تابعنا
أثارت استقالة مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة تساؤلات عن الأسباب الحقيقية لانسحابه من الملف الليبي بالتزامن بدء انعقاد المسارات السياسية والعسكرية في جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة وتردّي الأوضاع في ليبيا.

طرابلس ـــ منذ إعلان المبعوث الأممي غسان سلامة استقالته من منصبه لدواعٍ صحية كثّف اللواء المتقاعد خليفة حفتر هجماته على المرافق المدنية في طرابلس، إذ أطلقت قواته عشرات الصواريخ العشوائية على المدنيين والمرافق المدنية بطرابلس بما فيها مطار معيتيقة الدولي.

وعزا مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة استقالته من منصبه بشكل مفاجئ الاثنين الماضي، إلى دواعٍ صحية، لكن محللين ومسؤولين يرون أن سلامة تهرّب من الملف الليبي.

وعُين اللبناني غسان سلامة منتصف يونيو/حزيران 2017 مبعوثاً خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة خلفاً للألماني مارتن كوبلر، إذ يعد سلامة المبعوث السادس للأمم المتحدة في ليبيا منذ أحداث الثورة الليبية عام 2011.

ويرى محللون وسياسيون أن سلامة تعرّض لضغط شعبي كبير، بخاصة بعد عدم تسمية من ينتهكون حقوق الإنسان، في إشارة إلى مليشيات حفتر، إضافة إلى استمرار الهجمات البشعة التي ينفذها حفتر ضد المدنيين والمرافق المدنية ومن بينها مطار معيتيقة الدولي في طرابلس.

وبعد قرابة ثلاث سنوات تعثرت خطط المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة في جمع الليبيين في المؤتمر الوطني الجامع في إبريل/نيسان 2019، بسبب هجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر على طرابلس.

"سلامة فاشل"

واتهم عضو المجلس الأعلى للدولة بالقاسم دبرز المبعوث الأممي غسان سلامة بــ"بالفشل" منذ تكليف إدارة الملف الليبي على رأس البعثة الأممية.

وأكد دبرز أن جزءاً من فشل سلامة يرجع إلى الانقسامات الدولية حول الملف الليبي، ومن بينها الخلاف الإيطالي الفرنسي ودعم مصر والإمارات وروسيا حفتر على حساب حكومة الوفاق الشرعية المعترف بها دولياً، مشيراً إلى أن الخلافات الدولية ساهمت في إفشال مهمة المبعوث الأممي.

وقال دبرز: "سبب استقالة سلامة لا تتعلق بصحته وإنما بانحيازه إلى حفتر والسكوت عن الجرائم التي يرتكبها المجرم حفتر بشكل يومي وبخاصة منذ شنِّه حرباً على العاصمة طرابلس في إبريل/نيسان من العام الماضي".

وأوضح دبرز في تصريحه لــTRT أن سلامة كان يستشير الإمارات المتحدة في التخطيط لإفساد الملف الليبي بعد ضلوع أبو ظبي سلبياً في ليبيا عبر دعم حملات حفتر عسكرياً ومالياً من أجل عسكرة الدولة الليبية وتحقيق مصالحها.

تداعيات خطيرة

واعتبر عضو مجلس النواب زياد دغيم أن خلو منصب رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا له تداعيات خطيرة على المشهد الليبي، بخاصة مع استمرار الحرب في طرابلس.

وأضاف دغيم لــTRT "استقالة سلامة خبر سيئ لأنه سياسي وقامة مثقفة من الطراز الأول وعروبي بذل جهداً كبيراً لحل الأزمة الليبية وقد يكون أخطأ ولكن هذه هي طبيعة العمل، ربما يكون مصيرها الفشل".

ويرى دغيم أن استقالة سلامة قد تكون بسبب الفشل في المسار السياسي، إذ إن من المتوقع الآن عودة جولة جديدة من حرب أكثر شراسة وتطوراً في الأسلحة المستخدمة في طرابلس.

ويوضح دغيم أن الانقسام السياسي في ليبيا والدولي سينعكس سلباً على اختيار أي شخصية بديلة لغسان سلامة، على الرغم من أن التوقعات تشير إلى أن نائبة سلامة ستيفاني ويليامز قد تكون بديلاً منه.

نكسة في الحوار

من جهته اعتبر المحلل السياسي إسماعيل المحيشي أن استقالة غسان سلامة في هذا التوقيت يعد نكسة في الحوار الليبي، بعدم استكمال المسارات العسكرية والسياسية والاقتصادية المنعقدة في جنيف.

وتابع المحيشي في تصريحه لــTRT: "الجهود الدولية على المحك وقد تضيع هذه الجهود بعد استقالة سلامة، بخاصة بعد التوصل إلى نتائج في مؤتمر برلين ودعمها بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2510 بشأن مسارات حل الأزمة الليبية".

ويرى المحيشي أن حفتر يستغل خلو منصب رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا عبر تنفيذ هجمات دموية جديدة ضد المدنيين في العاصمة طرابلس في محاولة منه للتقدم من جديد في جنوب طرابلس.

وأوضح المحيشي أن تغيير مبعوث أممي من جديد هو إطالة لعمر الأزمة الليبية من بعض الدول وانتقال إلى مرحلة جديدة من المراحل المؤقتة التي أنهكت مؤسسات الدولة الليبية.

اتهم عضو المجلس الأعلى للدولة بالقاسم دبرز المبعوث الأممي غسان سلامة بــ"بالفشل" (AFP)
عُين اللبناني غسان سلامة منتصف يونيو/حزيران 2017 مبعوثاً خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة خلفاً للألماني مارتن كوبلر (TRT Arabi)
TRT عربي