تابعنا
في خطوة مثيرة للجدل أعلن سياسيون ودبلوماسيون سابقون تأسيس جمعية "مشروع تركيا الديمقراطية" بالولايات المتحدة الأمريكية، ضمن حملة مناهضة لتركيا وسياسات رئيسها المنتخب ديمقراطياً رجب طيب أردوغان.

متَّهِمين تركيا بـ"قمع الحريات وانتهاج سياسية استبدادية"، صرّح مجموعة من السياسيين والدبلوماسيين السابقين في العاصمة الأمريكية واشنطن، عن تأسيس منظمة سياسية دولية تحمل عنوان "مشروع تركيا الديمقراطية"، في العاصمة الأمريكية واشنطن. وهي ليست المرة الأولى التي تكون فيها تركيا ورئيسها في مرمى الاستهداف.

ومن أبرز الأعضاء المؤسسين جون بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق, وجيب بوش حاكم فلوريدا السابق, والسيناتور السابق جو ليبرمان الذي يُعَدّ من أكبر داعمي إسرائيل وأشدّ المعادين لإيران، وفرانسز تاون ساند مسؤول مكافحة الإرهاب السابق في إدارة بوش الابن، وسانت أجاتا وزير الخارجية الإيطالي السابق، إضافة إلى بعض المعارضين الأتراك، من بينهم أيكان إرديمير وسليمان أوزيرين. ويرأس المنظمة مارك والاس، المدير التنفيذي لمجموعة "متّحدون ضد إيران النووية".

وكشفت تقارير إعلامية عن معلومات تفيد كذلك بارتباط المبادرة بتنظيم كولن الإرهابي، الضالع في في محاولة الانقلاب العسكري في تركيا في 15 يوليو/تموز 2016، التي راح ضحيتها مئات المواطنين الأتراك.

وتأتي المبادرة قبل أيام قليلة من تاريخ الذكرى السنوية لفشل محاولة الانقلاب، وتزامناً مع الجدل الذي يُثار باستمرار حول الدور التركي في المنطقة وعلاقتها مع الحلفاء. ورغم ما يدّعيه أعضاء المنظمة من حرصهم على "تشجيع تركيا على تبنّي سياسات أكثر ديمقراطية، وبالتالي تمكينها من أن تكون شريكاً إقليميّاً ودوليّاً أكثر موثوقية"، حسب ما جاء في البيان الرسمي، إلا أنه بالوقوف عند أهمّ الأسماء المؤسسة فسنقف حتماً على حقيقة عدائهم الصريح مع التجربة التركية.

جون بولتون مهندس الحروب

كتب جون بولتن في تغريدة له على حسابه على تويتر: "حان الوقت لدقّ ناقوس الخطر بشأن تركيا". وأضاف أن "حليف الناتو الذي يحوز على ثقتنا يدير ظهره للديمقراطية ويحتضن روسيا " على حد تعبيره.

لكن في الوقت الذي يدعو فيه جون بولتون إلى مزيد من الديمقراطية، فإن تساؤلات كثيرة تُطرح حول مكاسبه وإنجازاته في هذا الإطار، بخاصة أنه اعتُبر من أبرز المهندسين للحرب في سوريا والعراق التي أودت بحياة كثير من الأبرياء وفتحت الباب لظهور تنظيم داعش الإرهابي، خلال الفترة التي عمل فيها مع إدارة دونالد ترمب.

ويُعرف بولوتون بكونه أحد أبرز الصقور المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد رفض الكونغرس في وقت سابق تعيينه سفيراً خلال فترة حكم الرئيس جورج بوش الابن، وشغل بولتون منصب مستشار الأمن القومي ضمن إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، لكن ترمب أبلغه في وقت لاحق بالاستغناء عن خدماته بسبب خلاف نشأ بين الاثنين في ما يتعلق بمسار السياسات الأمريكية.

ويرى محللون وسياسيون أن بولتون يعتمد على سياسة العصا مع مخالفيه، و لا مكان عنده للدبلوماسية وسياسة التسوية في معالجة الخلافات والأزمات، بل يعتمد فقط على إخضاع الآخر بالقوة. لذلك لاقى خبر إقالة بولتون حينها ترحيباً واسعاً من الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء.

كما يُعَدّ أهم المحرضين على الحرب وتغيير الأنظمة المعادية لسياسات واشنطن في كوبا وإيران وفنرويلا، وساهم بشكل كبير في فرض العقوبات الاقتصادية والتدخلات العسكرية على هذه الأنظمة لإخضاعها، ومن أبرز مساهماته الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي سنة 2018 وفرض عقوبات اقتصادية على طهران، فوصفته حينها كوريا الشمالية بأنه "مُولَع بالحرب".

لذلك تبدو مزاعم جون بولتون بدعوته تركيا ورئيسها أردوغان إلى التحلي بالديمقراطية في سياساتها، مجرد ادعاءات تحاول أن تُخفي الوجه الحقيقي للعداء الذي يكنه لتركيا ورئيسها، وعبّر عنه في كتاب مذكراته الذي نشره، وكشف فيه عن عدم ارتياحه للتقارب بين الرئيسين التركي والأمريكي.

انقلابيون يدعون إلى الديمقراطية

كشفت تقارير صحفية تركية أن أيكان إرديمير، العضو المؤسس بمبادرة مشروع تركيا الديمقراطية، متهَم بانتمائه إلى تنظيم كولن الإرهابي، وتوجد بحقة مذكرة توقيف على خلفية اتهامه بأحداث ديسمبر/كانون الأول سنة 2013 التي عُرفت بـ"محاولة الانقلاب القضائي"، التي حاول عبرها تنظيم كولن الإرهابي الانقلاب على الحكومة المنتخَبة حينها باستخدام أطراف قضائية.

وكان إرديمير عمل عضواً بالبرلمان التركي ممثلاً عن حزب الشعب الجمهوري في الفترة الممتدة بين 2011 و2015، إلا أنه بعد تورطه ومصادرة أمواله قرّر الفرار إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لينتشر اسمه هذه المرة ضمن قائمة المؤسّسين لمبادرة تستهدف التجربة التركية.

وكشفت السلطات التركية عن ضلوع تنظيم كولن الإرهابي الذي ينتمي إليه إرديمير، في التدبير لعملية الانقلاب العسكري في تركيا صيف 2016، الذي أسفر عن مقتل نحو 251 شخصاً وإصابة ما يقارب 2200 مواطن تركي.

وأصدرت السلطات التركية مذكرة توقيف بحق 40 شخصاً من أعضاء التنظيم المنتمين، وزعيمه فتح الله كولن المقيم حالياً في المنفى الاختياري بالولايات المتحدة الأمريكية. ويسعى التنظيم باستمرار للإطاحة بالتجربة التركية واستهداف رموزها، عبر محاولات اختراق الجيش والقضاء وعدة مؤسسات أخرى. ورغم أن المحاولات باءت بالفشل فإنها لا تزال في سعي مستمر لتقويض الحكم الحالي أو تشويهه، ولعلّ انضمام شخصين منها وتنظيمهما للقاء القادة السياسيين الأخير لإطلاق مبادرة مشروع المنظمة المعادية لتركيا، مؤشر إضافي على ذلك.

TRT عربي