تابعنا
تعددت الاحتمالات والتحليلات التي تفسر استعادة طالبان سيطرتها على أفغانستان في وقت قصير من دون مقاومة، وذهب عدة مسؤولين أمريكيين إلى الاعتقاد بأن الحركة قد تلقت خلال شنها لهجومها الأخير دعماً من باكستان التي تربطها بها علاقات تاريخية.

بعد أن فوجئ العالم بسيطرة حركة طالبان على العاصمة كابل ومعظم المدن، وتسلمها السلطة من جديد في 15 أغسطس/آب الجاري، وجهت الأنظار لعدة أطراف بمشاركتها في تذليل الصعوبات وتمهيد الطريق للحركة لبسط سيطرتها والإطاحة بحكم أشرف غني في وقت قياسي.

وبينما ذهب اعتقاد فئة كبيرة من الخبراء والمسؤولين إلى تحميل جهات أفغانية حكومية وأطراف أمريكية المسؤولية في ذلك، فضلاً عن انتقاد واسع لاستراتيجية إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، توجهت آراء أخرى للاعتقاد باحتمالية تدخل إسلام أباد وتقديمها الدعم لمقاتلي طالبان للتقدم والتوغل في المدن الأفغانية.

حيث اعتبر بروس ريدل الضابط السابق في وكالة الاستخبارات الأمريكية "CIA"، أن سيطرة طالبان على أفغانستان اعتمدت بالأساس على الدعم الباكستاني، باعتبار أن الحركة استخدمت باكستان منذ عقود ملاذاً آمناً لشن هجومها على القوات الأمريكية والحكومة الأفغانية.

باكستان بين الترحيب والتحفظ

خلال الساعات الأولى لإعلان حركة طالبان تقلدها زمام السلطة، تباينت مواقف المجتمع الدولي بين مرحب ومتخوف ومعارض. فيما اعتبرت الجارة باكستان انسحاب القوات العسكرية الأمريكية وانتصار طالبان خطوة هامة لحفظ أمنها القومي، وللتمكن من مجابهة التهديدات الهندية بالاستعانة بحلفائها الجدد وبالتنسيق مع الصين المنافس الأول للولايات المتحدة الأمريكية.

وأشاد رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان بما حققته حركة طالبان، قائلاً بأن الأفغان كسروا "سلاسل العبودية"، على حد قوله.

وبدوره اعتبر رؤوف حسن، مساعد رئيس الوزراء الباكستاني، في تغريدة على حسابه الرسمي على تويتر، أن استعادة طالبان للحكم تمثل انتقالاً سلمياً للسلطة من حكومة أشرف غني "الفاسدة" إلى حكم طالبان، على حد تعبيره.

وفي هذا السياق، يرى كثيرون أن تصريحات عمران خان ومساعده تعتبر إشارة واضحة إلى الترحيب الرسمي لباكستان بانتصار طالبان.

أما عن الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وطيف واسع من الشخصيات السياسية الباكستانية الإسلامية والليبرالية البارزة، فقد عبرت بدورها عن احتفائها وإشادتها باستعادة طالبان للحكم من جديد، ومن بين هؤلاء سراج الحق، النائب السابق في البرلمان الباكستاني وزعيم حزب "الرابطة الإسلامية" الذي يعد ثاني أكبر حزب إسلامي في باكستان، ومولانا فضل الرحمن زعيم "جمعية علماء الإسلام"، ووزيرة حقوق الإنسان الفيدرالية شيرين إم مازاري.

ورغم أن إسلام أباد أبدت ترحيباً بانسحاب القوات الأمريكية التي لطالما قدمت دعماً كبيراً لنيودلهي في حربها مع باكستان في إقليم كشمير، نقطة الاشتعال التاريخي بين البلدين، فإنها قد أبدت في الوقت ذاته نوعاً من التحفظ على تقدم وتجنيد القوات والفصائل المسلحة داخل باكستان، والتي ترى جهات رسمية باكستانية أنها ستشكل خطراً أمنياً في البلاد وعلى الحدود المشتركة بين البلدين، وعلى رأسها حركة طالبان باكستان التي تعتبر امتداداً أيديولوجياً لطالبان أفغانستان.

مخاوف أمريكية

في مقال رأي نشرته صحيفة واشنطن بوست لجون بولتون الذي عمل مستشاراً للأمن القومي خلال إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، اعتبر بولتون أن سيطرة طالبان على أفغانستان ربما قد تحقق انتعاشاً للجماعات المسلحة في إسلام أباد، وسيزيد بالتالي من نفوذها فتتمكن في المستقبل من الاستحواذ على الأسلحة النووية التي تمتلكها باكستان، وتنجح في بسط سيطرتها على المنطقة.

ويلفت بولتون الانتباه في السايق ذاته إلى دعم المخابرات الباكستانية في السابق للمقاتلين الأفغان خلال حربهم مع الجيش السوفييتي، وذلك لاعتبارات دينية وأخرى تتعلق بالأمن القومي. وتواصلت في دعمها للحركة عند تسلمها الحكم عام 1996، وتأمل في ذلك أن يضمن لها حكم طالبان عمقاً استراتيجياً ضد الهند، منافستها الأولى على إقليم كشمير المتنازع عليه.

TRT عربي