تصاعد أزمة التأشيرات بين فرنسا والمغرب، هل تلجأ الرباط إلى التصعيد؟ / صورة: AA (AA)
تابعنا

في أعقاب اشتعال أزمة التأشيرة بين باريس والرباط في شهر سبتمبر/أيلول الماضي تزامناً مع اشتداد حدة الاتهامات بشكل علني، قال الناطق باسم الحكومة المغربية مصطفى بايتاس عند سؤاله عن استمرار رفض التأشيرات للمغاربة خلال مؤتمر صحفي، الخميس، إن استمرار رفض تأشيرات المواطنين المغاربة من جانب فرنسا سؤال يجب أن يُطرح على باريس وليس الرباط.

ورداً على تخفيض فرنسا التأشيرات الممنوحة للمغاربة بشكل حاد زعماً منها عدم تعاون المملكة في إعادة مهاجرين غير نظاميين وهو ما نفته الرباط، وجهت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان رسالة مفتوحة إلى كل من سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى المغرب والمسؤولين عن بعثة الاتحاد الأوروبي بالرباط، احتجاجا على ما أسمته "المعاملات المهينة والحاطة بالكرامة من طرف المصالح القنصلية لجل دول الاتحاد الأوروبي بالمغرب مع طالبات وطالبي التأشيرات".

وفي سياق متصل دعا البرلمانيون الفرنسيون الذين حضروا إلى الرباط يوم 7 نوفمبر/تشرين الثاني في إطار زيارة نظمتها دائرة الصداقة الفرنسية المغربية يوجين ديلاكروا (CED)، إلى إنهاء الأزمة السياسية القائمة على التأشيرات بين فرنسا والمغرب. وفقاً لما نقله موقع Morocco World News.

بداية الحكاية

في 28 سبتمبر/أيلول 2021، أعلنت الحكومة الفرنسية في بيان، تشديد شروط منح التأشيرات لمواطني المغرب والجزائر وتونس، بدعوى "رفض الدول الثلاث إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لاستعادة مهاجرين (غير نظاميين) من مواطنيها"، وفقاً للأناضول.

وفي اليوم نفسه، قال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، خلال مؤتمر صحفي، إن قرار باريس بشأن تأشيرات مواطني المغرب "غير مبرر لمجموعة من الأسباب"، ذكر منها أن المغرب كان دائماً يتعامل مع مسألة الهجرة وتنقل الأشخاص بمنطق المسؤولية والتوازن اللازم لهذا الأمر.

من جهته، دافع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عن سياسة الحزم في منح التأشيرات للمغاربة خلال تصريحات صحفية على هامش قمة الفرنكوفونية بتونس في 20 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، معتبراً أن هذه السياسة "بدأت تؤتي ثمارها".

فيما يُقدّر عدد المغاربة الذين يحصلون على تأشيرات لدخول فرنسا (سياحة أو عمل) سنوياً بنحو 300 ألف شخص، لكن العدد تقلص كثيراً بعد قرار تشديد منح التأشيرات.

هل ترد المغرب بالمثل؟

قالت صحيفة لوموند الفرنسية في تقرير نشرته منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، إن تصرفات فرنسا بشأن التأشيرات منذ عام تسمم العلاقات بين باريس والرباط. مشيرةً إلى أن ذلك يثير سخطاً متزايداً داخل المجتمع المغربي تحت نيران الانتقادات المستمرة ووسط دعوات إلى المعاملة بالمثل بالنسبة إلى الفرنسيين المتجهين إلى المملكة.

ونقلت الصحيفة الفرنسية أصوات المثقفين ومنظمات المجتمع المدني المغربية الذين صعدوا من لهجتهم حيال الموضوع. وبينما طالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في رسالة لها إلى الرئيس الفرنسي "بوضع حد لمعاملة المغاربة بعجرفة استعمارية من طرف المصالح القنصلية في البلاد"، طالب الفدرالية المغربية لحقوق المستهلك بإعادة الرسوم لمن لم تصدر لهم تأشيرات.

وفي حديثه لموقع أصوات مغاربية، أشار رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية محمد بودن إلى أن العلاقات المغربية الفرنسية ليست في هذه الفترة على ما يرام وبأنها في المستوى الأدنى للتعاون، لافتاً إلى أن فرنسا فقدت مواقعها في المملكة المغربية على أكثر من مستوى. ومذكراً أيضاً بأن الموقف الفرنسي بخصوص مغربية الصحراء رغم كونه إيجابياً في ما يتعلق بمبادرة الحكم الذاتي، إلا أنه لا يرتقي إلى مستوى أطراف دولية شريكة للمغرب مثل الولايات المتحدة وألمانيا وإسبانيا.

سلسلة أزمات

على الرغم من تصاعد حدة التوتر بين المغرب وفرنسا بشكل علني بشأن أزمة التأشيرات، فإن الأزمة بين البلدين أعمق من ذلك بكثير. لا سيما أن الفتور بالعلاقات تعزز بعدم تبادل البلدين الزيارات الدبلوماسية منذ تلك الفترة.

فوفقاً للباحث المغربي بالعلاقات الدولية نبيل الأندلوسي فإن "العلاقات المغربية الفرنسية عرفت تذبذباً ومداً وجزراً وأكثر من توتر منذ وصول (الرئيس الفرنسي) إيمانويل ماكرون إلى قصر الإليزيه سنة 2017". واعتبر الأندلوسي في حديثه للأناضول أن "رفض أو تخفيض منح تأشيرات للمغاربة ليس أزمة في حد ذاتها، بقدر ما هي تداعيات لأزمة صامتة بين البلدين أساسها اقتصادي بالدرجة الأولى، بخاصة بعد تراجع ترتيب فرنسا وتقدم إسبانيا على مستوى التبادلات التجارية والعلاقات الاقتصادية بين المغرب وفرنسا".

من جانبه اعتبر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول خالد شيات أن "ملف التأشيرات مظهر من مظاهر الأزمة فقط". وأضاف أن "عوامل أخرى متداخلة تجعل علاقات الرباط وباريس في موقف ليس في مستوى تطلعات الشراكة الاستراتيجية بينهما على كثير من الأصعدة الاقتصادية والتجارية والسياسية". مشيراً إلى أن المغرب لم يعد اليوم مرتهناً للمنتجات والخدمات والاستثمارات الفرنسية بفضل علاقة التنافس الشرس بين الكتلة الغربية بقيادة الولايات المتحدة التي لديها ذاكرة سيئة مع فرنسا كما حصل في صفقة الغواصات مع أستراليا.

TRT عربي