نشطاء المناخ يحتجون ضد التوسع في مناجم الفحم بألمانيا / صورة: AFP (Bernd Lauter/AFP)
تابعنا

نزل آلاف المواطنين إلى شوارع ألمانيا الأسبوع الماضي احتجاجاً على التوسع في منجم للفحم، في الوقت الذي تتطلع فيه ألمانيا إلى إيجاد بديل للغاز الروسي.

تَعهَّد نشطاء المناخ في الثامن من يناير/كانون الثاني بالدفاع عن قرية صغيرة في غرب ألمانيا ضد التعرض للجرافات لتوسيع منجم فحم قريب أصبح ساحة معركة بين الحكومة ودعاة حماية البيئة.

بدأت خطط توسيع منجم الفحم الذي يُدعَى Garzweiler فوق قرية تسمى لوتزيرات Lutzerath بعد أن أبرمت الحكومة الألمانية صفقة مع شركة الطاقة الألمانية متعددة الجنسيات RWE في أكتوبر/تشرين الأول 2022 التي سمحت بهدم القرية مقابل اتفاق مع شركة RWE على تقديم موعد التخلص التدريجي من الفحم من 2038 إلى 2030. وتخطّط شركة الطاقة لاستخراج 280 مليون طن من الفحم الحجري بحلول عام 2030.

في هذه الأثناء تَجمَّع آلاف الأشخاص من جميع أنحاء ألمانيا الأسبوع الماضي للاحتجاج على التحضيرات ذات الصلة والتظاهر في لوتزيرات، التي تقع غرب كولونيا.

بدأت السلطات الألمانية إخلاء معسكر الاحتجاج في لوتزيرات يوم الأربعاء بعد اشتباكات بين مئات من عناصر الشرطة المنتشرة في المنطقة ونشطاء المناخ.

استمرَّت الاحتجاجات وسط هطول أمطار غزيرة يوم السبت وحاولت الشرطة مرة أخرى منع الحشد من الاقتراب من منجم Garzweiler وقرية لوتزيرات نفسها.

وقال المنظمون إن نحو 35 ألف شخص شاركوا في المظاهرة، فيما قدّرَت الشرطة العدد بنحو 15 ألفاً.

انضمّت الناشطة السويدية للمناخ غريتا تونبرج إلى المتظاهرين يوم السبت في أثناء سيرهم في قرية Keyenberg القريبة، احتجاجاً على إزالة لوتزيرات. وردّد المتظاهرون هتافات "كل القرية يجب أن تبقى" و"لستم وحدكم".

من بين المجموعات التي تدعم الاحتجاج تمرد الانقراض، وجمعة من أجل المستقبل، والجيل الأخير، وتمرد العلماء.

أصبحت لوتزيرات رمزاً للجماعات البيئية التي تطالب بوضع حد لاستخدام الفحم والوقود الأحفوري في ألمانيا.

لماذا تتجه ألمانيا إلى أسوأ وقود أحفوري في العالم؟

تتسابق ألمانيا لإيجاد بدائل للغاز الطبيعي الروسي بعد أن قطعت موسكو خط أنابيب رئيسي إلى القارة خلال الصيف.

على خلاف وعود الحكومة بحماية المناخ، يعمل الائتلاف الحاكم بزعامة المستشار الألماني أولاف شولتز على زيادة الاستثمار في الوقود الأحفوري.

في يوليو/تموز من العام الماضي، أقرّ مجلسا البرلمان في ألمانيا قانوناً طارئاً لإعادة تنشيط محطات الطاقة التي تعمل بالفحم المتوقفة من أجل دعم توليد الكهرباء وسط نقص الغاز.

بحلول نهاية سبتمبر/أيلول، أفادت منظمة NPR الإعلامية بإحياء أو تمديد العمل بنحو 20 محطة طاقة تعمل بالفحم على الأقلّ في جميع أنحاء البلاد لتتجاوز مواعيد إغلاقها لضمان حصول ألمانيا على طاقة كافية لقضاء فصل الشتاء.

وصل أكثر من الثلث (36.3%) من الكهرباء التي تُغذَّى بها شبكات الكهرباء الألمانية بين يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول 2022 من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، مقارنة بـ31.9% في الربع الثالث من عام 2021، وفقاً لمكتب الإحصاء الألماني Destatis.

ولطالما شيطن حزب الخضر الألماني، الذي يقود بعض الوزارات العليا في الحكومة، استخدام الوقود الأحفوري. وكان من المقرر التخلص التدريجي من الفحم بحلول عام 2030، لكن الحرب الروسية مع أوكرانيا، إلى جانب القيود على تصدير الغاز، أعادت الفحم إلى الصدارة.

عادت مصانع الفحم التي أُغلقَت أو تُركت على الاحتياط سابقاً إلى السوق في أوروبا هذا العام، لكن الكمية محدودة في معظم البلدان.

تقول وكالة الطاقة الدولية (IEA) ومقرها باريس، إن العودة إلى استخدام الفحم لا تزال على نطاق واسع في ألمانيا.

وقال تقرير سوق الفحم السنوي لوكالة الطاقة الدولية: "أدَّى هذا إلى زيادة توليد الطاقة بالفحم في الاتحاد الأوروبي، المتوقَّع أن يظلّ عند هذه المستويات الأعلى لبعض الوقت".

استهلاك الفحم العالمي بلغ مستوى مرتفعاً

يتوقع تقرير سوق الفحم السنوي للوكالة الدولية للطاقة أن يرتفع استخدام الفحم العالمي بنسبة 1.2 في المئة هذا العام، ليتجاوز 8 مليارات طن في عام واحد للمرة الأولى ويتجاوز بذلك الرقم القياسي السابق المسجَّل في عام 2013.

وفقاً للتقرير، سيبقى عند هذا المستوى حتى عام 2025، بما يعني أن الفحم سيظلّ أكبر مصدر خاص لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

وقالت الوكالة الدولية للطاقة إن ألمانيا من أعلى المستخدمين، بزيادة 19 في المئة، أو 26 مليون طن، مقارنة بعام 2021.

بدلاً من إغلاق 1.6 غيغاوات من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم بحلول نهاية عام 2022 كما هو مخطَّط، أصدرت الحكومة الألمانية تنازلاً للسماح بالإنتاج حتى مارس/آذار 2024.

وضعت ألمانيا خطة "احتياطية للاستبدال بالغاز" بسعة إجمالية قدرها 11.6 غيغاوات. يتضمن ذلك 1.9 غيغاوات من الفحم الحجري و4.3 غيغاوات من محطات توليد الطاقة بالفحم الصلب التي يُسمح لها بالعودة إلى السوق حتى عام 2024، وفقاً لتقرير وكالة الطاقة الدولية.

يوفّر منجم Garzweiler للفحم بالقرب من قرية لوتزيرات نسبة كبيرة من الفحم الحجري المحروق في محطات الطاقة القريبة.

تقول شركة الطاقة RWE إن الفحم ضروري لضمان أمن الطاقة في ألمانيا.

مع ذلك، تقول جماعات حماية البيئة إن الصفقة التي أبرمت مع الشركة لتوسيع منجم الفحم ستظلّ تؤدّي إلى استخراج مئات ملايين الأطنان من الفحم وإحراقها، وإطلاق كميات هائلة من غازات الاحتباس الحراري وجعل الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015 مستحيلاً على ألمانيا.


TRT عربي
الأكثر تداولاً