ماذا في جولتي ماكرون ولافروف إلى إفريقيا؟ (Yoan Valat/AFP)
تابعنا

بدأ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف جولة في إفريقيا، حيث سيزور عدداً من دول وسط وشرق القارة، انطلاقاً من مصر التي حل بها مساء السبت 23 يوليو/تموز الجاري. فيما تعد هذه أول جولة لوزير الخارجية الروسي في القارة الإفريقية منذ بداية العملية العسكرية التي تقودها بلاده ضد أوكرانيا.

وبالتزامن مع هذا، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، هو الآخر، جولة بعدد من البلدان الإفريقية، افتتحها بزيارة للكاميرون في الـ25 يوليو/ تموز الجاري. وهي الأخرى، أول زيارة له خارج أوروبا منذ إعادة انتخابه لولاية ثانية في أبريل/نيسان.

هذا وتحمل كل جولة أجندة مناقضة للثانية، في ما يراه محللون الوجه الأبرز للتنافس الفرنسي الروسي الدائر منذ مدة حول القارة الإفريقية. ومن جهة تسعى فرنسا لرد اعتبارها بعد الطرد الذي تعرضت له من مالي وبوركينا فاسو وإفريقيا الوسطى، مقابل اتساع نفوذ مليشيات فاغنر الروسية هناك. فيما تسعى روسيا إلى تعزيز هذا النفوذ في القارة السمراء، كما البحث عن منافذ اقتصادية لها من العقوبات الغربية.

لافروف في إفريقيا

حسب بلاغ نشرته قناة "روسيا اليوم" على موقعها، قالت فيه بأن لافروف "سيبدأ السبت جولة إفريقية تستغرق 5 أيام، سيجري خلالها زيارات عمل إلى كل من مصر وإثيوبيا وأوغندا وجمهورية الكونغو"، ذلك من أجل أن يناقش خلال زيارته تلك "الأجندة الدولية والإقليمية والتعاون الثنائي".

وصرَّح لافروف لذات القناة بأن لدى بلاده "علاقات طويلة الأمد وجيدة مع إفريقيا"، وتأتي هذه الجولة في إطار "عملها بنشاط في السنوات الأخيرة على استعادة موقعها في القارة".

وخلال محطته الأولى بالقاهرة، التقى وزير الخارجية الروسي بكل من نظيره المصري سامح شكري ورئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، حيث تباحث معهما "مجمل موضوعات التعاون الثنائي بين مصر وروسيا"، وتبادلا "الرؤى حول عدد من الموضوعات الإقليمية والدولية"، وفقاً للخارجية المصرية.

وقال لافروف في مؤتمر صحفي مع نظيره المصري سامح شكري "أكدنا التزام مصدري الحبوب الروس بالوفاء بجميع التزاماتهم". وأضاف "ناقشنا معايير محددة للتعاون في هذا المجال واتفقنا على مزيد من الاتصالات بين الوزارات المعنية ولدينا فهم مشترك لأسباب أزمة الحبوب".

وفي محطة ثانية من جولته، يوم الأحد، حل وزير الخارجية الروسي بالكونغو، حيث التقى برئيس البلاد دينيس ساسو نجيسو. حيث تركَّزت مباحثاتهما، حسب ما أفادت به وسائل إعلام روسية، على أزمة الغذاء العالمية والتعاون الثنائي بين البلدين، حيث أن هناك اهتماماً متبادلاً لديهما لتطوير التعاون في المجال العسكري والتقني.

ماكرون في إفريقيا، هو الآخر!

وبالتزامن مع جولة لافروف، أعلن الإليزيه بأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيخوض هو الآخر جولة إفريقية، تدوم أربعة أيام، ستنقله إلى الكامرون وبنين وغينيا بيساو، ستسمح له بإعادة تأكيد "التزامه بعملية تجديد علاقة فرنسا مع القارة الإفريقية".

وحلّ ماكرون بياوندي، يوم الاثنين 25 يوليو/تموز، حيث قال خلال مؤتمر صحفي جمعه بالرئيس بول بيا، بأن الكاميرون "كانت شريكاً استراتيجياً في إفريقيا الوسطى" ، وهي المنطقة التي يرغب الرئيس الفرنسي في تكريس المزيد من الوقت لها خلال فترة ولايته الثانية، حسب ما نقلته "فرانس بريس".

ونقلاً عن ذات المصدر، فإن الهدف المعلن من هذه الزيارة هو أيضاً إقامة شراكات زراعية جديدة مع الكاميرونذات الاقتصاد الرائد في وسط إفريقيا، في وقت تهدد فيه أزمة الغذاء الناجمة عن الحرب في أوكرانيا القارة السمراء.

وفي بينين، التي تعرضت مؤخراً لهجمات دامية قامت بها جماعة "بوكو حرام"، يعتزم ماكرون التطرق كذلك مع قادتها إلى الملفات الأمنية، حيث ترافقه في هذه الجولة وزيرة الخارجية كاترين كولونا ووزير القوات المسلحة سيباستيان لوكورنو.

أجندات متضاربة

هذا ويمثل التزامن بين الجولتين الوجه الواضح لتضارب أجندتي البلدين في إفريقيا، كما التنافس الكبير بينهما هناك. فمن جهة تسعى موسكو إلى تعزيز مكانتها في وسط القارة، حيث نجحت بالفعل في بسط نفوذها على حساب النفوذ الفرنسي في كل من إفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو ومالي، ذلك عبر مرتزقة "فاغنر".

كما تسعى روسيا في إفريقيا إلى جر دول القارة إلى صفها، ضد الغرب، حيث قال لافروف من الكونغو: "نحن نعلم أن الزملاء الأفارقة لا يوافقون على المحاولات العلنية للولايات المتحدة ولتوابعها الأوروبية لإملاء إرادتهم على الجميع، لفرض نموذج أحادي القطب للنظام العالمي على المجتمع الدولي. نحن نقدر الموقف المتوازن للأفارقة".

وفي هذا الإطار يأتي عمله على خفض حصة الدولار واليورو في التجارة المتبادلة بين موسكو والدول الإفريقية، كذلك سعيه إلى تصدير القمح الروسي إلى تلك الدول.

من ناحية أخرى، يحاول الرئيس ماكرون تدارك الهزائم التي مني بها في دول الساحل، وكانت رصاصة الرحمة فيها طرد القوات الفرنسية من مالي. في هذا الإطار يأتي توجهه نحو دول وسط إفريقيا، عوض دول الساحل التي أخذت كل تركيزه في الولاية الأولى.

إضافة لذلك، تشهد العلاقات الفرنسية الكاميرونية توترات منذ 2020، بعد تصريحات ماكرون أنه سيمارس "ضغوطاً قصوى" على الرئيس الكاميروني بسبب أعمال العنف التي "لا تحتمل" في هذه الدولة الواقعة في غرب إفريقيا.

وتقهقر النفوذ الفرنسي بالكاميرون، لا سيما على المستويين الاقتصادي والتجاري، في مواجهة الصين والهند وألمانيا، حيث تمثل الشركات الفرنسية الآن حوالي 10% فقط من اقتصاد البلاد مقارنة بـ 40% في التسعينيات.

TRT عربي