اليونان تحارب كل ما هو تركي في إقليم تراقيا الغربية في انتهاك صارخ لشروط اتفاقية لوزان وقرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. (Others)
تابعنا

أدان متحدث وزارة الخارجية التركية تانجو بيلغيتش، قرار السلطات اليونانية إغلاق 4 مدارس ابتدائية للأقلية التركية في منطقة تراقيا الغربية في السنة الدراسية 2022-2023، مشيراً إلى هذا القرار يعتبر القرار انتهاكاً لاتفاقية لوزان للسلام، التي تنص على حق الأقليات في إنشاء مدارسهم وإدارتها.

يذكر أن إقليم تراقيا الغربية الواقع شمال شرقي اليونان قرب الحدود مع تركيا، يعد موطناً لأقلية تركية يبلغ عدد سكانه نحو 150 ألف نسمة، تصر اليونان على إنكار هويتهم التركية وتكتفي بوصفهم حسب هويتهم الدينية وليست العرقية.

أصل الحكاية

عقب انتصار الأتراك في حرب التحرير والاستقلال التركية ضد قوى الاستعمار الغربي وتأسيس الجمهورية التركية في أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 1923، انسحبت اليونان من إقليم تراقيا التركي ووُقّعت اتفاقية تبادل سكاني مع الجمهورية التركية، يوم 30 يناير/كانون الثاني 1923، استُثني منها أبناء الأقلية التركية في تراقيا الغربية شمال شرقي اليونان.

ومنذ توقيع اتفاقية التبادل السكاني قبل نحو 99 عاماً، لا تزال الأقلية التركية المسلمة التي تسكن إقليم تراقيا الغربي تعاني من مشكلات متنوعة وانتهاكات مستمرة وحرمان من أقل الحقوق الإنسانية، بدءاً من استثنائهم من اتفاقية التبادل السكاني، مروراً بالانتهاكات الشديدة للحقوق الأساسية إبان فترة حكم العسكر لليونان ابتداءً من عام 1967 حتى سقوطهم في أعقاب "عملية السلام" التركية في جزيرة قبرص عام 1974، ووصولاً إلى الأزمة الحالية المتمثلة في رفض الحكومة اليونانية الاعتراف بهويتهم العرقية، فضلاً عن التدخل في شؤونهم الدينية والتعليمية.

الدكتور صادق أحمد، الذي اغتيل يوم 24 يوليو/تموز 1995، في الذكرى الـ 73 لتوقيع اتفاقية لوزان، بحادث مروري مريب. (AA)

وعلى الرغم من الاتفاقيات الموقعة وقرارات الأمم المتحدة، تصر اليونان على محاربة وحظر كل ما هو تركي في محاولة منها لطمس الهوية التركية. ومن أبرز هذه المحاولات اغتيال قائد أتراك تراقيا الغربية، الدكتور صادق أحمد، الذي اغتيل يوم 24 يوليو/تموز 1995، في الذكرى الـ 73 لتوقيع اتفاقية لوزان، بحادث مروري مريب. فيما اشتهر صادق، الذي سُجن لأنه وصف أتراك تراقيا الغربية بـ "الأتراك"، بعبارته التي ما زالت خالدة حتى اليوم، والتي قال فيها لكل العالم "إذا كان كونك تركياً هو جريمة، فأنا أكرر هذا: أنا تركي وسأظل كذلك".

محاربة كل ما هو تركي

حادثة إغلاق المدارس الأربعة الأخيرة، ليس بالأمر الجديد على السلطات اليونانية. فإلى جانب إغلاق المدارس والحضانات، حظرت اليونان تدريس اللغة التركية لغة ثانية في تراقيا الغربية، رغم أن هكذا قرارات تعتبر انتهاكاً صريحاً لاتفاقية لوزان للسلام والأحكام الصادرة من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والتي تنص جميعها على حق الأقليات استخدام هويتهم العرقية وإضافة كلمة "تركي" في أسمائها، فضلاً عن إنشاء مدارسهم وإدارتها.

ولا يواجه الأتراك صعوبات العثور على التعليم وأماكن العبادة وحسب، ولكن أيضاً في العثور على المقابر، لأن السلطات اليونانية لا تسمح بمقابر المسلمين. وبينما لا تسمح اليونان ببناء مساجد للأقلية المسلمة، لم يتمكن ما يقرب من ألف تركي يعيشون بالقرب من سالونيك من أداء صلاة العيد هذا العام، بسبب منع السلطات اليونانية.

وفي حديث سابق للأناضول، قال مفتي مدينة اسكتجه (كسانثي) اليونانية بمقاطعة مقدونيا الشرقية وتراقيا أحمد مته: "تسعى اليونان لإنكار هُويتنا القومية والدينية من أجل يَوْنَنة المنطقة. هُويتنا التركية الإسلامية غير معترَف بها، وجمعياتنا مُغلَقة بقرار من المحكمة لأن أسماءها تتضمن كلمات تركية".

وانطلاقاً من النهج الثابت التي تتبناه وزارة الخارجية التركية، والمتمثل في عبارة "سنقف على الدوام إلى جانب أبناء جلدتنا في نضالهم العادل"، قال وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو، خلال مؤتمر صحفي عاصف مع نظيره اليوناني منتصف أبريل/نيسان 2021: "أنتم لا تسمحون للأقلية التركية بأن تطلق على نفسها تسمية تركية، أنتم تسمّونهم مسلمين، إذا كانوا يعتبرون أنفسهم أتراكاً فهم أتراك، عليكم أن تعترفوا بذلك".

"اتحاد الشباب التركي في كسانثي"

في عام 1927، تأسست جمعية "اتحاد الشباب التركي في كسانثي" كأول اتحاد لأقلية تراقيا الغربية التركية، لتلبية الحاجة الاجتماعية المتعلقة بالهيكل الاقتصادي للمدينة. ومع ذلك، فقد أغلقت الجمعية الثقافية وحُرمت من وضعها الرسمي بقرار من المحكمة في عام 1983 لأنها كانت تحمل كلمة "التركية" في اسمها، وهي الخطوة التي اتخذت بناءً على حافزين رئيسيين. الأول: إجبار الأقلية التركية على الهجرة، والثاني: تذويب الهوية التركية وطمسها لمن يرفض المغادرة.

وفي حديثه مع موقع (TRT Haber) حول كفاح أتراك تراقيا الغربية والدعوى القضائية ضد قرار إغلاق الجمعية، قال رئيس جمعية "سكن الشباب التركي كسانثي" أوزان أحمد أوغلو: "الجمعية عبارة عن شجرة كبيرة عمرها 95 عاماً. وهي جمعية ثقافية أسسها الأتراك في كسانثي من أجل الحفاظ على ثقافتنا وهويتنا على قيد الحياة ونقلها إلى الأجيال القادمة".

ومنذ ثمانينيات القرن الماضي تحظر اليونان جميع الجمعيات التركية التي تضم في أسمائها كلمة "تركي"، وترفض الامتثال لقرارات محكمة حقوق الإنسان الأوروبية التي صدرت ضد اليونان في هذا الخصوص عام 2008. إذ ردت اليونان بكل عنجهية "أنا لا أنفذ قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان".

TRT عربي