المغرب يفرض "جواز التلقيح" على مواطنيه (AFP) (Others)
تابعنا

بدأ المغرب رسمياً، يوم الخميس 21 أكتوبر/تشرين الأول، العمل بـ"جواز التلقيح" كوثيقة إلزامية من أجل ولوج مواطنيه إلى الأماكن العامة. هذا وسبق أن أعلنت الحكومة المغربية عن قرارها ذاك يوم الثلاثاء في بيان نشرته "وكالة المغرب العربي للأنباء" الرسمية، قالت في معرضه "إن هذه الإجراءات تأتي تعزيزاً للتطور الإيجابي في حملات التطعيم، والتراجع التدريجي في منحنى الإصابة بفيروس كورونا".

وتفيد هذه الوثيقة الجديدة، حسب البيان الحكومي، السماح لحاملها بالتنقل بين المناطق والأقاليم المختلفة، عبر وسائل النقل الخاصة أو العمومية، وستُعتمد للسفر إلى الخارج إذ تم إلغاء تصاريح التنقل السابقة. كما سيشترط ولوج الإدارات العمومية، الفنادق والأماكن السياحية، والمطاعم والمقاهي والمحلات التجارية وقاعات الرياضة، بحيازتها.

هذا ودعت الحكومة الأشخاص غير الحاصلين على اللقاح إلى الإسراع بأخذ جرعتهم الأولى والثانية، وكذلك أخذ الجرعة الثالثة المعززة للمناعة بالنسبة للأشخاص الذين مر على تلقيحهم أكثر من 6 أشهر. وأكد وزير الصحة المغربي، خالد آيت طالب، في مقابلة صحفية معه على أن "هذا الجواز سيعتبر ملغياً بعد 6 أشهر إذا لم يتلقّ حامله الجرعة الثالثة".

قليل من الترحيب كثير من الامتعاض

على مستوى ردود الفعل على قرار الحكومة انقسم المواطنون بين مرحب به ومعارض له، غير أن القسم الثاني أكثر اتساعاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي من الأول. أما بالنسبة للمرحبين، فقد اعتبروا الأمر ضرورياً من أجل تسريع عملية التلقيح والتخلص من الإجراءات الاحترازية التي "أضجرت المواطن" حسب قولهم، كما أن الوثيقة تسهل على حاملها الكثير من الأنشطة التي كانت تحتاج طوال فترة كورونا إلى تصاريح خاصة تمنحها السلطات العمومية.

في هذا الصدد دوَّن الصحفي المغربي رضوان الرمضاني على صفحته بالفيسبوك بأن "قضية جواز التلقيح، الأهم بالنسبة إليَّ ليس الجدل القانوني، وإنما مصلحة المجتمع، هل في فرضه نفع ووقاية أم لا؟"، فـ "لك الحق في أن تعرض نفسك للخطر، لكن ليس من حقك أن تكون مصدر خطر لِمن قرر أن يحمي نفسه بالتلقيح". قبل أن يختم قائلاً:"الحرية هي المبدأ، هذا ليس جديداً ولا نقاش فيه، لكن الحرية تسبِقُها السلامة وللحرية ثمن. انتقدتُ وزير الصحة أكثر مما فعل غيري، لكن في حالة جواز التلقيح أراه قرر (إن كان قرر) أمراً سليماً".

في قضية جواز التلقيح، الأهم بالنسبة إليَّ ليس الجدل القانوني، وإنما مصلحة المجتمع… هل في فرضه نفع ووقاية أم لا؟؟؟ إلى...

Posted by Ridouane Erramdani on Tuesday, October 19, 2021

واعتبر الجزء الرافض بأن الإجراء يقيد حريَّته الشخصية، ويمس حقه في التنقل وممارسة أنشطته اليومية الطبيعية. واعتبر ناشطون مغاربة على وسائل التواصل الاجتماعي بأن قرار الحكومة "عبثي" يتناقض مع ما روجت له حول أن عملية التطعيم اختيارية.

وأحال البعض منهم على مشاكل قانونية يطرحها الجواز، إذ لا يمتلك موظفو المقاهي والفنادق الصفة القانونية لمراقبة الوثائق الشخصية للمواطنين. في هذا السياق كتب المحامي المغربي نوفل بوعمري: "شخصياً ملقح التلقحيتين الأولى و الثانية، انضباطاً للإجراءات التي تم اتخاذها، لكن مقتنع بألا صفة لحارس أمن تابع لشركة خاصة، أو لموظف عمومي لا صفة ضبطية له، أو لنادل مقهى، لكي أُشهر له جواز التلقيح لأن في الأمر انتهاكاً لخصوصية شخصية و فيه اطلاع على معلومات شخصية لا حق له في الاطلاع عليها". مؤكداً في تدوينته أن "جواز التلقيح أُشهره لمن له الصفة الضبطية، أما من لا صفة له فلا حق له في الاطلاع على جواز تلقيحي".

شخصيا ملقح التلقحيتين الأولى و الثانية،... انضباطا للإجراءات التي تم أتخاذها. لكن مقتنع بألا صفة لحارس أمن تابع لشركة...

Posted by Naoufal Bouamri on Wednesday, October 20, 2021

هذا وأنشأ ناشطون مغاربة صفحة على منصَّة فيسبوك باسم "اتحاد المغاربة الرافضين لجواز التلقيح". واعتبر الاتحاد في أول بياناته بأن قرار فرض "جواز التلقيح" خطوة "مفاجئة غير محسوبة، لا تحترم أبسط المساطر الحقوقية، الدستورية، القانونية" وتشكل "خرقاً سافراً لحقوق دستورية وكونية وعلى رأسها، الحق في حرمة الجسد، وضرب حرية التنقل والتجول وارتياد المرافق العامة والخاصة، وهو ما يعني ضرباً لحقوق المواطنة الكاملة". وطالب بـ"الإلغاء الفوري لهذا القرار وجميع التدابير والإجراءات المصاحبة له لعدم دستوريته وقانونيته" ولأن في تطبيقه "تراجعاً صريحاً عن اختيارية التلقيح المعلن عنها والمصرح بها سابقاً".

أقبلت الحكومة المغربية بتاريخ 18 كتوبر الجاري، عشية يومي عطلة، في خطوة مفاجئة غير محسوبة، لا تحترم ابسط المساطر...

Posted by ‎اتحاد المغاربة الرافضين لجواز التلقيح‎ on Thursday, October 21, 2021

تخوف من تبعات محتملة

هذا وتتخوف قطاعات حيوية، اقتصادية واجتماعية، من التأثير السلبي لفرض "جواز التلقيح" على السير العادي لنشاطاتها. هذا وأعلن أرباب المقاهي والمطاعم في المغرب، ممثلين بجمعيَّته الوطنية، تطبيق قرار إلزام زبائنهم بالإدلاء بجوازات التلقيح. وقال نوردين الحراق، رئيس "الجمعية المغربية لأرباب المقاهي والمطاعم" بأن "المكتب المسير يرفض الدخول في مناوشات مع الزبائن بسبب فرض جواز التلقيح من لدن السلطات العمومية".

وأضاف في تصريح صحفي لوسائل إعلام محلية، أن "المهنيين كانوا ينتظرون من الحكومة الجديدة الالتفات إلى هذا القطاع، لما عاشه من معاناة طوال سنتين، بدلاً من فرض جواز هُم في غنى عنه"، بل ويكبدهم "خسارة تنضاف إلى الخسائر التي تكبدها المهنيون طوال هذه الفترة" على حد تعبير المتحدث.

وفي حديث له لـTRT عربي، استنكر حسام السالمي، دكتور الطب العام بالقطاع الخاص، القرار الحكومي، معتبراً أنه لا يأخذ بعين الاعتبار وضعية عيادته والعيادات المثيلة. وقال السالمي: "لنفترض مثلاً إذا منعت شخصاً من ولوج عيادتي وهو في حالة متدهورة، وحصلت له تطورات خطيرة نتيجة عدم تدخلي المستعجل، فذلك يضعني أمام مساءلة قانونية وأخلاقية لن تتحمل الحكومة بقراراتها تلك مسؤوليتها معي"، في إشارة إلى الوضع الذي يعيشه الأطباء بين مطرقة القرار الحكومي وسندان الواجب الأخلاقي والقانوني للمهنة.

من جانبها، تتحدث مريم أوبنعقة، مسؤولة السلامة في إحدى شركات البناء المغربية، عن المأزق الذي يضع فيه القرار الشركات وعمالها، حيث إن "القرار جاء بشكل مفاجئ بالنسبة للعمال، الذين لم يتلقّ قطاع منهم جرعاته الأولى" فيما "يأخذ التطعيم بالجرعتين قرابة الشهر لن يتمكنوا فيه من مزاولة مهامهم".

هنا نجد أنفسنا أمام إشكالين، تقول المسؤولة في حديثها لـTRT عربي، "الأول هو كيف سيجري تعويض أولئك العمال عن الشهر الذي لم يعملوه مع العلم أن وضعهم نظامي بالنسبة للشركة؟"، فـ"هل ستعتبر إجازة غير مدفوعة ويتركون دون قوتهم لمدة شهر كامل؟".من جهة أخرى، بالنسبة لأرباب الشركات "سيخشون على مؤسساتهم من أي متابعات قانونية إذا شغلوا عمالاً لا يتحصلون على الجواز"، كما "سيؤثر هذا الإجراء سلباً على خطوط الإنتاج وتقدم المشاريع، وبالتالي على مردودهم المادي منها". ومنه تخلص المتحدثة بأن "السلامة تفرض علينا التلقيح لكن إجبار المواطنين بقرارات مماثلة يمس القطاعات الاقتصادية ويهدد القوت اليومي لشرائح واسعة من الشعب".

TRT عربي