تابعنا
شنّت قواتُ النّظام السوري هجوما ضد مناطق المعارضة شمال البلاد، مما أدى إلى مقتل مئات المدنيين، وأجبر أكثر من 200 ألف منهم على الهروب. السوريون غاضبون من صمت المجتمع الدولي عن هجمات الأسد.

إدلب - بخلاف استنكار تركيا وجهودها لإنهاء الاعتداء الذي يشنّه النظام السوري، قوبل هجوم الأسد باستجابة صامتة للغاية من المجتمع الدولي.

وأعرب السّوريون الذين يفرون من هجمات النظام ضد المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة في إدلب عن غضبهم من تقاعس المجتمع الدولي الواضح عن وقف هجوم الأسد.

شنّت قواتُ النظام هجوماً ضد مناطق المعارضة في شمال البلاد أواخر أبريل/نيسان، ممّا أدى إلى مقتل مئات المدنيين وإجبار ما يصل إلى 250 ألف شخص على مغادرة المنطقة.

أدانت تركيا المجاورة للمنطقة انتهاكات النظام لاتفاقية وقف الأعمال العدائية، ودخل المسؤولون الأتراك في محادثاتٍ مع نظرائهم الروس -وهم الداعمون الرئيسيون للأسد- لإنهاء القصف.

وبالرغم من أنَّ الولايات المتحدة حثت روسيا على كبح جماح هجمات نظام الأسد، يرى السوريون المحاصرون في العنف أنَّ استجابة واشنطن ليست كافية.

وقال باسل العوني، وهو أب سوري لخمسة أطفال من معرة النعمان في محافظة إدلب: "لم تفعل الولايات المتحدة ولا الدول الأوروبية أي شيء لإيقاف الجرائم المستمرة ضدنا".

منذ بداية الحرب في 2011، تدخلت الولايات المتحدة عسكرياً في سوريا، حيث نفذت غارات جوية ضد جماعات على شاكلة تنظيم داعش، وقدمت التدريبات والدعم إلى تنظيم YPG الإرهابي -الفرع المحلي من تنظيم PKK الإرهابي- التي تقاتل تحت راية ما يُسمّى بقوات سوريا الديمقراطية.

بالرغم من هذا، نادراً ما اتُخِذت خطواتٌ ضدّ نظام الأسد، واقتصرت هذه التحرّكات على غارت جوية ضد مجموعةٍ صغيرة من الأهداف بعد الهجوم الكيميائي على خان شيخون في محافظة إدلب عام 2017.

وفي الأسبوع الماضي، ظهرت تقارير عديدة عن استخدام قوات الأسد غاز الكلور، وحذرت الولايات المتحدة بالانتقام من النظام إذا تأكّد وقوع هذه الهجمات.

العار

يرى العوني، الذي فرَّ من غوطة دمشق التي استُهدفت هي الأخرى بالأسلحة الكيميائية، أنَّ هذه الهجمات الانتقامية أبعد من أن تكون كافية لمنع هجماتٍ مماثلة.

وقال: "من العار على الولايات المتحدة أن تحذر الأسد من شن هجماتٍ كيميائية بينما كان السبب الوحيد في عدم شنهم هجمات ضده في 2013 بعد (هجوم) الغوطة، أنَّهم كانوا قانعين بأنَّه تخلص من ترسانة (الأسلحة الكيميائية)".

وأضاف: "يقول نظام الأسد إنَّ هناك مؤامرة دولية ضده، لكنَّ المؤامرة الحقيقية ضدنا هنا في شمال سوريا وعلى أيدي المجتمع الدولي، الذي وعدنا بالسلام وفشل في تحقيقه".

وردّد كرم مسلط نفس ذلك الرأي. فقد قال مدرس التاريخ البالغ من العمر 29 عاماً والقادم من مدينة جسر الشغور، إنَّ دول الغرب أظهرت "انعدام المسؤولية" تجاه الشعب السّوري.

وأوضح قائلاً: "لا جدوى من تهديدات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الموجهة إلى الأسد في حال استخدامه السلاح الكيميائي، وهي ليست إلا تصريحاتٍ سياسية".

وأضاف: "لقد تعرضنا للخيانة عندما لم يستجب العالم، والولايات المتحدة على وجه الخصوص، على استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية في الغوطة سنة 2013".

التأثير على المدنيين

تشير الأرقام الصادرة عن المجموعات الحقوقية في 2017 إلى أنَّ أكثر من 200 ألف مدني قُتلوا في السّنوات الست الأولى من الحرب.

ومن بين هؤلاء، قُتل عددٌ هائل على يد النظام السوري، إذ وصل إجمالي قتلى النظام من المدنيين إلى 190 ألف مدني، وتأتي في المركز التالي روسيا، التي قتلت أكثر بقليل من أربعة آلاف مدني في تلك المدة.

اضطرت الحرب أيضاً ملايين السوريين للفرار من البلاد. إذ يعيش أكثر من 3.6 مليون لاجئ سوري في تركيا، وفي الوقت ذاته يعيش ملايين منهم كذلك في الدول العربية المجاورة، إضافةً إلى حوالي مليون لاجئ سوري ينتشرون في دول الاتحاد الأوروبي، مثل ألمانيا.

الهجوم الذي شنه نظام الأسد على مناطق المعارضة بإدلب السورية أدى إلى مقتل المئات من المدنيين، وهروب حوالي 250 ألف منهم.  (AFP)
فرق النجاة تنتشل ضحايا هجوم نظام بشار من تحت الركام في إدلب، 27 ماي 2019.  (AFP)
TRT عربي
الأكثر تداولاً