بعد انضمامها رسمياً.. ما الذي يضيفه انضمام فنلندا للناتو؟ وكيف سترد موسكو؟ (Others)
تابعنا

عقب نيل الموافقة التركية الأسبوع الماضي، أصبحت فنلندا يوم الثلاثاء العضو الحادي والثلاثين في حلف الناتو وأول دولة تنضم إلى التحالف منذ مقدونيا الشمالية في عام 2020. ومع الانضمام الرسمي لفنلندا التي تشترك في حدود طولها 1340 كيلومتراً مع روسيا، تضاعفت حدود الناتو مع روسيا تقريباً.

ومع اكتمال عملية الانضمام بتقديم وزير الخارجية الفنلندي بيكا هافيستو وثيقة رسمية لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في مقر حلف الناتو في بروكسل، تكون فنلندا بذلك أغلقت الباب على حقبة عدم الانحياز العسكري التي بدأتها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية واختارت خلالها الحفاظ على علاقات ودية مع روسيا.

فيما رأى الخبراء الذين نقلت عنهم صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن من شأن هذه الخطوة أن تُحدث تحولاً يمتد سنوات في المشهد الأمني الأوروبي، ولا سيما في القطب الشمالي ومنطقة البلطيق التي أصبحت بانضمام فنلندا ولاحقاً السويد بمثابة بحيرة للناتو. ما سيزيد حدة التوترات بين الغرب وروسيا التي حذرت بدورها من أنها ستعزز دفاعاتها إذا استدعت الحاجة.

فنلندا: العضو الـ31 لحلف الناتو

على مدى أكثر من 70 عاماً نمى حلف شمال الأطلسي إلى تحالف يضم 30 دولة. وتأسس الناتو عام 1949 لموازنة القوة المتنامية للاتحاد السوفيتي، وأعاد الحلف الذي كان مصدراً للتوتر بين الغرب وروسيا لفترة طويلة تأكيد نفسه قوة مهمة وموحدة ضد موسكو منذ الغزو الروسي لأوكرانيا قبل أكثر من عام.

والثلاثاء رُفع علم فنلندا باللونين الأزرق والأبيض جنباً إلى جنب مع علم شركائها الغربيين خارج مقر الناتو في بروكسل بعد أن أصبحت الدولة الاسكندنافية رسمياً العضو الحادي والثلاثين بالتحالف الدفاعي عبر الأطلسي.

وبينما قال الرئيس الفنلندي سولي نينيستو: "إنه يوم عظيم لفنلندا ويوم مهم للناتو"، رحب الرئيس الأمريكي جو بايدن بحرارة باستكمال عملية الانضمام المتسارع لفنلندا، قائلاً إن الناتو أظهر نفسه أكثر اتحاداً من أي وقت مضى بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا، مضيفاً أنه "يتطلع أيضاً إلى الترحيب بالسويد كعضو في الناتو في أقرب وقت ممكن".

ودفعت الحرب الأوكرانية فنلندا والسويد إلى التخلي عن سياسة الحياد، وقدمتا طلبات عضوية متزامنة بمايو/أيار الماضي للحصول على الأمن كأعضاء ناتو بعد الهجوم الروسي. واستغرق انضمام فنلندا نحو عام لكن لا تزال السويد تنتظر موافقة تركيا التي ترى استوكهولم لم توفِ بالالتزامات الأمنية التي قطعتها.

ما أهمية فنلندا للناتو؟

انضمام فنلندا إلى الناتو لم يضاعف حدود الحلف المشتركة مع روسيا بنحو الضعف وحسب، بل شكل نكسة استراتيجية وسياسية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي لطالما اشتكى من سياسة الحلف التوسعية شرقاً، الأمر الذي استخدمه جزئياً كمبرر لغزو أوكرانيا.

وتقرب عضوية فنلندا التحالف من شبه جزيرة كولا الروسية، وهي أرض استراتيجية تقع على بعد 110 أميال شرق الحدود حيث تحتفظ روسيا بغواصات الصواريخ الباليستية وتخزن الرؤوس الحربية النووية. ويعتمد الأسطول الشمالي، المكلف دوريات في القطب الشمالي، على شبه الجزيرة أيضاً.

وإلى الجنوب، ستمنح عضوية فنلندا والسويد الحلف ميزة في بحر البلطيق، وهو ممر مائي استراتيجي تحده مدينة سانت بطرسبرغ الروسية، بالإضافة إلى بعض أعضاء الناتو الأضعف، وفق واشنطن بوست.

وإلى جانب الصعيد الاستراتيجي والسياسي، تجلب فنلندا بانضمامها قوة عسكرية يمكن أن توفر قدرات برية وبحرية وجوية قوية إلى التحالف، مع قوة عسكرية في زمن الحرب تبلغ 280 ألف جندي، إضافة إلى إحدى أكبر ترسانات المدفعية بأوروبا، فنلندا إحدى الدول الأوروبية القليلة التي حافظت على جيش التجنيد وقواتها مدربة ومجهزة بهدف أساسي هو صد غزو روسي بنهاية المطاف، حسب موقع نيوزويك.

ماذا تقول موسكو؟

حذرت روسيا، الثلاثاء، من أن يتسبب انضمام فنلندا إلى حلف شمال الأطلسي في تفاقم الأزمة بالمنطقة. إذا قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف: "إن احتضان الناتو لفنلندا كان تعدياً على أمننا ومصالح روسيا الوطنية"، حسبما نقل موقع قناة "روسيا اليوم".

وأضاف أن روسيا "ستراقب من كثب" كيف سيستغل الناتو أراضي فنلندا، وعليه سيجري تحديد الإجراءات التي تعتبرها موسكو "ضرورية". وتابع: "سنراقب ما سيحدث في فنلندا بعد انضمامها إلى الناتو، من حيث وضع الأسلحة والأنظمة والبنى التحتية هناك، والتي ستكون قريبة من حدودنا".

فيما قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو: "إن انضمام فنلندا إلى الناتو وتحرك الحلف لرفع جاهزيته القتالية يزيد خطر تفاقم الأزمة في المنطقة"، حسبما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية. وأكد شويغو باجتماع عسكري بالعاصمة موسكو، نقل روسيا بالفعل طائرات عسكرية إلى بيلاروس قادرة على حمل رؤوس حربية نووية.

من جهته، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف: "سيضطر الاتحاد الروسي إلى اتخاذ تدابير عسكرية تقنية وغيرها من الإجراءات الانتقامية لمواجهة التهديدات التي يتعرض لها أمننا القومي نتيجة انضمام فنلندا إلى منظمة الناتو".

TRT عربي
الأكثر تداولاً