة به رسمياً، ستتسارع محاكمته بقضايا الفساد، فهو الآن مجرد عضو كنيست لا يملك قوة سياسية".

وزاد العُمري بأن "نتنياهو يواجه أيضاً عراقيل داخلية، على مستوى التحالفات مع الأحزاب اليمينية، أو على مستوى حزبه الليكود".

وأوضح أنه "يواجه منافسة شرسة داخل الليكود، فهناك من يخططون لإسقاطه عن عرش الحزب، ومن أهمهم يسرائيل كاتس وزير المالية بالحكومة السابقة، ونير بركات الرئيس السابق لبلدية مدينة القدس الفلسطينية المحتلة".

وخلال جلسة الكنيست الأحد، قال نتنياهو إنه مستمر في الحياة السياسية، وسيعمل على إسقاط حكومة بينيت لابيد في "أسرع وقت ممكن"، والعودة إلى الحكم.

لكن العُمري أعرب عن اعتقاده بأن "مستقبل نتنياهو السياسي بات على المحك"، مع التسريع المتوقع لمحاكمته في المستقبل القريب.

"حكومة هشّة"

أما عادل شديد، الخبير في الشأن الإسرائيلي، فيعتقد أن "نتنياهو سيعمل جاهداً حتى لا يصل إلى مرحلة يتم فيها اعتقاله بسبب قضايا الفساد المتهم بها".

وأضاف "عدم اعتقاله يتطلب أن يعود نتنياهو إلى رئاسة الوزراء في انتخابات مقبلة، وذلك من خلال إفشال وتفكيك الحكومة الحالية".

وتابع "نتنياهو سبق أن كان زعيماً للمعارضة، وهو خبير في السياسة، وسيضع كل هذه الخبرة في سبيل تحقيق مآربه".

وأردف "الحكومة الحالية "هشّة للغاية"، كونها تجمع بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، فهي تضم قوائم متناقضة لا يجمعها سوى قاسم مشترك واحد، وهو التخلص من نتنياهو".

وتتألف الحكومة من 8 أحزاب: "هناك مستقبل" (وسط) و"أزرق أبيض" (وسط) و"العمل" (وسط)، و"أمل جديد" (يمين) و"يمينا" (يمين) و"إسرائيل بيتنا" (يمين)، و"ميرتس" (يسار)، بالإضافة إلى حزب عربي، هو القائمة الموحدة (إسلامي)، للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل.

وختم شديد بأنه "في حال نجح نتنياهو في إسقاط الحكومة الحالية، وأجرى انتخابات مبكرة، فسينجح في تشكيل حكومة باكتساح، لكن كل الخيارات واردة".

وخلال تلك الفترة الممتدة 12 عاماً من حكم نتنياهو، شنّ الجيش الإسرائيلي عدة عمليات عسكرية على قطاع غزة، بما في ذلك عدوان عام 2012 المعروف إسرائيلياً بـ"عامود السحاب"، وعدوان "الجرف الصامد" عام 2014، والعدوان الأخير "حارس الأسوار" في مايو/أيار الماضي، وخلّفت العمليات الثلاث ارتقاء 2741 شهيداً فلسطيناً وآلاف المصابين.

ارتبط نتنياهو بعلاقة قوية مع إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب (2017-2021)، التي تم في عهدها الاعتراف بالقدس عاصمة مزعومة لإسرائيل ونقل سفارة واشنطن من تل أبيب إليها، فضلاً عن اعترافها بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل، ودعمها المشروع الاستيطاني الإسرائيلي.

خلال سنوات حكم نتنياهو نسبت تقارير أجنبية إلى سلاح الطيران الإسرائيلي تنفيذ سلسلة غارات ضد أهداف تابعة لإيران في سوريا، ضمن ما تقول إسرائيل إنها مساعٍ لمنع "التموضع" الإيراني قرب حدودها.

والعام الماضي وقعت إسرائيل بقيادة نتنياهو على اتفاقات تطبيع مع الإمارات والبحرين، وتوصلت إلى اتفاقات مماثلة مع السودان والمغرب، وسط رفض فلسطيني وعربي واسع.

TRT عربي - وكالات