بمَ تخبرنا تسريبات البنتاغون عن أوروبا؟ (Others)
تابعنا

ما زالت السلطات الأمريكية واقعة تحت تأثير الزوبعة التي أحدثتها التسريبات الأخيرة لوثائق سرية من البنتاغون، كما تسابق الوقت لاحتواء الارتدادات السياسية والدبلوماسية لكشف ما تضمنته من محتوى حساس، بالإضافة إلى فك لغز تسريبها ومعاقبة المتورطين في العملية الأضخم من نوعها منذ تسريبات ويكيليكس عام 2006.

واعتقل مكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي، يوم الخميس، عضواً في الحرس الوطني التابع للقوات الجوية يُدعى جاك دوغلاس تيشيرا، قيل إنه المشتبه به الرئيسي في تسريب تلك الوثائق. فيما صرح وزير الدفاع لويد أوستن في بيان بأن فريق عمل تابعاً للبنتاغون "يعمل على مدار الساعة لتقييم وتخفيف أي أضرار".

بالمقابل، تستمر هذه الوثائق بكشف أسرارها مع استمرار مراجعتها من قبل الصحفيين. فيما يعتبر أحد هذه الأسرار، هو امتلاك دول أوروبية جنوداً على الأرض في أوكرانيا، كما أن ثلاثة بلدان من الاتحاد تزود أوكرانيا بنصف دباباتها.

قوات خاصة أوروبية في أوكرانيا

كشفت وثيقة "سرية للغاية" جرى تسريبها عن وزارة الدفاع الأمريكية، ومؤرَّخة بتاريخ 23 مارس/آذار المنصرم، عن أنه لدى الدول الأوروبية قوات خاصة على الأراضي الأوكرانية، التي تشهد حرباً ضارية لأكثر من عام. ووفقاً للوثيقة، تمتلك المملكة المتحدة أكبر مجموعة من القوات الخاصة في أوكرانيا بما يناهز الـ50 عنصراً، تليها لاتفيا بـ17 عنصراً، ثم فرنسا بـ15 عنصراً.

هذا ولم تكشف الوثيقة أي معلومات إضافية عن مواقع تمركُّز هذه القوات، ولا طبيعة المهمات المنوطة بها، كما لم تحدد ما إذا كان عناصرها تشترك في المعارك الجارية أم لا.

وحين استفسارها من قبل الصحفيين حول هذه المعطيات الأخيرة، رفضت وزارة الدفاع البريطانية التعليق على الأمر. فيما نفت الحكومة الفرنسية مشاركة قواتها في العمليات في أوكرانيا، وحسب ما نقلت صحيفة "لوموند" على لسان أحد المقربين من وزير الجيوش سيباستيان لوكورنو، قوله: "لا يشارك أي من جنودنا في المعارك في أوكرانيا".

خبايا المساعدات العسكرية

ومما كشفته هذه الوثائق المسربة، كان خبايا وصول المساعدات العسكرية الغربية إلى أوكرانيا بداية بالدبابات، التي بذلت كييف جهوداً كبيرة من أجل الحصول على الموافقة الأوروبية لتسليمها إياها، إعداداً لهجوم الربيع الذي تعتزم إطلاقه خلال الأسابيع القادمة.

وقالت وثيقة سرية مؤرَّخة بـ23 فبراير/شباط الماضي، إن أوكرانيا تحتاج إلى 253 دبابة لإنجاح الهجوم المضاد الذي تستعد لإطلاقه، في حين التزم الحلفاء بمنحها 200 دبابة فقط، أي أقل مما يلبي حاجتها من هذه الأسلحة.

ويكشف التسريب عن أن بولندا وسلوفينيا هما أكبر المساهمين بالدبابات المتجهة إلى أوكرانيا، ذلك إذ التزما بتسليم ما يقرب من نصف العدد الإجمالي. كما التزم كل من فرنسا وبريطانيا بتسليم 14 دبابة من كلٍ منهما. بينما ناقضت الوثيقة حديث ألمانيا عن أنها سلمت 18 دبابة، موردةً أنها لم تلتزم إلا بتسليم دبابتين.

وبشكل منفصل، تروي صفحة مسربة أخرى من الوثيقة، أن فرنسا قد أبلغت إيطاليا في 22 فبراير/ شباط بأن منظومة الدفاع الجوي، التي وعد مسؤولو روما بتسليمها إلى كييف في ربيع 2023، لن تكون جاهزة حتى يونيو/حزيران، ما يعني فشل الجدول الزمني الذي وضعته وزارة الدفاع الإيطالية مسبقاً.

صورة قاتمة بشأن هجوم الربيع

هذا وكانت الوثائق المسربة قد رسمت صورة قاتمة بشأن هجوم الربيع الذي تعد له أوكرانيا، إذ سلطت الضوء على النقائص في العدد والعتاد التي يعاني منها الجيش الأوكراني، كذلك استنزاف ذخائر دفاعاته الجوية.

تعتمد الدفاعات الجوية الأوكرانية بشكل أساسي على الأنظمة التي ورثتها البلاد عن الاتحاد السوفيتي، وفي معظمها أنظمة دفاع صاروخي أرض-جو من طراز S-300. حيث تمتلك نحو 250 منظومة من هذا الطراز، وهو ما يمثل أكثر من 89% من مجهود الدفاع الجوي الأوكراني.

بالمقابل تكشف التسريبات عن أن هذه الدفاعات تواجه وضعية حرجة بسبب قرب نفاد ذخائر أنظمة S-300، وأن مخزونات هذه الذخيرة ستنفد بين منتصف أبريل/نيسان الجاري و2 مايو/أيار القادم، في حال لم يجرِ تعويض نقصها.

وتعطي وثيقة أخرى، اطلعت عليها "الغارديان"، لمحة عامة عن التقدم المحرز في بناء 12 لواء جديداً "ذا مصداقية قتالية" لقيادة هجوم الربيع، مجهزين بعتاد مكون من 253 دبابة ونحو 1500 مركبة مدرعة أخرى من مختلف الأنواع. إذ جرى إنشاء ثلاثة ألوية من الأوكرانيين وحدهم، بينما كان من المقرر إنشاء التسعة المتبقية بمساعدة الولايات المتحدة والحلفاء والشركاء.

وجاء في الوثيقة أن الألوية التي عول عليها للمشاركة في الهجوم المضاد كانت بعيدة كل البعد عن الجاهزية لخوض القتال، إذ لم يبدأ تدريب خمسة ألوية منها وقت كتابة الوثيقة. فيما كان لدى ستة من الألوية الأخرى نصف أو أقل من المعدات التي يحتاجون إليها.

TRT عربي