تتعهد ميلوني بتشديد الخناق على عبور المهاجرين إلى إيطاليا (Others)
تابعنا

جاءت نتائج الانتخابات البرلمانية الإيطالية، يوم الأحد، كما تنبَّأت بها استطلاعات الرأي طوال فترة الحملة الانتخابية. إذ فاز تحالف اليمين المتطرف بالأغلبية الحكومية، وحلّ حزب "إخوة إيطاليا" الذي يتزعّم التحالف أولاً، بحصده نسبة 26% من الأصوات.

وبشكل إجمالي، حصل تحالف اليمين المتطرّف على 44% من الأصوات في مجلس النواب كما في مجلس الشيوخ، توزّعت بين "إخوة إيطاليا" الذي حلَّ أولاً، ويليه "الرابطة" الذي حلّ رابعاً على سلّم الترتيب بنسبة 8.8%، ثم "فورزا إيطاليا" في المركز الخامس بـ8.1%. وعلى جانب المعارضة، لم يُحقّق تحالف اليسار بزعامة "الحزب الديمقراطي" سوى 26% من الأصوات، تليه حركة "5 نجوم" بـ15.4% من الأصوات.

وفي وقت سابق، يوم الاثنين، خطبت زعيمة "إخوة إيطاليا" جورجيا ميلوني، قائلة: "إذا استُدعينا لحُكم هذا الشعب، فسوف نفعل ذلك من أجل جميع الإيطاليين بهدف توحيد الشعب وتمجيد ما يوحّده وليس ما يفرقه.. لن نخون ثقتكم". كما دعت إلى الوحدة للمساعدة في مواجهة مشكلات البلاد العديدة.

يتغذّون على عداء المهاجرين

تُعدّ إيطاليا إحدى أكثر الدول الأوروبية استقبالاً للاجئين، وإلى حدود 21 سبتمبر/أيلول الجاري، عبر إلى شواطئها أزيد من 68 ألف لاجئ فقط عبر جزيرة لامبيدوزا. ونشرت وسائل إعلام إيطالية أن إحدى أكبر عمليات العبور حدثت ليلة الجمعة 26 أغسطس/آب، حين وفد على شواطئ جنوبها نحو 50 قارباً، يحملون أزيد من ألف مرشح للهجرة.

ووفقاً لتقارير مكتب الإحصاء الوطني الإيطالي، يُقيم نحو 5.2 مليون مهاجر في إيطاليا مشكّلين نسبة 9% من سكان البلاد، فيما يصعب تحديد أرقام المهاجرين السريين.

ومثّل هذا الواقع نقطة محورية في الحملة الانتخابية لتحالف اليمين، الذي تجتمع الأحزاب المكوِّنة له على نصب العداء للمهاجرين واللاجئين، وتتوعد بغلق أبواب البلاد أمام عمليات عبورهم واستقرارهم إذا ما فازت بالانتخابات.

وأحد أبرز المؤشرات على ذلك اختيار زعيم حزب "الرابطة" اليميني المتطرّف، ماتيو سالفيني، إطلاق حملته الانتخابية الأخيرة من جزيرة لامبيدوزا، المحاذية للسواحل التونسية، والتي تُعدّ أبرز نقطة استقبال للاجئين في أوروبا والعالم. وقال سالفيني وقتها في اجتماع خطابي: "من يحقّ له المجيء إلى إيطاليا يأتي في الطائرة وليس في زورق مجازفاً بحياته. ومن لا يحقّ له ذلك، فلا يأتي".

من جانبها، لا تقلّ جورجيا ميلوني، المرشحة لقيادة الحكومة، عداءً للمهاجرين من زميلها سالفيني. ذلك ما عبّرت عنه طوال مسيرتها السياسية، وجددته خلال الحملة الأخيرة، إذ اتّهمت في أحد الاجتماعات الخطابية الدول المغاربية بأنهم "يسمحون لآلاف المهاجرين للعبور، من أجل أن يبيع الرجال المخدرات وتمارس النساء البغاء، لن أسمح لهم بذلك ولدي فكرة أخرى عن التضامن".

هذا وحذّر المفوض الأممي السامي لشؤون الهجرة فيليبو غراندي، من تصاعد الخطاب المعادي للمهاجرين في إيطاليا، والارتزاق منه سياسياً ممّن وصفهم بـ"نوع معيّن من القومية الزائفة التي تدافع عن العديد من الأشخاص الانعزاليين". وقال غراندي: "عندما نصوّت، دعونا نختار أولئك الذين يُدركون هذا التعقيد في الهجرة، ويضعون التعاون في البلد أولاً للعمل معاً بروح بنّاءة، فدون التعاطف الصادق مع هذا البُعد الإنساني، وليس فقط السياسي والاجتماعي والاقتصادي، فإنّ أيّ ردٍ محكوم عليه بالفشل".

سياسة "صفر مهاجرين"

وتتعهد ميلوني بنهج سياسة "صفر مهاجرين"، التي تركّز فيها على نقاطتين أساسيتين، أهمّهما تشديد العمليات العسكرية الأوروبية ضد زوارق المهربين في عرض المتوسط للحيلولة أمام رسوّهم على شواطئ البلاد، إضافة التنسيق مع السلطات الليبية والتونسية لتشديد الحراسة على الشواطئ. وبذلك "سننتهي من تراهات بروكسيل" حسب ما قالت في أحد خطاباتها.

ولا تقوم ميلوني، عبر وعودها الانتخابية تلك، إلا بإعادة تطبيق السياسات التي انتهجها زميلها في الأغلبية ماتيو سالفيني، حين كان في منصب وزير الداخلية، ما بين عامي 2018 و2019. وقتها سعى سالفيني إلى تعزيز خفر السواحل الإيطالي لمكافحة عمليات تهريب البشر، كما تشديد إجراءات قبول طلبات اللجوء عبر الضغط لتنصيب قضاة موالين له في المحاكم المختصة بهذا الشأن.

كما حارب سالفيني وقتها نشاط منظمات إنقاذ اللاجئين، حيث رفضت السلطات الإيطالية رسوّ زوارق الإنقاذ على أراضيها، بل واعتقلت ربابنة تلك الزوارق، مثل ما وقع مع الناشطة كارولا راكيتي ربانة سفينة الإغاثة التابعة لمنظمة "Sea watch" الألمانية. وفي ذات السياق اقترح زعيم "الرابطة" سنّ قانون يفرض بموجبها رسوماً على الناجين من المهاجرين السريين الذين يُنتشلون في عرض مياه المتوسط بين 3500 و 5500 يورو لكلّ مهاجر أُنقذ من الموت.

ويؤكد مراقبون اتباع الحكومة الإيطالية المستقبلية هذا النسق في التعاطي مع قضية الهجرة واللجوء، من بينهم عضو المجلس التنفيذي لمنظمة الإغاثة الألمانية "Sea-Eye" جوردن إيسلر، الذي حذّر مِن أنّ "مثل هذه الحكومة من المرجح أن تصعّد من عمليات الردع تجاه الأشخاص الذين يسعون للحصول على الحماية إلى مستويات لا يمكن تصورها، وربما تذهب إلى أبعد مما تفعله الجهات الحكومية في اليونان".

TRT عربي