برز دور المُسيّرات الصغيرة في العراق، إذ تكثّفت هجمات على قواعد ومصالح أمريكية، نُسبت إلى جماعات ومليشيات محسوبة على إيران (IRANIAN ARMY/WANA/REUTERS)
تابعنا

خلال السنوات الماضية لا يكاد يمرّ شهر دون أن نسمع عن هجوم لجماعة الحوثي في اليمن بطائرات مُسيّرة (درون) على أهداف في العمق السعودي، حتى باتت الدرون الانتحارية تحديداً عنواناً للردّ الحوثي المدعوم إيرانياً على السعودية التي تقود تحالفاً في البلاد.

غير أنه في الآونة الأخيرة برز دور المُسيّرات الصغيرة في العراق، إذ تكثّفت هجمات على قواعد ومصالح أمريكية، نُسبت إلى جماعات ومليشيات محسوبة على إيران، ما رفع مخاوف واشنطن التي صرحت بأنها لا تعلم يقيناً كيف توقف هجمات طائرات مُسيّرة صغيرة صُنعت بإمكانات محلية وباتت سلاحاً انتحارياً هجومياً.

المُسيّرات الصغيرة.. وجعٌ "يصدّع" رأس أمريكا

في 27 ديسمبر/كانون الأول 2019، كان لافتاً سقوط أكثر من 30 صاروخاً على قاعدة "كاي وان" (K1) العسكرية في كركوك التي تضمّ جنوداً أمريكيين، ما أسفر عن مقتل متعاقد أمريكي، وإصابة عدد من العسكريين الأمريكيين والعراقيين.

كان هذا الهجوم بداية رسمية، ربّما، لسلسلة من الهجمات بالصواريخ التي تستهدف مناطق تمركز جنود ودبلوماسيين أمريكيين. واشنطن تنسب هذه الهجمات التي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها إلى فصائل موالية لإيران في العراق، فيما بات واضحاً أنها تكثّفت منذ أكتوبر/تشرين الأول.

وفي هجوم بتوقيت لافت، في 4 أبريل/نيسان الماضي، سقط صاروخان قرب قاعدة "بلد" الجوية، قبل ثلاثة أيام من استئناف "الحوار الاستراتيجي" بين بغداد والإدارة الأمريكية الجديدة، وفي السابع منه وافقت واشنطن على سحب قواتها "القتالية" في العراق، لكنها قالت إنها ستبقي على بعثتها التدريبية في البلاد لسنوات.

غير أن هذه الهجمات ستأخذ منحى آخر (على مستوى السلاح)، ففي 14 أبريل/نيسان، أُطلق صاروخ على مطار "أربيل" عاصمة إقليم شمال العراق للمرة الأولى من طائرة مُسيّرة، حسب سلطات الإقليم، في تغيّر لافت لنوعية الأسلحة المستخدمة لاستهداف جنود الولايات المتحدة في البلاد.

وقتها، قالت وزارة الداخلية في الإقليم إن "طائرة مسيّرة محملة بمادة TNT استهدفت مقراً للتحالف في مطار أربيل"، ولم تتسبب في سقوط ضحايا لكنها ألحقت أضراراً بمبنى، تكشّف لاحقاً أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA كانت تستخدمه.

وفي 8 مايو/أيار، قال الجيش العراقي إن "طائرة مسيرة مفخخة" تحطمت في قاعدة "عين الأسد" الجوية، التي تضم قوات أمريكية، في رابع هجوم عليها في أقل من أسبوع بعد أن استهدفت بصواريخ في المرات السابقة.

قبل أيام، في 29 مايو/أيار، نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تقريراً مُطوّلاً يتناول الموضوع، تحت عنوان "المليشيات المدعومة من إيران تتّجه إلى هجمات الدرون وتُرعب القوات الأمريكية في العراق".

وأشارت الصحيفة إلى قلق المسؤولين في واشنطن من هجمات مليشيات مدعومة من إيران، باتت متزايدة واتجهت إلى استخدام طائرات مُسيّرة صغيرة لا تستطيع أنظمة الدفاع الجوي التي تحيط بالقواعد العسكرية والمباني الدبلوماسية رصدها، إذ تحلق على ارتفاع منخفض للغاية.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق قوله إن تهديد المُسيّرات أصبح مصدر قلق كبير لدى قوات التحالف، في غياب دفاعات فعالة تستطيع التعامل معها.

في مواجهة "سلاح الرعب".. مزيد من العمل؟

المُسيّرات الصغيرة الانتحارية التي باتت تُسمّى "سلاح الرعب" الجديد في العراق، صارت سؤالاً شاغلاً في الأوساط العسكرية الأمريكية، وهو ما أفصح عنه الجنرال فرانك ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأمريكية CENTCOM، قائلاً إن إيجاد طرق أفضل لمواجهة مثل هذه الهجمات يمثل أولوية قصوى، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لا تزال متأخرة في إيجاد الحلول.

وقال ماكنزي، في 22 مايو/أيار الماضي، إن استخدام طائرات مسيرة صغيرة من قبل المليشيات المدعومة من إيران سيزداد في السنوات القليلة المقبلة، إذ غالباً ما يصعب اكتشاف الطائرات غير المأهولة، وهي طائرات رخيصة وسهلة الشراء، ويصعب التغلب عليها.

وأكد الجنرال الأمريكي أنه يجب على الولايات المتحدة أن تجد المزيد من السبل لمواجهة استخدام هذه الطائرات من قبل من أسماهم "أعداء أمريكا في الشرق الأوسط وأماكن أخرى"، وأضاف "نعمل بكل جهد لإيجاد حلول تقنية من شأنها أن تسمح لنا بأن نكون أكثر فعالية ضد الطائرات بدون طيار".

وأوضح أن الجهود جارية للبحث عن طرق لقطع روابط القيادة والتحكم بين الطائرة بدون طيار ومشغلها، وتحسين أجهزة استشعار الرادار لتحديد التهديد بسرعة مع اقترابها، وإيجاد طرق إلكترونية وحركية فعالة لإسقاطها.

وقال ماكنزي إنه يمكن استخدام السياج والشباك العالية كإجراءات وقائية، وأضاف: "نحن منفتحون على كل الأمور. الجيش يعمل بكل جدية. غير أنني لا أعتقد أننا في المكان الذي نريد أن نكون فيه".

الخوف من هذا العجز الأمريكي أمام الدرون الانتحارية كان سؤالاً شاغلاً لماكنزي طيلة السنة الماضية، حتى إنه قال أمام مجلس الشيوخ في الكونغرس الأمريكي، في مارس/آذار 200: "أنفقنا مليارات الدولارات في وزارة الدفاع على أنظمة مواجهة المسيّرات. أنا قلق بسبب أننا نواجه خطراً مميتاً بسببها".

TRT عربي - وكالات