"العالم كبير بما يكفي".. هل تخفض الصين التوتر مع الغرب تجنباً لمصير روسيا؟ / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

خلال محادثات عقداها في جزيرة بالي واستمرت لمدة ثلاث ساعات على هامش قمة العشرين بإندونيسيا، أكد الرئيس الصيني شي جينبينغ لنظيره الأمريكي جو بايدن الإثنين أن العالم "كبير بما يكفي" لازدهار بلديهما، لكنه حذر واشنطن من أن بكين تعتبر تايوان "خطاً أحمر" يجب عدم تخطيه.

وتابع شي قائلاً: "في ظل الظروف الراهنة، فإن الصين والولايات المتحدة تتقاسمان كثيراً من المصالح المشتركة"، مضيفاً أن بكين لا تسعى لتحدي الولايات المتحدة أو "تغيير النظام الدولي القائم"، داعياً الجانبين إلى "أن يحترم كل منهما الآخر".

من جهته قال بايدن: "بصفتنا زعيمَين لبلدينا فإنني أعتقد أن من واجبنا إظهار أن بإمكان الصين والولايات المتحدة إدارة خلافاتنا والحيلولة دون تحول المنافسة (...) إلى صراع وإيجاد سبل للعمل معاً بشأن القضايا العالمية الملحة التي تتطلب تعاوننا المتبادل".

وكانت العلاقات بين بكين وواشنطن ساءت في السنوات الأخيرة بسبب التوترات المتزايدة بشأن قضايا تتراوح من هونغ كونغ وتايوان إلى بحر الصين الجنوبي والممارسات التجارية والقيود الأمريكية على التكنولوجيا الصينية. لكن مسؤولين أمريكيين قالوا إن الجانبين تحليا بالهدوء خلال الشهرين الماضيين لإصلاح العلاقات.

هل تعلمت الصين من الدرس الروسي؟

تعلمت الصين من تجربة روسيا بعد عام 1991 وواصلت تحريرها الاقتصادي بعناية أكبر. واليوم، ما زالت الصين تراقب بقلق وتأمل تطورات الأزمة الأوكرانية الآخذة في التفاقم، ولا تنفك عن التفكير في حجم الفرص والتحديات التي قد تخلفها الأزمة الراهنة.

وعلى الرغم من أن بكين لم تصدر أي تصريحات تؤيد هجوم روسيا على أوكرانيا، فإنها أعلنت بشكل واضح وصريح تبنيها الموقف الروسي من تمدد الناتو على الحدود الشرقية وشجبت العقوبات الغربية الأحادية على موسكو فيما استمرت في تعزيز تعاونها الاقتصادي مع روسيا، وهو الأمر الذي أكده البيان المشترك الذي صدر عقب لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الصيني شي جين بينغ على هامش افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية المنعقدة في الصين.

ومع ذلك، يشير التحفظ الصيني بخصوص الأزمة الأوكرانية إلى أن الرئيس شي يتحوط بعناية في رهاناته، خصوصاً وأن أي تعبير عن الدعم الصيني المطلق لبوتين قد يترك للصين مجالاً ضئيلاً للمناورة. وفقاً لتقرير نشره موقع (Project Syndicate).

وعن إمكانية استخدام الروس أسلحة نووية في أوكرانيا، قال البيت الأبيض في بيان، إن "بايدن أثار (خلال اللقاء) حرب روسيا ضد أوكرانيا، وتهديدات روسيا غير المسؤولة بالاستخدام النووي". فيما نقل بيان صادر عن وزير الخارجية الصيني عن الرئيس شي جين بينغ قوله إنه لا يمكن استخدام الأسلحة النووية ولا يمكن خوض حروب نووية في أوكرانيا، وفقاً لرويترز.

هل يسعى الغرب لإعادة تقييم العلاقات مع بكين؟

بالتزامن مع تعثر الاقتصاد العالمي واستمرار الحرب في أوكرانيا والعلاقات المتوترة بين أكبر اقتصادَين في العالم، تتنافس الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوروبا وآسيا بشكل متزايد ضد الصين.

ورغم أن الاجتماع الذي عُقد الاثنين بين شي وبايدن كان مهماً وإيجابياً في إطار "وجود خيار للمنافسة ولكن ليس صراعاً منهجياً" حسب تصريحات البلدين، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل يوم الثلاثاء إن أوروبا ستتعاون مع الصين لكنها بحاجة إلى "إعادة التوازن" إلى لعلاقة من أجل تجنب الاعتماد المفرط عليها في مجالات مثل التكنولوجيا المبتكرة. وفقاً لما نقلته رويترز.

وأضاف ميشيل في مؤتمر صحفي قبل حضور قمة مجموعة العشرين أن أوروبا ستتعامل أيضاً مع الصين على الرغم من الخلافات بين الجانبين لأن "من المهم أن يسمع بعضهما بعضاً من أجل تطوير تفاهم أفضل". لكنه بالمقابل، أكد على ضرورة أن تتجنب أوروبا ارتكاب "نفس الأخطاء" السابقة بالاعتماد المفرط على الوقود الأحفوري الروسي.

وتابع: "بالنسبة إلى الصين، لا نريد أن نعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا المبتكرة التي نحتاج إليها اليوم، ونحن بحاجة إلى مزيد في المستقبل. لهذا السبب من المهم إعادة التوازن إلى العلاقة ولهذا من المهم أيضاً التواصل مع السلطات الصينية".

لا خطة لغزو تايوان

عقب تقييم متفائل للقائه مع نظيره الصيني شي جينبينغ الاثنين قال الرئيس الأمريكي جو بايدن: "إنه لا يعتقد أن لدى الصين خططاً وشيكة لغزو تايوان". وأعلن في مؤتمر صحفي عقب المحادثات الثنائية في بالي الإندونيسية: "لا أعتقد أن من جانب الصين أي محاولة وشيكة لغزو تايوان". وفقاً لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وجاءت هذه التقييمات الإيجابية حول تايوان بعد اللقاء الذي جمع رئيسَي البلدان ضمن مساعيهما لتخفيف التوتر في ظل التنافس المحتدم بين القوتين العظميين، وأسفرت قمتهما التي امتدت ثلاث ساعات عن تفاهمات بشأن رفض استخدام السلاح النووي في أوكرانيا فيما استمر تباين مواقفهما حول خطوط الصين "الحمراء" حول تايوان.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أيضاً إعلان بايدن أنه لا داعي لقيام حرب باردة جديدة، وتحدث الزعيمان عن الرغبة في منع تحول التوترات الشديدة إلى نزاع. وقال شي لبايدن إن البلدين "بينهما مصالح مشتركة أكثر من المصالح المتعارضة"، وفق ما جاء في تصريحات صينية حول الاجتماع بدت أكثر تصالحية مما قد توحي به مواقف السنوات الثلاث الماضية. وأضاف تشي "العالم يتوقّع أن تعالج الصين والولايات المتحدة بشكل صحيح العلاقة" بينهما.

TRT عربي