احتجاجات وأعمال عنف اندلعت بجزر سليمان احتجاجاً على علاقة رئيس وزراء البلاد ببيكين (Thomas Peter/AP)
تابعنا

منذ صباح الخميس عاشت هونيارا، عاصمة جزر سليمان، على وقع احتجاجات واسعة مطالبة بتنحّي رئيس حكومة البلاد ماناسيه سوغافاري. وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية تخلّل هذه الاحتجاجات إحراق عدد من المباني، كما حاول متظاهرون اقتحام مقرّ البرلمان.

في حين أفادت وسائل إعلام محليّة بحصول أعمال نهب في المدينة وقالت إنّ الشرطة تتصدّى لأعمال الشغب باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع. وتوعّد سوغافاري بتعقّب مثيري أعمال الشغب، في حين لا تزال المدينة الواقعة في المحيط الهادئ قيد الإغلاق في أعقاب الاضطرابات.

في ذات السياق أعلن رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، أنّ بلاده ستُرسل قوات حفظ السلام إلى جزر سليمان. وقال موريسون إنّ هدف هذه القوات هو "إرساء الاستقرار والأمن"، مضيفاً أنه تلقى طلب مساعدة من رئيس الوزراء سوغافاري.

كما عبَّرت الصين عن قلقها "الشديد" من تفاقم الأحداث. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تجاو ليجيان، في تصريح صحفي: "نطالب حكومة جزر سليمان باتّخاذ كلّ الإجراءات الضرورية لتأمين حماية الرعايا الصينيين والمؤسسات الصينية".

لماذا يحتجّون في جزر سليمان؟

منذ يوم الأربعاء، توافد عدد من سكان جزيرة ملايتا على جارتها غوادالكانال التي تضمّ العاصمة هونيارا، بنية الاحتجاج مطالبين رئيس الوزراء بالتنحي. ويُرجع ذلك محللون إلى السّخط على الأوضاع الاجتماعية المتردّية في الجزيرة الأولى منذ عقود، ومن احتكار العاصمة كلّ الموارد الاقتصادية وعدم اقتسامها مع باقي جزر الأرخبيل.

فيما توجد جذور أخرى للنزاع الذي انفجر مؤخراً، وهي التحوّل في الولاء الخارجي للبلاد منذ تولي ماناسيه سوغافاري قيادتها. حيث سعى هذا الأخير إلى التقرّب من الصين عوضاً عن الحكومة المحلية في ملايتا الحليفة لتايوان. وقالت سنكلير دينين، الأستاذة المساعدة في إدارة شؤون المحيط الهادئ بالجامعة الوطنية الأسترالية، إنّ وراء أعمال الشغب "الكثير من السخط حول هذا التغيير".

ومنذ اعتلاء سوغافاري رأس البلاد، سنة 2019، أُعلنت إقامة علاقات دبلوماسية قوية مع الصين. في المقابل وعدت بيكين هونيارا بمعونات اقتصادية واستثمارات بقيمة 500 مليون دولار. الأمر الذي أدانته وقتها تساي إينغ وين، رئيسة جمهورية تايوان، قائلة: "نتأسف بصدق ونُدين بشدة قرار حكومة جزر سليمان إقامة علاقة مع الصين".

وعبّر رئيس الحكومة المحلية بملايتا، دانييل سويداني، عن رفضه لذلك القرار الحكومي. وقال: "نعارض بشدة استثمارات الحزب الشيوعي الصيني، ونحن على وعي تامّ بمخاطر الوقوع في فخّ الديون الصينية، وقد رأينا من خلال تجربة عدد من الدول كيف وجدت نفسها عالقة في هذا الفخ الذي لا سبيل للخروج منه". ويحظى سويداني بشعبية واسعة داخل الجزيرة الأكثر اكتظاظاً من بين جزر الأرخبيل، ويُعدّ حليف تايبيه الأوثق في البلاد.

وسبق أن حذَّر زعيم المعارضة بجزر سليمان، بيتر كينيلوريا الابن، الشهر الماضي بأن "السياسة الخارجية للبلاد يُتحكّم فيها بشكل كبير من الصين" وأنّ هذا الأمر سيقود البلاد إلى دوامة عنف حيث "لن نشهد مسار تصاعده بل سيباغتنا فجأة بانفجاره". مضيفاً أن "بلادنا الصغيرة تقع على الخط الأمامي لصراع جيوسياسي دولي كبير، وتتعرض مقاطعاتنا بشكل دائم إلى الاعتداءات الصينية".

دولة صغيرة على شفى صراع دولي!

تقع دولة جزر سليمان في عرض المحيط الهادئ شرق أستراليا، وتتألف من أكثر من 990 جزيرة، لا تتعدى مساحتها مجتمعة 28.5 ألف كيلومتر مربع يقطنها نحو 500 ألف نسمة. وتخضع سياسياً للسيادة الاسمية للتاج البريطاني، وتُدار من رئيس حكومة بنظام برلماني مستقل.

وليست المرة الأولى التي تقع فيها الجزر وسط صراع عالمي بين الدول العظمى، فقد عاشت ويلات الحرب العالمية الثانية، حيث خاضت اليابان والولايات المتحدة الأمريكية معركة دموية للسيطرة على أكبر جزرها، فيما سُمّي وقتها بمعركة "غوادالكانال".

كما ليست هذه المرة الأولى التي تشهد الجزيرة عنفاً أهلياً، ففي أعقاب انتخاب رئيس الوزراء سنيدر ريني سنة 2006 اندلعت موجة عنف اتُّهم فيها الرعايا الصينيون المقيمون في الجزيرة بتمويل رشوة قدمها السياسي من أجل الحصول على منصبه. فأُحرق وقتها عدد من المحال التجارية وبيوت الجالية الصينية بالعاصمة هونيارا ونُهبت، وقُدّرت الخسائر وقتها ب 37 مليون دولار.

TRT عربي