مارين لوبان زعيمة حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف. (Sarah Meyssonnier/Reuters)
تابعنا

من أبرز ما أفصحت عنه نتائج الدور الثاني من الانتخابات التشريعية الفرنسية الأحد، الاختراق التاريخي الذي حقّقه حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف، الذي حصل على 89 مقعداً، ليصبح بذلك ثالث قوة برلمانية، مسبوقاً بائتلاف اليسار وكتلة الرئيس إيمانويل ماكرون.

وحسب هذه النتائج، حلّ ائتلاف "معاً" الذي يقوده الرئيس إيمانويل ماكرون أولاً بـ245 مقعداً، يليه ائتلاف "الاتحاد الشعبي الاجتماعي والإيكولوجي الجديد" الذي يقوده اليساري الراديكالي جان لوك ميلونشون بـ131 مقعداً، ورابعاً الجمهوريون بـ61 مقعداً، فيما بلغت نسبة العزوف عن التصويت 53.77%.

وتضاعفت، حسب هذه النتائج، الكتلة النيابية "التجمعية" أكثر من 11 مرة، إذ لم يتعدَّ حجمها خلال تشريعيات 2017 ثمانية نواب. بهذه المناسبة هنَّأت زعيمة الحزب مارين لوبان، ناخبيها بالقول: "إنه انتصار للشعب الفرنسي، هذا المساء تملكوا مصيرهم من جديد".

وأضافت أن حزبها "أصبح الحزب الأول في فرنسا"، في إشارة إلى أن خصومها الرئيسيين كانوا إما ائتلافات لثلاث أحزاب كما في حالة "معاً"، وإما أربعة كما في حالة "الاتحاد الشعبي الاجتماعي والإيكولوجي الجديد" اليساري.

تخلط هذه النتائج أوراق الكتلة الحاكمة، إذ فقدت أغلبيتها المطلقة في البرلمان، وصار لزاماً عليها البحث عن تحالفات لدعم الحكومة. وهي مهمة ليست بيسيرة، إذ تنادي أصوات كثيرة من "الحزب الجمهوري" الذي حلَّ رابعاً، بتموقُع الحزب في المعارضة وعدم مشاركة ماكرون الحكم.

"تسونامي اليمين المتطرف"

عزّز حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف موقعه كثيراً داخل الساحة السياسية الفرنسية، حاصلاً على 18.68% من الأصوات مقابل 13.2% خلال تشريعيات 2017، متقدماً بـ5 نقاط، أي ما يعادل 1.2 مليون صوت إضافية بمراعاة نسبة المشاركة الضعيفة خلال هذه النسخة من الانتخابات.

ولا يقف تعزيز الحزب المعادي للإسلام والمهاجرين موقعه عند شكله الإحصائي، بل تعداه ليحتلّ عدة مواقع جديدة من الخارطة السياسية الفرنسية، كانت في ما مضى قلاعاً حصينة لليمين المحافظ أو مواقع للحركة الماكرونية، فلم يقتصر نجاح التجمعيين على دوائر الوسط حيث كتلتهم الناخبة التقليدية، بل حصدو مقاعد كذلك في الشمال والشمال الشرقي، والجنوب والجنوب الغربي.

واتهم ائتلاف "الاتحاد الشعبي الاجتماعي والإيكولوجي الجديد" اليساري مرشحي الكتلة الحاكمة بعرقلة الطريق أمام صعود اليمين المتطرف، إذ رفض هؤلاء المرشحون الانسحاب من السباق الانتخابي مما قسم الأصوات بينهم ومكّن المرشحين التجمعيين من الفوز.

وفي ظلّ نشوة الحزب اليميني المتطرف بانتصاره، أعلنت زعيمته مارين لوبان استقالتها من رئاسته، وعللت قرارها بأنها تودّ تكريس وقتها لقيادة الفريق البرلماني الذي حظيت به.

لوبان تزلزل الساحة السياسية الفرنسية

يأتي فوز مارين لوبان بمثابة زلزال عصف بكل الحسابات السياسية داخل الساحة السياسية الفرنسية، بداية بالائتلاف الحاكم الذي فقد أغلبيته داخل القبة، الذي لا حل أمامه لتعيين حكومته الجديدة من التحالف مع اليمين التقليدي، "الحزب الجمهوري" الذي أكل مرشحو "التجمع" من حصته فحلّ رابعاً فاقداً أزيد مما يقارب نصف المقاعد التي حصل عليها سنة 2017.

وحمّل زعيم الجمهوريين والوزير الفرنسي السابق كريستيان جاكوب، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مسؤولية هذه النتائج، إذ "يدفع ثمن سخريته ولعبه مع المتطرفين". هذا قبل أن يعلن أن حزبه شنّ حملة معارضة ومكانه "سيكون ضمن المعارضة".

إضافة إلى هذا سيعرف البرلمان الفرنسي صداماً عنيفاً بين تكتل اليسار وفريق التجمعيين حول نقطتين رئيسيتين: رئاسة البرلمان ورئاسة لجنة المالية والاقتصاد، إذ صرَّحت لوبان للصحافة بأن "من حقنا الحصول على منصب نائب رئيس البرلمان ورئاسة لجنة المالية". فيما يرى اليساريون أن هذه المناصب لا محيد عنها للاستمرار في تنفيذ وعودهم الانتخابية بكبح سياسات ماكرون "اللا شعبية" في نظرهم.

TRT عربي