ماذا تعرف عن معاهدة نيو ستارت بين موسكو وواشنطن؟ / صورة: AA (AA)
تابعنا

أقر البرلمان الروسي بغرفتيه الأربعاء قانون تعليق عمل البلاد بمعاهدة نيو ستارت بشأن التسلح النووي بعد يوم من إعلان الرئيس فلاديمير بوتين تعليق العمل بها. وحسب وكالة الأنباء الروسية تاس لم يبقَ أمام القرار سوى إجراء نشره في الجريدة الرسمية ليصبح بعدها ساري المفعول.

وقال الرئيس الروسي بوتين بخطاب له الثلاثاء إن "الغرب يسعى لهزيمتنا وتدمير مواقعنا النووية، لهذا توجَّب على روسيا تعليق مشاركتها في معاهدة نيو ستارت".

فيما تعد معاهدة "نيو ستارت" الثنائية، بين الولايات المتحدة وروسيا الآلية الدولية الوحيدة للحد من تصعيد نووي بين أقوى دولتين بالعالم في هذا المجال، وتخفيض مستويات التسلح النووية لديهما.

ما معاهدة نيو ستارت؟

تُعَدّ معاهدة نيو ستارت أو "البداية الجديدة" الاتفاقية الوحيدة الباقية بين الولايات المتحدة وروسيا، في مجال مراقبة الأسلحة النووية.

وتعود جذور هذه المعاهدة إلى أبريل/نيسان 2010 حين وقّع الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما ونظيره الروسي ديمتري ميدفيديف في العاصمة التشيكية براغ على اتفاقية نيو ستارت، واسمها الرسمي "المعاهدة المبرمة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الروسي بشأن تدابير زيادة خفض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية والحد منها: نيو ستارت"، بعد أن صدّق عليها مجلس الشيوخ الأمريكي ومجلس الدوما ومجلس الاتحاد الروسي بعد جولات من المفاوضات.

ودخلت الاتفاقية حيّز التنفيذ فبراير/شباط 2011 بمدى زمني يمتد 10 أعوام ينتهي 5 فبراير 2021. ونصت على تخفيض الحدود القصوى للرؤوس الحربية الهجومية الاستراتيجية العابرة للقارات للبلدين بنسبة 30%، والحدود القصوى لآليات الإطلاق بنسبة 50%. أي ما لا يزيد على 1550 رأساً نووياً استراتيجياً و700 صاروخ طويل المدى وقاذفات قنابل، وتخفيض عدد منصات الإطلاق والقاذفات الثقيلة إلى 800 قطعة.

كما نصَّت المعاهدة على إمكانية إجراء الطرفين الروسي والأمريكي عمليات تفتيش دون أن يفرض ذلك قيوداً على أي نشاط لتطوير البرامج النووية.

ومع بلوغ آجال انتهاء العمل بالمعاهدة اقترح الرئيس الأمريكي جو بايدن التمديد، وهو ما رحبت به موسكو. ووُقّع يوم 29 يناير/كانون الثاني 2021 التمديد لمدة 5 سنوات أخرى بين الجانبين، وسط ترحيب البلدين وإشادة حلف الناتو والاتحاد الأوروبي بما اعتبروه مساهمة في حفظ الأمن الدولي.

وعلّق حينها وزير الخارجية أنتوني بلينكن قائلاً إن "تمديد معاهدة نيو ستارت يضمن أن يكون لدينا حدود يمكن التحقق منها بشأن الصواريخ الباليستية الروسية العابرة للقارات والصواريخ الباليستية التي تُطلَق من الغواصات والقاذفات الثقيلة حتى 5 فبراير 2026".

وأضاف أنه "في أوقات التوتر على وجه الخصوص تُعتبر القيود الممكن التحقق منها على الأسلحة النووية الروسية العابرة للقارات ذات أهمية قصوى".

وبينما تضمن هذه المعاهدة تقييد عدد الأسلحة النووية الاستراتيجية وتحدّ أيضاً من الصواريخ والقاذفات الأرضية والغواصات التي تنقلها، فإن خرقها أو إلغاء العمل بها قد يؤجّج الصراع وسباق التسلح.

ماذا يعني تعليق روسيا العمل بنيو ستارت؟

ويؤدي تعليق روسيا العمل بمعاهدة نيو ستارت إلى سقوط إلزامية كشفها عن ترسانتها النووية، وبالتالي التعتيم على القدرات النووية، ما يعد ضربة استراتيجية للغرب ويهدد بمخاطر تصعيد نووي بين الطرفين.

وعقب انطلاق الحرب بأوكرانيا في 28 فبراير 2022 أعلنت روسيا نشر قوات الردع النووي الاستراتيجية، ووضعها بحالة التأهب الخاصة للقتال لمنع أي دعم غربي للقوات الأوكرانية. وقال الموقع الرسمي لوزارة الدفاع الروسية وقتها إن "قوات الردع الاستراتيجي مصممة لردع العدوان على روسيا وحلفائها، بما في ذلك حالة نشوب حرب باستخدام الأسلحة النووية".

وتضم القوات الاستراتيجية الروسية الصواريخ الاستراتيجية والطائرات والقاذفات بعيدة المدى المجهَّزة بصواريخ عابرة للقارات وأسلحة دقيقة موجهة بعيدة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية. كذلك تضمّ قاذفات الطيران بعيدة المدى والغواصات والسفن، الممكن استخدامها في إطلاق أسلحة تقليدية أو صواريخ حاملة لرؤوس نووية.

وفي 21 سبتمبر/أيلول الماضي عاد الرئيس الروسي لتأكيد أن استعمال أسلحة نووية تكتيكية أمر مطروح على طاولة خططه العسكرية. ما جدد الرعب النووي في العالم، وفي دول أوروبا على وجه التحديد، التي أجرت دولها عدة إجراءات تحسباً للخطر النووي.

ومع هذا، عقب قرار التعليق الأخير لمعاهدة نيو ستارت أكَّدت الخارجية الروسية في بيان لها أن بلادها "تعتزم التزام نهج مسؤول وستواصل الامتثال الصارم للقيود الكمية المفروضة على الأسلحة الهجومية الاستراتيجية المنصوص عليها في المعاهدة".

TRT عربي