المقر الرئيسي لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي FSB وسط العاصمة الروسية موسكو (Sergei Karpukhin/Reuters)
تابعنا

منذ صعوده إلى السلطة مطلع الألفية الجديدة، ولعمله ضابط مخابرات بالمخابرات السوفيتية 16 عاماً قبل أن يتفرغ للعمل السياسي عام 1991 اهتم فلاديمير بوتين بجهاز الأمن الفيدرالي FSB, وهو الجهة الاستخباراتية الرائدة لحماية الأسرار وعمليات التجسس بروسيا ودول الاتحاد السوفيتي السابقة، ومن ضمنها أوكرانيا, جاعلاً منه الذراع الأمني المفضل بالنسبة إليه.

وعلى الرغم من محاولات بوتين طوال العقدين المنصرمين استنساخ أسطورة جهاز الاستخبارات السوفيتي ذائع الصيت KGB، فإن الحرب الأوكرانية كشفت الكثير من عيوب وإخفاقات الجهاز الذي كان أحد أبرز اللاعبين على الطاولة أثناء التخطيط للحرب قبل انطلاقها أواخر فبراير/شباط الماضي.

وفي تقرير نشرته الأحد وصفت مجلة إيكونوميست البريطانية الانفجار الأخير -الذي أوقع أضراراً بجسر كيرتش الواصل بين البر الروسي وشبه جزيرة القرم يوم السبت- بأنه مجرد "غفلة أمنية" أخرى، جاءت بعد تفجير عملاء أوكرانيين سيارة مفخخة بموسكو في أغسطس/آب الماضي أسفر عن مقتل ابنة المنظِّر الروسي ألكسندر دوغين الذي يوصف بـ"عقل بوتين".

تحطيم أسطورة الجواسيس الروس

قالت المجلة البريطانية في تقريرها إن سمعة جواسيس أجهزة المخابرات الروسية الثلاثة التي وُلدت من رحم الـKGB -وهي: جهاز الأمن الداخلي، والمخابرات الخارجية، والاستخبارات العسكرية- تعرضت لأضرار خلال الحرب الأوكرانية، لأنها تخوض مخاطر أكبر ويُقبض على عملائها في الدول الغربية.

وضربت الإيكونوميست مثالاً على المخاطر التي يتعرض لها الجواسيس الروس من خلال قصة الشاب البرازيلي فيكتور مولر فيريرا، الذي تخرج في كلية "جونز هوبكنز" بشهادة في الدراسات الدولية المتقدمة في واشنطن العاصمة وحصل على تدريب داخلي في المحكمة الجنائية الدولية ICC في لاهاي، الذي قُبض عليه عندما وصل إلى أمستردام في أبريل/نيسان ورُحِّل إلى البرازيل ليقضي عقوبة السجن 15 عاماً، وذلك بعدما اكتُشف أنه ضابط مخابرات يعمل في خدمة المخابرات العسكرية الروسية، واسمه الحقيقي سيرجي فلاديميروفيتش تشيركاسوف.

وحسب تقرير مطول نشرته صحيفة واشنطن بوست في 19 أغسطس/آب الماضي، حققت وكالات الأمن الأوكرانية -بدعم من وكالة المخابرات المركزية، وجهاز MI6 البريطانية وأجهزة المخابرات الغربية الأخرى- انتصارات ملحوظة في وقت مبكر، لا سيما عندما نشرت منظمة غير حكومية أوكرانية ما وصفته بقائمة من عملاء FSB المرتبطين بالمجهود الحربي، ونشرت هويات وأرقام جوازات سفر عشرات الجواسيس المزعومين في خطوة تهدف إلى تعطيل خطط الوكالة وهز موظفيها.

أخطاء استراتيجية قاتلة

وفقاً لتقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية لخص أبرز 5 نقاط فشلت بها الاستخبارات الروسية، فشل جهاز الأمن الفيدرالي ووكالات الاستخبارات الأخرى في قراءة المشهد الأوكراني ودفعت الكرملين إلى وضع خططه بناءً على حسابات غير دقيقة وغير مفهومة تشير إلى أن الشعب الأوكراني سيستقبل "المحررين" الروس بالورود وأن الحكومة الأوكرانية ستسقط بسرعة، وأن المهمة الأساسية ستقتصر على تثبيت حكومة موالية لموسكو.

كما خضعت إدارة أوكرانيا التابعة لجهاز الأمن الفيدرالي FSB لتوسع كبير في الفترة التي سبقت الهجوم على أوكرانيا، وفقاً لمسؤولين أمنيين أوكرانيين وغربيين. فقد ارتفع حجم الإدارة من نحو 30 ضابطاً في 2019 إلى ما يصل إلى 160 عشية الهجوم على أوكرانيا، الأمر الذي دفع المسؤولين الأوكرانيين إلى استشعار قرب الهجوم الروسي في وقت مبكر.

حرب الظل

"وتعد خطط FSB والجهود التي تبذلها وكالات الاستخبارات الأوكرانية والغربية لإحباطها جزء من حرب الظل التي تجري بالتوازي مع الحملة العسكرية الروسية. وهو صراع كان مستمراً قبل وقت طويل من هجوم 24 فبراير/شباط، وخطوط معركته غير واضحة بسبب التواريخ المتشابكة والمتداخلة للخدمات الروسية والنظراء الأوكرانيين الذين بدؤوا بصفتهم أبناء KGB في الحقبة السوفيتية". وفقاً لواشنطن بوست.

وفيما يكافح جهاز الأمن الداخلي الأوكراني لتخليص صفوفه من العملاء والمخترقين الروس والقبض على عدد من كبار الضباط ووصفهم بالخونة من قبل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي اتخذ خطوة غير عادية في يوليو/تموز الماضي بإقالة مدير إدارة أمن الدولة إيفان باكانوف -صديق الطفولة- من منصبه، وفقاً لوكالة رويترز وموقع "يورو نيوز" . لا يُعتقد أن بوتين قد اتخذ إجراءات مماثلة ضد أي من رؤساء المخابرات. إذ قال مسؤولون أمريكيون إنهم لم يروا أي دليل على تنفيذ بوتين تنظيفات بمنزله الاستخباراتي أو محاسبة كبار المسؤولين على أخطاء باهظة التكلفة. وبدلاً من ذلك ظل مدير FSB ألكسندر بورتنيكوف وزعيم مديرياتها الأوكرانية سيرغي بيسيدا في منصبيهما يشرفان على جوانب المجهود الحربي.

TRT عربي