وزير الداخلية الفرنسي يتعهّد بدعم بلاده مشروع إصلاح نظام اللجوء الأوروبي (Pool/Reuters)
تابعنا

كشف وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمنان، خلال لقاء صحفي له على قناة "BFMTV"، عزم بلاده دعم مقترح إصلاح نظام اللجوء الذي تقدَّمت به الموفوضية الأوروبية سابقاً في سبتمبر/أيلول 2020، وذلك خلال الفترة القادمة التي ستترأس فيها فرنسا الاتحاد الأوروبي مطلع السنة القادمة. فيما يأتي التصريح تزامناً مع قرار باريس تشديد إجراءات منح التأشيرة لمواطني الدول المغاربية، فيما يرى مراقبون في قول الوزير امتداداً للسباق الانتخابي الذي أصبح يأخذ مسألة الهجرة مجالاً لتنافسه.

من جهة أخرى، ومنذ الإعلان عنه على لسان رئيسة المفوضيَّة الأوروبية، يقابل مشروع إصلاح نظام الهجرة واللجوء انتقادات كبيرة من الحقوقيين والمجتمع المدني. لِما يتضمَّنه من تضييقات على اللاجئين، وما يفتح من باب أمام عمليات الترحيل الواسعة. إذ يُشرِّع المشروع الاعتماد على دول خارج تراب الاتحاد من أجل توطين اللاجئين في مراكز هي أقرب للاحتجاز منها إلى الرعاية، بحسب التجارب الدولية السابقة.

دارمانان يتوعّد

وقال دارمانان في لقائه الصحفي: "علينا أن نقرّ، ونحن نترأس الاتحاد الأوروبي بعد ثلاثة أشهر، قانوناً أوروبياً موحَّداً للجوء". موضحاً أنّ بلاده ستعمل على وضع اتفاق اللجوء قيد التصويت، في انتظار "رأي الحكومة الألمانية الجديدة في هذه المسألة".

وأضاف دارمانان: "علينا أن نجعل من الاتفاق الهدف الموحّد الذي يجب أن نحققه، وعلى كلّ الأوروبيين أن يوجهوا جهودهم نحو بلوغه، أنه عندما يصل اللاجئ الأراضي الأوروبية، ويضع طلبه لدى سلطات إسبانيا أو إيطاليا أو فرنسا، فهذا يهمّ جميع الدول".

هذا، وتأتي تصريحات وزير الداخلية الفرنسية تزامناً مع قرار خارجية بلاده تشديد إجراءات التأشيرة على مواطني الدول المغاربية، رداً على ما وصفته فرنسا بـ"عرقلة عملية ترحيل مهاجرين ينتمون إلى تلك البلدان". في هذا الصدد قال دارمانان إنّ على الأوروبيين "المسارعة بتوحيد إجراءات منح التأشيرات بين بلدانهم، لأنّ مرشحي الهجرة يستغلّون الفوارق بيننا من أجل تنفيذ مخططاتهم".

انتقادات واسعة لاتفاق اللجوء الأوروبي

يعود أول إعلان للاتفاق الأوروبي الجديد للهجرة إلى 23 سبتمبر/أيلول سنة 2020، حينما كشفت رئيسة المفوضيَّة الأوروبية، أرسولا فون دير لين، خطوطه الأساسية قائلة إنه يتضمن "حزمة قوانين جديدة تطرحها المفوضية الأوروبية لتمكِّن الاتحاد من بداية جديدة في التعاطي مع الملف، تعكس توازناً عادلاً ومعقولاً بين روح المسؤولية وواجب التضامن بين الدول الأوروبية".

فيما الجديد الذي حمله الاتفاق يتلخَّص في التضييق أكثر على المعابر الحدودية بالتركيز على توثيق اللاجئين، وأخذ بصماتهم وإخضاعهم لكشوفات طبية. إضافة إلى تسريع عمليات قبول طلبات اللجوء، وموازنتها وفقاً لمبدأ الاستحقاق، ذلك بنصّ "آلية سريعة لاستبعاد المهاجرين الذين من غير المرجح حصولهم على حماية دولية، أي القادمين من دول تسجّل معدّل استجابة لطلبات اللجوء أقلّ من 20% مثل تونس والمغرب" تقول فون دير لين.

ومن جهة أخرى يدفع الميثاق بآلية الترحيل كحلٍّ أمام الدول الأعضاء للتعامل مع المهاجرين، في إطار ما يسمّيه "التضامن والإلزامية" مع إلغاء مبدأ "الكوتا" في استقبال المهاجرين. بمعنى أن الاتحاد لن يفرض "كوتا" استقبال مهاجرين، ومن لا يريد قبول المهاجرين على أرضه يجب عليه تمويل ترحيلهم والتكفّل بإيوائهم في مراكز لجوء خارج دول الاتحاد الأوروبي، هذا ما تقترحه المفوضية الأوروبية بحسب ما يورد محللون.

بالمقابل، أثار مضمون الاتفاق سخطاً كبيراً في أوساط المنظمات الإنسانية والفاعلين الحقوقيين بأوروبا، واصفين الأمر بـ"رضوخ المفوضية الأوروبية لضغط اليمين المتطرف". وقالت رئيسة فرع فرنسا لمنظمة "أوكسفام": "مِن المقلق أن يضع الاتحاد الأوروبي المساعدات التنموية التي يقدّمها لدول الجنوب، مقابل السيطرة وإيقاف الهجرة".

وأضافت: "شهدنا على الوضعية الكارثية التي تكرّسها سياسة مراكز تجميع اللاجئين على الجزر اليونانية. اقتراح إعادة إنتاج نفس المأساة أمر حقير وغير مقبول". هذا وبدأت بعض الدول الأوروبية في العمل على ترحيل اللاجئين بها. على رأسها الدانمارك التي أقرّ برلمانها في شهر يونيو/تموز المنصرم قانوناً يسمح بنقل اللاجئين بها إلى مراكز إيواء بلد ثالث خارج الاتحاد الأوروبي.

TRT عربي