اليابان تسعى إلى التقارب مع الناتو.. هل تزداد حدة التوتر مع روسيا والصين؟ / صورة: middleeastmonitor (middleeastmonitor)
تابعنا

لطالما كانت اليابان لاعباً محايداً في السياسة الدولية، وتفضل الحفاظ على علاقات اقتصادية قوية مع جميع البلدان بدلاً من الانضمام إلى كتلة معينة. ومع ذلك، اتخذت اليابان في السنوات الأخيرة خطوات لتعزيز علاقاتها الدفاعية والأمنية مع الغرب، بما في ذلك الناتو. وتأتي هذه الخطوة وسط مخاوف متزايدة بشأن التوسع العسكري الصيني في المنطقة وسلوك روسيا الحازم.

وفي مقابلة حصرية مع شبكة سي إن إن الأمريكية الأربعاء، قال وزير الخارجية الياباني يوشيماسا هاياشي إن اليابان تجري محادثات لفتح مكتب اتصال لحلف شمال الأطلسي على أراضيها، وهو الأول من نوعه في آسيا، قائلاً إن غزو روسيا لأوكرانيا جعل العالم أقل استقراراً.

وقال هاياشي متحدثاً قبل أسبوع من قمة مجموعة السبع التي تستضيفها اليابان هذا العام في هيروشيما، "نحن في مناقشات بالفعل، لكن لم يجرِ الانتهاء من التفاصيل بعد". وموضحاً أنه منذ العدوان الروسي على أوكرانيا، أصبح العالم أكثر اضطراباً، مما أجبر اليابان على إعادة التفكير في الأمن الإقليمي.

مدفوعاً بالحرب الأوكرانية

وأشار وزير الخارجية الياباني على وجه التحديد إلى الغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي باعتباره حدثاً له تداعيات تتجاوز حدود أوروبا، وأضاف: "شيء ما يحدث في أوروبا الشرقية، لا يقتصر فقط على القضية في أوروبا الشرقية، وهذا يؤثر بشكل مباشر في الوضع هنا في المحيط الهادئ. لهذا السبب (أصبح) التعاون بيننا في شرق آسيا وحلف الناتو ذا أهمية متزايدة".

وأكد هاياشي أنه على الرغم من أن اليابان ليست عضواً في معاهدة الناتو، إلا أن هذه الخطوة من شأنها أن تبعث رسالة مفادها أن شركاء الكتلة في آسيا والمحيط الهادئ "ينخرطون بطريقة ثابتة للغاية" مع الناتو.

تجدر الإشارة إلى أن الناتو لديه مكاتب اتصال مماثلة في أماكن أخرى حول العالم، بما في ذلك أوكرانيا وفيينا.

وفي سياق متصل، أفادت صحيفة Nikkei Asia اليابانية الأسبوع الماضي أن مكتب الاتصال في اليابان سيمكن من إجراء مناقشات مع شركاء أمن الناتو، مثل كوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا، حول التحديات الجيوسياسية، والتقنيات الناشئة والمدمرة، والتهديدات الإلكترونية.

بحثاً عن الحماية

اهتمام اليابان بحلف الناتو ليس جديداً. أقامت اليابان شراكة مع المنظمة لأول مرة في عام 2011 وعملت على تعميق مشاركتها منذ ذلك الحين. في عام 2018، أصبحت اليابان أول دولة آسيوية تنشئ بعثة دبلوماسية لدى الناتو. في العام التالي، حضر وزير الدفاع الياباني تاكيشي إيوايا، اجتماع وزراء دفاع الناتو، وهي المرة الأولى التي يحضر فيها وزير دفاع ياباني مثل هذا التجمع.

فيما يرى الخبراء أن قرار اليابان نحو توثيق العلاقات مع الناتو مدفوع جزئياً بالرغبة في زيادة قدراتها الدفاعية وحماية نفسها بشكل أفضل من التهديدات المحتملة في المنطقة. وذلك بعد أن زادت ميزانية الدفاع اليابانية بشكل مطرد في السنوات الأخيرة، وتستثمر البلاد بكثافة في المعدات والتقنيات العسكرية الجديدة.

ومع ذلك، فإن علاقة اليابان المتنامية بحلف الناتو لم تمر دون أن يلاحظها أحد من قبل القوى الكبرى الأخرى في المنطقة، ولا سيما روسيا والصين. وقد أعرب كلا البلدين عن قلقهما بشأن القدرات العسكرية المتزايدة لليابان وعلاقاتها الوثيقة بالغرب.

تعمق خطوط الصدع

من شأن افتتاح مكتب اتصال لحلف شمال الأطلسي في اليابان أن يمثل تطوراً مهماً للتحالف الغربي وسط تعميق خطوط الصدع الجيوسياسي، ومن المرجح أن يجتذب انتقادات من الحكومة الصينية، التي سبق أن حذرت من مثل هذه الخطوة.

وفي حين دفعت الحرب الأوكرانية فنلندا والسويد غير المنحازين للتخلي عن حيادهما وطلب الحماية داخل الناتو، تسببت الحرب أيضاً في اقتراب دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية من شركائها الغربيين، مع تقديم جبهة موحدة ضد التهديدات المتصورة الأقرب إلى الوطن، وفقاً لهاياشي الذي سلط الضوء على ما وصفه بالبيئة الأمنية الإقليمية "الشديدة والمعقدة" لليابان، مشيراً إلى أنه بالإضافة إلى العدوان الروسي المتزايد، فإن طوكيو تكافح أيضاً كوريا الشمالية المسلحة نووياً والصين الصاعدة.

وبينما تعمل الصين على زيادة قواتها البحرية والجوية في مناطق بالقرب من اليابان، حيث تدعي أن جزر سينكاكو غير المأهولة التي تسيطر عليها اليابان في بحر الصين الشرقي هي أراضيها السيادية، تصاعدت التوترات بين اليابان وروسيا أيضاً في الأشهر الأخيرة، مدفوعةً بالتدريبات العسكرية الروسية في المياه بين البلدين، والدوريات البحرية الصينية الروسية المشتركة في غرب المحيط الهادئ بالقرب من اليابان.

وفي مواجهة هذه الاحتكاكات المتزايدة، أعلنت اليابان مؤخراً عن خطط لأكبر حشد عسكري لها منذ الحرب العالمية الثانية. ولكن على الرغم من التوترات الإقليمية المتزايد، قال هاياشي إن الافتتاح المحتمل للمكتب لا يستهدف دولاً بعينها. وأضاف أن اليابان والدول الأخرى لا تزال بحاجة إلى التعاون مع الصين في قضايا أكبر مثل تغير المناخ ووباء كوفيد -19، وأن طوكيو تريد "علاقة بنّاءة ومستقرة" مع بكين.


TRT عربي