اتصال هاتفي بين ميركل ولوكاشينكو حول أزمة اللاجئين (AFP)
تابعنا

بعد أسبوع قضوه في الجحيم على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا، حطّت أول طائرة تُقِلّ مئات المهاجرين إلى العراق بعدما فشلوا في الدخول إلى أوروبا التي طمحوا إليها. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تفاصيل بشعة رواها العائدون من بيلاروسيا، إذ تُركوا في العراء تحت البرد الجليدي للمنطقة، يتعرضون للضرب والإهانة من قوات الجانبين، وقضى منهم إحدى عشرة ضحية أغلبها من جنسيات عربية، نتيجة تلك الظروف القاسية.

ويحكي أرشد حسن (32 عاماً) للصحيفة الأمريكية عن محاولة لجوئه، أنهم عندما وصلوا إلى الحدود البولندية وعدهم الجنود البيلاروسيون بمساعدتهم على العبور، بعد ذلك طلبوا منهم جوازات سفرهم وهواتفهم وسجائرهم واحتجزوهم أربعة أيام ثم اقتادوهم إلى الحدود الليتوانية. وتابع قائلاً: "لقد عانينا الكثير، ضربونا. كان نساء وأطفال وكبار سن يعانون البرد. أخذونا إلى النهر الفاصل بين البلدين، وإن لم ننزل إلى النهر كانوا يضربوننا".

بينما كان كل هذا يجري كانت الأطراف الأوروبية والبيلاروسية المتناحرة منشغلة بدل ذلك في تراشق الاتهامات، ومحاولات الإخضاع المتبادلة. استمرت الأمور على ذلك الحال حتى التوصل إلى خطة ترحيل أولئك المهاجرين إلى بلدانهم، بعد محادثات طويلة وصفتها بروكسيل بـ"التقنيَّة"، وروجت رئاسة مينسك أنها كانت مفاوضات، ولمّحت إلى حصد انتصارات فيها.

مفاوضات أم محادثات تقنية؟

حسب بلاغ مكتب ألكسندر لوكاشينكو يوم الأربعاء 17 نوفمبر/تشرين الثاني، قرَّرت بلاده خوض "مفاوضات" مع نظيراتها الأوروبية، بعد الاتصال الثاني الذي جمع الرئيس البيلاروسي والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل منذ اندلاع الأزمة الأخيرة بينهما.

وقال البيان إن "الرئيس لوكاشينكو والمستشارة ميركل اتفقا على أن المشكلة تصاعدت إلى توتر العلاقات البيلاروسية-الأوروبية، وأن الجانبين سيختاران في القريب العاجل أشخاصاً للتفاوض بينهما"، في إشارة إلى انفراجة مرتقَبة لعزلة لوكاشينكو الدولية، وأنه حاز عليها لقبوله إجلاء اللاجئين من الحدود.

من جهة أخرى كذّبت بروكسيل الأمر موضّحة أن تلك المحادثة لم تتضمن أكثر من الاتفاق حول "مباحثات تقنية" مع مينسك حول مسألة اللاجئين. وقال متحدث باسم المفوضية الأوروبية إنها "ستُجري مباحثات تقنيَّة مع الجانب البيلاروسي حول عملية ترحيل اللاجئين، بمشاركة المفوضية السامية للاجئين والمنظمة الدولية للهجرة".

وأكد ذلك ستيفن سيبرت، المتحدث باسم المستشارة الألمانية، بقوله إن الأخيرة "شدَّدت على ضرورة توفير المساعدات الإنسانية لهؤلاء اللاجئين وتوفير طرق إجلاء إلى بلدانهم لمن يرغب في العودة، وذلك بالتعاون مع المفوضية الأوروبية".

يستقوي على أوروبا ببوتين!

ويسعى الرئيس البيلاروسي في خضم عزلته الدوليَّة إلى التقرب أكثر من موسكو، وفي هذا الإطار أعرب الرئيسان لوكاشينكو وبوتين في بيان مشترك، عن قلقهما من تفاقم أزمة اللاجئين على الحدود الأوروبية، كما وصفا أعمال الشرطة البولندية بـ"الوحشيَّة".

وقال بيان إنه "أُعرِبَ عن القلق الشديد بشأن الأعمال الوحشية غير المقبولة لحرس الحدود البولنديين، بما في ذلك الاستخدام الفعال للقوة الغاشمة والمعدات الخاصة"، مضيفاً أن "ألكسندر لوكاشينكو أطلع بوتين على الخطوات التي اتخذتها مينسك لتهدئة الأزمة وتقديم المساعدة الإنسانية للمهاجرين، بالإضافة إلى محادثة هاتفية منتظمة مع القائمة بأعمال المستشارة الألمانية الاتحادية أنغيلا ميركل في 17 نوفمبر/تشرين الثاني".

وفي وقت سابق أرسلت روسيا قاذفتين استراتيجيتين بقدرات نووية في مهمة تدريبية فوق بيلاروسيا، في إظهار لدعم موسكو لحليفتها وسط نزاع حول الهجرة على الحدود البولندية. وقالت وزارة الدفاع البيلاروسية وقتها إن القاذفتين الروسيتين االستراتيجيتين تدربتا على سلسلة من عمليات القصف في ميدان روزانسكي غربي البلاد.

تحركات يفسرها بافل ميهيكين، متحدث باسم مشروع "أصوات من بيلاروسيا" المعارض، في حديثه لـTRT عربي، بأن "لوكاشينكو يستوعب جيداً أنه في وضع لا يُحسد عليه، لذلك يحاول الآن بيع بيلاروسيا لبوتين في سبيل حفاظه على بعض السُّلطة"، مشدداً على أنه "بعد العزلة الدولية والعقوبات الأوروبية وجد لوكاشينكو نفسه في مأزق، وبالتالي لم يبقَ له سوى خيارين: أن يستقيل، أو أن يبيع البلاد لبوتين. ويبدو أن الاستقالة ليست خياراً مطروحاً لديه".

TRT عربي