المنصف المرزوقي قاد حكومة انتقالية بين عامي 2011 و 2014   (Getty Images)
تابعنا

وجه الرئيس التونسي السابق، المنصف المرزوقي، اتهاماً إلى السعودية والإمارات وإسرائيل بتسببها في "خلق الفوضى" بعدد من الدول العربية ضمن جهودها للتصدي لثورات عام 2011.

وقال المرزوقي، الذي قاد حكومة انتقالية بين عامي 2011 و 2014، لشبكة TRT إن الرياض وأبو ظبي نسَّقتا جهوداً مع تل أبيب "لتدمير كل شيء مرتبط بالثورات العربية".

وأضاف أن هذا التنسيق الإسرائيلي الإماراتي السعودي: "نجح، إلى حدّ ما، في إدخال الفوضى في اليمن، الفوضى في ليبيا، الفوضى في سوريا والانقلاب في مصر. وفي تونس كل أموالهم وراء المال الفاسد والإعلام الفاسد."

وأوضح قائلاً: "واستطاعوا أن يتخلصوا مني بما أنني كنت، إن صح التعبير، رمز هذه الثورة أو أول رئيس جاء إلى الحكم بهذه الثورة".

وانُتخب المرزوقي عن طريق المجلس الوطني التأسيسي التونسي في أعقاب سقوط زين العابدين بن علي، وقد أشار في حديثه إلى أن "نجاح الربيع العربي في الإطاحة بالمستبدين العرب تسبب في صرخة فزع في الأساس بالمنظومة الخليجية التي هي السعودية والإمارات" اللتين عبرتا عن خوفهما من أن "إن هذا المدّ ربما سيصلنا" بحسب قوله.

ورأى المرزوقي أن مثل هذه المخاوف قادت البلدين إلى التنسيق مع إسرائيل "لضرب هذه الثورات".

وقال: "أعتقد أن هذا حدث بالتنسيق مع الإسرائيليين أيضا، لأنهم ما كان بإمكانهم أن يقبلوا مثلاً أن دولة عظيمة وكبيرة مثل مصر تصبح دولة خارج السيطرة".

التصدي للموجة

في فبراير/شباط 2011، وصلت موجة الاحتجاجات إلى مملكة البحرين.

قادت المعارضة الشيعية في البلاد أغلب هذه الاحتجاجات، ضد العائلة الملكية التي تنتمي إلى الطائفة السنية.

ودخلت إلى البحرين قوةٌ عسكريةٌ تتألف في الغالب من قوات سعودية وإماراتية، دعما للنظام البحريني بعد شهر من هذا التاريخ، بهدف قمع الاحتجاجات، وضمن جهود أيدها مجلس التعاون الخليجي الذي يتألف من تحالف إقليمي بين ست دول خليجية.

وفي جهوده لضمان عدم وصول الاحتجاجات إلى دول عربية أخرى، أعلن مجلس التعاون منحه الأردن والمغرب حزم مساعدات في نهاية 2011.

بعد عامين، أعلنت السعودية والإمارات عن هبات تُقدر بمليارات الدولارات لمساعدة مصر في استقرار اقتصادها، بعد أيام من إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطياً في البلاد.

وقال المرزوقي: "الأمور كلها مترابطة وواضحة. هي معركة بين منظومة قديمة تريد الحفاظ على سُلطتها... وشعوب تريد أن تسترجع كرامتها وحريتها واستقلالها".

كما دعا المرزوقي الرئيس السوداني عمر البشير إلى التنحي في ظل الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي تجتاح السودان.

وقال: "أنصحه بالتنحي وبالرحيل سلمياً وبعدم تكليف الشعب دماء كما كلّف (بشار) الأسد الشعب السوري؛ لأنه في آخر المطاف ليس له خيار. بعد 30 سنة يكفي ما جرّب وعليه أن يرحل".

الإمارات: شُرطي العالم العربي

منذ مغادرة منصبه الرئاسي، انتقد المرزوقي الإمارات علانيةً، واتهمها من قبل بـ "إطلاق الإرهاب" في تونس.

ويعتقد الرئيس السابق أن "التدخل" الإماراتي يتجاوز تونس، ويتهم الدولة الخليجية الغنية بالتدخل في شؤون البلاد العربية نيابة عن قوى أخرى "كلفت" الإمارات بأداء دور "شرطي العالم العربي".

وتساءل المرزوقي: "من يمول (خليفة) حفتر في ليبيا؟ الإمارات، من يقوم بمحاولة فصل جنوب اليمن؟"، وذلك في إشارة إلى التمويل السياسي والمالي من جانب الإماراتيين إلى حركة انفصالية يمنية.

يعتقد المرزوقي أن الإمارات لا تمارس سياستها الخارجية في المنطقة العربية باستقلالية، بل تتلقى بدلاً من ذلك "تعليمات" من جهات أشار إليها بـ "أسيادهم" في إسرائيل وبعض دول الغرب.

وقال المرزوقي إنه تواصل مع مسؤولين أمريكيين خلال توليه الرئاسة، في محاولةٍ لكبح ما ارتأى أنه تدخلٌ إماراتيٌ في شؤون حكومته.

وأوضح: "نحن أرسلنا مطالبنا ولم نتلقَ ردّاً مباشرا أو غير مباشر عليها".

في عام 2016، استجاب أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة الإمارات، من خلال تغريدة لاذعة رداً على انتقادات المرزوقي، قال فيها: "المرزوقي في هجومه على الإمارات لا يخرج عن سياق أدائه السياسي بكل خفته وعدم اتزانه".

مخاوف من تزوير الانتخابات

بعد توليه رئاسة تونس لثلاث سنوات، خسر المرزوقي في أول انتخابات رئاسية تشهدها بلاده في ديسمبر 2014 أمام الباجي قائد السبسي، وهو مسؤول سابق في حكومة بن علي، وأحد الأشخاص الذين يُنظر إليهم باعتبارهم أعضاء "النظام القديم".

قال المرزوقي إن السبسي تعهد بـ "حلول اجتماعية واقتصادية" بعدما اتهم حكومة المرزوقي بالفشل في النمو بالاقتصاد.

وأضاف: "هذا ما قالوه للشعب، والآن واضح أنها كلها وعود زائفة لأن انهيار المعيشة وتفاقم الديون وانهيار الدينار (مستمر) يوماً بعد يوم".

يعتقد المرزوقي، الذي يوجه انتقادات قوية إلى الحكومة الحالية، أن الانتخابات المقبلة المُنتظر عقدها في وقت لاحق من العام الحالي، سوف تؤدي إلى "إعادة خلط الأوراق".

وقال: "لا يمكن الشعب الذي يعاني اليوم من الغلاء، ومن انهيار القدرات الشرائية ومن وضع متأزم أن يستعيد الثقة بأناس كذبوا عليه".

وتخوف المرزوقي من إمكانية تزوير الانتخابات القادمة. وعندما سُئل عمن يمكن أن يرتكب مثل هذه الأمور، أشار المرزوقي إلى النظام الحالي، قائلاً إن أغلبه يتشكل من النظام القديم.

وأضاف المرزوقي: "المنظومة القديمة اعتادت على تزوير الانتخابات. الباجي قائد السبسي فاخرَ في أنه زيّف الانتخابات في 1981... هذا معروف".

كان المرزوقي يشير إلى مقابلة مع السبسي، ظهر فيها على قناة الجزيرة عام 2011 واعترف أن الانتخابات كانت مزورة حينما كان يشغل منصب وزير الداخلية.

وعندما سُئل عما إذا كان سيترشح مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية في بلاده، والمقرر عقدها في ديسمبر/كانون الأول، لم يعطِ المرزوقي إجابة حاسمة.

وقال الرئيس التونسي السابق: "أنتظر أولاً أن تُعطى للعملية الانتخابية كل فرص النجاح".

TRT عربي