تنظيم PKK/YPG الإرهابي / صورة: AA (AA)
تابعنا

يرى العديد من المراقبين أن احتمالية شنّ تركيا عملية عسكرية ضد تنظيم PYD/PKK الإرهابي في شمال سوريا ما زالت قائمة، وهو الأمر الذي يتخذ منه قيادات التنظيم الإرهابي، ذريعة لتخويف الغرب من مغبَّة تأثير ذلك على جهود مكافحة تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة.

وقد جدّد المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن في تصريحات مختلفة القول إن "شنّ عملية برية يبقى ممكناً في أي وقت، بناءً على مستوى التهديدات الواردة".

ولفت قالن إلى أن الضمانات الأمنية التي وعدت بها روسيا والولايات المتحدة بعد العملية التركية في سوريا عام 2019 "لم تُلتزم"، وأن مسلحي PYD/PKK الإرهابيين لم ينسحبوا عند مسافة 30 كيلومتراً من الحدود كما اتُّفق.

وتؤكّد تركيا أنها ماضية في استكمال "حزامها الأمني" عند حدودها الجنوبية مع سوريا، حيث تَعهَّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، بأن العملية لن تقتصر على الضربات الجوية، بل ستذهب باتجاه "اجتثاث الإرهابيين من مدن تل رفعت، ومنبج، وعين العرب" الواقعة في شمال سوريا وتخضع لاحتلال مليشيات PYD/PKK الإرهابية.

"مزاعم زائفة"

في المقابل، يرى خبراء في الشأن السوري أن تنظيم PYD/PKK الإرهابي يمارس نوعاً من الدعاية السوداء في الخارج للتحذير من العملية التركية تحت ذريعة تأثيراتها المحتمَلة على "جهود مكافحة الإرهاب". ويؤكدون أن السبب الرئيسي وراء هذه الدعاية إنما هو خوف التنظيم الإرهابي من فقدان معاقله في الشمال السوري التي تُعَدّ وفق رأيهم "جوهرية في مشروعه الانفصالي".

يُذكَر أن مزاعم "محاربة إرهاب تنظيم داعش" قد جاءت على لسان فرحات عبدي الملقب بـ"مظلوم عبدي"، القائد العامّ لما يُسمَّى بالقوات السورية الديمقراطية التي يشكل تنظيم PYD/PKK الإرهابي عمودها الفقري.

وقال عبدي في مقابلة خاصة مع "صدى"، وهي نشرة إلكترونية تصدر عن برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: "أي تصعيد عسكري تركي ضد قواتنا، يؤدّي مباشرةً إلى تزايد نشاط تنظيم الدولة. هذا ما اختبرناه طَوال السنوات الماضية".

ومضى عبدي يقول: "نحن والتحالف الدولي ننفّذ عمليات مشتركة فقط لمكافحة الإرهاب في سوريا، وهدفنا المشترك إلحاق الهزيمة النهائية بتنظيم الدولة، ولكن لطالما عرقل التصعيد التركي ضدّ مناطقنا هذه الجهود المشتركة".

وينحدر مظلوم عبدي من عين العرب، وهو مطلوب لدى السلطات التركية بتهم "الإرهاب"، وسبق أن أكد رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون، أن علاقة عبدي مع PKK الإرهابي التي تعتبرها تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تنظيماً إرهابياً، تمتدّ إلى عشرات السنين.

"لا تهديد"

على صعيد متصل، أكّد وزير الدفاع التركي خُلوصي أقار، في مناسبات عديدة أن "عملية الجيش التركي في سوريا لا تشكّل أي تهديد (لجهود مكافحة الإرهاب)، وهدفنا الوحيد هو حماية حقوق بلادنا وشعبنا في إطار القواعد القائمة"، وفق تصريحه خلال مشاركة في فاعلية شعبية بولاية جناق قلعة شمال غربي تركيا مطلع ديسمبر/كانون الثاني 2022.

ووجه أقار حينها كلامه إلى روسيا والولايات المتحدة وبقية حلفاء أنقرة قائلاً: "تركيا حليفتكم ويمكنكم التعاون معها، ونذكّر حلفاءنا بأن الجيش التركي هو الأساس الذي يمكنكم الاعتماد عليه في مكافحة الإرهاب".

في هذا الإطار، أكد الخبير العسكري السوري العميد عبد الله الأسعد لـTRT عربي، أن "العملية العسكرية التركية ضد مواقع ميليشيا PYD/PKK الإرهابي في حال انطلقت لن تؤثر في قتال تنظيم داعش، بخاصة أن "الأخير بإجماع العالم قُضيَ عليه في كل المواقع التي كان فيها بسوريا". وأعلنت قوات التحالف الدولي عام 2019 أن آخر بؤر التنظيم كانت في بلدة الباغوز شرقي ديرالزور.

وأضاف الأسعد: "لا تأثير سلبيّاً للعملية العسكرية التركية لأن المناطق المستهدفة بسوريا التي حددتها تركيا لانتزاعها من تنظيم PYD/PKK (الإرهابي) هي أصلاً خارج تهديدات خلايا تنظيم داعش".

واستكمل الخبير العسكري حديثه بتأكيده أنه إذا "وُجدت خلايا لتنظيم الدولة فهي في البادية السورية، أي في الصحراء، وهي ضئيلة جدّاً وضعيفة وغير قادرة على تحقيق الأهداف وليس لديها وحدات قتالية كما كانت، حتى إن الحكومة العراقية صرّحَت بالقضاء على الجسم الهلامي المسمَّى بتنظيم الدولة".

ضعف الأوراق

يُعتقد على نطاق واسع من خبراء ومتابعين للشأن السوري، أن ميليشيا PYD الإرهابية تُدير، بدعم وإشراف من الولايات المتحدة، عدداً من السجون في محافظة الحسكة الحدودية مع تركيا، التي تضمّ آلاف عناصر تنظيم داعش الإرهابي الذين استسلموا في معارك سابقة شرقي سوريا، وتستخدمهم ورقة مساومة للإبقاء على الدعم الغربي.

وعلق الأسعد على هذا الأمر في حديثه مع TRT عربي، قائلاً: "هناك فقط سجون تضمّ عناصر تنظيم الدولة تحت سيطرة ميليشيا PYD، بالإضافة إلى مخيم الهول الذي يحتوي على زوجات وأطفال عناصر تنظيم داعش الإرهابي".

وألمح الأسعد إلى أن "الورقة التي تلوّح بها PYD (في وجه الغرب) هي مساجين عناصر تنظيم الدولة لديهم، وربما تريد PYD أن تُخرِج هؤلاء المساجين وتسلحهم ضد القوات التركية".

واستدرك: "لكن في حال انتُزعت عين العرب ومنبج وتل رفعت من قبضة تنظيم PYD/PKK فهذا يعني وأد المشروع الانفصالي الذي تحلم به، وبالتالي ضعف أوراق ما يُدعى (القوات السورية الديمقراطية - SDF) ميدانياً وخسارتها مساحات جديدة تقلّص حضورها".

وأضاف أنه "على عكس ما يروجّه، فإن SDF تحاول إبقاء مساحات يسيطر عليها تنظيم داعش للمحافظة على قيمتها في استراتيجية مكافحة الإرهاب الغربية".

يُذكَر أن مدن عين العرب ومنبج وتل رفعت، بريف حلب السورية، تشكّل تهديداً مباشراً لأمن تركيا القومي نظراً إلى نشاط تنظيم PYD/PKK الإرهابي فيها، وتقف حجر عثرة أمام المنطقة الآمنة تسعى أنقرة لإنشائه للحفاظ على أمن حدودها من ناحية، والحفاظ على حياة اللاجئين السوريين من ناحية أخرى.

وكانت الداخلية التركية أكدت سابقاً أن تعليمات تنفيذ تفجير إسطنبول الإرهابي في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، صدرت من قيادات PKK الإرهابي في مدينة عين العرب.

وحسب مديرية الأمن العامة في إسطنبول، فإن منفذة التفجير الذي أدى إلى استشهاد 6 مدنيين وإصابة 81 آخرين، هي امرأة اعترفت في أثناء التحقيق بانتمائها إلى تنظيم PYD/PKK الإرهابي.

"تهديد وجودها"

يرى عديد من الخبراء أن خشية تنظيم PYD/PKK الإرهابي من العملية التركية، مردّها إلى الشعور بأن وجوده في المناطق التي يحتلها في شمال سوريا سيغدو مهدَّداً، وهو الأمر الذي سوف يُفقِده -حسب الخبراءـ عديداً من مصادر قوته، خصوصاً المالية، إذ يستأثر التنظيم الإرهابي بالسيطرة على ما يقرب من 90% من حقول النفط و45% من إنتاج الغاز بسوريا، معظمها في محافظة الحسكة ذات الأهمية الاستراتيجية باعتبارها الحد المشترك بين سوريا وتركيا والعراق.

هنا يشير الباحث في المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام رشيد حوراني، في حديث لـTRT عربي، إلى أن "مليشيا SDF تلوّح بخطورة تأثير العملية التركية ضدّها على جهود مكافحة تنظيم داعش وبالتالي تخويف الدول الغربية"، وأضاف: "PYD ضعيفة من الناحية العسكرية رغم كل تسليح التحالف الدولي، ففي كل العمليات التركية السابقة ضدّها لم تقدّم أداءً عسكرياً يوازي مستواها من التسليح".

ولا يزال تنظيم PYD/PKK الإرهابي الذي يشنّ هجمات مسلحة ضد تركيا "يتمتع بالحماية والرعاية والتمويل والتدريب والتجهيز والإدارة والتوجيه في بعض دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) الرئيسية، بخاصة الولايات المتحدة"، وفق الحوراني.


TRT عربي