عربات قوات حفظ السلام التابعة لمنظمة "معاهدة الأمن الجماعي" تتوجه إلى كازاخستان (Handout/AFP)
تابعنا

في خطاب متلفز له ناشد رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف، تحالف "معاهدة الأمن الجماعي" بإرسال قوات لمساعدة بلاده في التصدي لما سماه "العدوان" الذي تتعرض له، منذ اندلاع الاحتجاجات بها بداية شهر يناير/كانون الثاني الجاري.

وقال توكاييف إنه "بالنظر إلى هذه العصابات الإرهابية، وهي في الأساس دولية وخضع عناصرها لتدريب جادّ في الخارج، فإن بلادنا تتعرض للعدوان". ومن أجل صده "طلبتُ من دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي مساعدة كازاخستان على التغلب على هذا التهديد الإرهابي".

فيما تعرف البلاد منذ الأحد احتجاجات واسعة، أشعل شرارتها الارتفاع المفاجئ لأسعار الغاز، تركزت أطوارها أكثر في إقليم ألماتي (جنوب غربي البلاد) والعاصمة نور سلطان.

وتُعَدّ منظمة "معاهدة الأمن الجماعي" التي لجأ إليها توكاييف من أجل إعاد السيطرة على الوضع الأمني المنفلت في بلاده، أحد التحالفات الدفاعية التي تفتق عنها انهيار الاتحاد السوفييتي، في تعويض لجيشه الأحمر الذي كان مشتركاً بين الدول كافةً المنضوية تحت المعاهدة.

مشاهد من الانفلات الأمني

حسب ما ورد في خطاب رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف، فإن "هذه العصابات الإرهابية تستولي على منشآت البنية التحتية، كما سيطرت على المطار و5 طائرات بينها أجنبية في ألماتي"، مشيراً إلى أن أكبر مدن البلاد "تعرضت للهجوم والتدمير والتخريب".

فيما أوردت وكالات أنباء دولية تقارير عن مقتل عشرات المتظاهرين بيد الشرطة فيما كانوا يحاولون الاستيلاء على مبانٍ إدارية بمدينة ألماتي ليلة الأربعاء-الخميس. وقالت الشرطة الكازاخية إن "القوى المتطرفة حاولت الليلة الماضية اقتحام مبانٍ إدارية وقسم شرطة مدينة ألماتي بالإضافة إلى الإدارات المحلية ومراكز الشرطة"، قبل "القضاء على عشرات المهاجمين".

أضافت الشرطة أن "12 من عناصر حفظ الأمن قُتلوا، وجُرح 353"، كما "أصيب عشرة عناصر من الأطقم الطبية"، جراء هجمات نفّذها "مثيرو الشغب" باستعمال "الحجارة والزجاجات الحارقة". وأفادت وكالة "سبوتنيك كازاخستان" بسماع دوي تبادل إطلاق نار في ميدان الجمهورية بمدينة ألماتي.

في المقابل أعلن التليفزيون الرسمي الكازاخي أن "أكثر من ألف شخص في مناطق مختلفة من كازاخستان أصيبوا بجروح نتيجة أعمال الشغب، منهم 400 نُقلوا إلى المستشفى، و62 في العناية المركزة".

الاستنجاد بـ"معاهدة الأمن الجماعي"

أمام هذا الواقع، ولتعزيز الجهود من أجل وضع حدّ "للانفلات الأمني"، ناشد الرئيس الكازاخي قاسم جومارت توكاييف، منظمة "معاهدة الأمن الجماعي" من أجل المساعدة على إعادة الاستقرار إلى المناطق المنتفضة.

بدورها أعلنت المنظمة الخميس، إرسال قوات حفظ السلام إلى كازاخستان، مؤكدة أن وحدات من سلاح المظليين في القوات الروسية بدأت بالفعل تنفيذ مهامها هناك، التي ستتمثل في "حماية المنشآت الحكومية والعسكرية المهمة، ومساعدة قوات الأمن الكازاخية في العمل على تحقيق الاستقرار وتطبيع الوضع هناك"، حسب بيان الأمانة العامة لمنظمة "معاهدة الأمن الجماعي".

وأعلنت كذلك كل من قيرغيزستان وطاجيكستان، استعدادها لتقديم الدعم لكازاخستان المجاورة في إطار منظمة "معاهدة الأمن الجماعي". وقال رئيس مجلس الوزراء القيرغيزي أكيلبك زاباروف إنه "وفقاً لقرار رئيس الدولة ومجلس منظمة معاهدة الأمن الجماعي، تؤكد جمهورية قيرغيزستان استعدادها لتقديم الدعم الشامل لكازاخستان الشقيقة، وبالقدر اللازم، الوفاء بالتزامات الحلفاء في إطار منظمة معاهدة الأمن الجماعي".

وريثة الجيش الأحمر

يعود توقيع "معاهدة الأمن الجماعي" التي ترعاها المنظمة إلى أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي بداية التسعينيات، إذ وقعت كل من روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان وطاجيكستان وقرغيزستان وأرمينيا وأوزبكستان وأذربيجان وجورجيا، في 15 مايو/أيار 1992، ميثاقاً بتوحيد الدفاع في حال تعرُّض أي من تلك البلدان لهجوم خارجي.

وكان من المقرر أن تستمر معاهدة الأمن الجماعي وقتها لمدة خمس سنوات فقط بعد دخولها حيّز التنفيذ سنة 1994، في حال عدم تمديدها. غير أن ست دول قررت التمديد وتأسيس منظمة ترعى الاتفاقية سنة 2002، فيما انسحب كل من أذربيجان وجورجيا وأوزبكستان من المعاهدة.

منذ ذلك الوقت تُجري جيوش الدول الست تدريبات عسكرية دورية، وفي 2010 وافقت الدول الأعضاء على إنشاء قوة حفظ سلام تابعة للمنظمة. وتمكنت المنظمة منذ 2011 من تفعيل حقّ النقض لتعطيل إنشاء قواعد عسكرية أجنبية جديدة في الدول الأعضاء فيها.

وسَعَت موسكو منذ اندلاع الحرب في دونباس شرقي أوكرانيا، لأن تكون المنظمة ذراعها للتدخل هناك، إذ طالبت سنة 2015 بإرسال بعثة حفظ سلام إلى هناك. وكان وقتها الرئيس الأوكراني طلب من الأمم المتحدة نشر قبعاتها الزرق في المنطقة، ردَّ على ذلك الأمين العام للمنظمة نيكولاي بورديوزا قائلاً: "منظمة معاهدة الأمن الجماعي لديها قدرة حفظ سلام، وإذا اتخذت الأمم المتحدة مثل هذا القرار فنحن على استعداد لتوفير وحدات لحفظ السلام".

TRT عربي