تصعيد بالضفة وأزمة داخلية.. هل تصمد حكومة نتنياهو؟ / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

في الوقت الذي تتجه فيه الأوضاع في الضفة الغربية نحو انتفاضة شعبية ثالثة جراء موجة التصعيد الإسرائيلية التي وصفها مساعد نائب وزير الخارجية الأمريكي السابق جويل روبن بـ"المقلقة لواشنطن"، شارك أمس الخميس آلاف الإسرائيليين يوم الخميس في مظاهرات "يوم مناهضة الديكتاتورية" للاحتجاج على مضي الحكومة قدماً في تمرير قوانين تقلص صلاحيات القضاء لصالح السلطتين التشريعية والتنفيذية.

وبين مطرقة تجاوزات المستوطنين المدعومين من حلفاء بنيامين نتنياهو في الحكومة الائتلافية اليمينية المتطرفة، وسندان تصاعد حدة الاحتجاجات الداخلية المناهِضة لما يصفونه بأنه محاولة من الحكومة اليمنية لـ"الانقلاب على الديمقراطية"، يبدو أن حكومة نتنياهو باتت أمام امتحان صمود تعجز أي حكومة إسرائيلية عن مواجهته.

تجدر الإشارة إلى أنه طوال السنوات الـ3 الماضية اضطرت إسرائيل إلى إجراء 5 انتخابات برلمانية مبكرة، لكن الأزمات التي تسببت فيها الحكومة الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل قد تكون الأصعب والأخطر، والتي قد تجر البلاد إلى "حرب أهلية". لذلك، لا يستبعد المراقبون أن تعجز الحكومة الحالية بدورها عن الصمود، وأن تبدأ بالتفكّك والانهيار كما حصل مع سابقاتها.

تصعيد ممنهج

بعد نجاحه في تشكيل حكومة نهاية العام الماضي، تعهد نتنياهو وحلفاؤه، الذين يقودون حكومة يمينية متطرفة، بموقف أكثر صرامة تجاه الفلسطينيين. فيما أغلق كبار شركائه، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، باستمرار، الأبواب أمام أي تسوية تفاوضية مع الفلسطينيين.

وتشهد الضفة الغربية تصعيداً ملحوظاً من الجيش الإسرائيلي والمستوطنين الإسرائيليين منذ العام الماضي، فيما يتجاهل رئيس الوزراء الإسرائيلي دعوات أمريكية وغربية للتهدئة، صدر أحدثها عن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن خلال زيارة الأخيرة لإسرائيل.

والأربعاء، وقّع خمسة قادة شرطة سابقون في إسرائيل و33 من كبار مسؤولي الشرطة السابقين رسالة تدعو نتنياهو إلى عزل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، معتبرين أنه يسعى إلى "تفجير انتفاضة ثالثة" بإصداره تعليمات بهدم المنازل الفلسطينية في القدس الشرقية خلال شهر رمضان.

أزمة داخلية

تشهد إسرائيل منذ أكثر من شهرين مظاهرات واسعة ومتصاعدة، وصلت إلى الجيش وبقية الأجهزة الأمنية، مع اقتراب البرلمان الإسرائيلي من سن قانون من شأنه تغيير الطريقة التي يعمل بها النظام القضائي في البلاد وتقليص صلاحياته لصالح السلطتين التشريعية والتنفيذية.

وبينما تصف الحكومة التشريع الجديد بـ"الإصلاحات"، ترى المعارضة بأنها محاولة لـ"الانقلاب على الديمقراطية" وجر البلاد لتصبح دولة ديكتاتورية. فيما يرى نتنياهو بأن هذه المظاهرات ما هي إلا محاولة تغذيها المعارضة من أجل الإطاحة بحكومته.

وتزامناً مع اتساع رقعة المظاهرات وتدخل الشرطة الإسرائيلية القنابل الصوتية وخراطيم المياه لتفريقها، طالب الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، الخميس، حكومة بنيامين نتنياهو بإلغاء خطة "التعديلات القضائية"، وأضاف قائلاً: "هذه لحظة حاسمة، إما أن نتوقف عن ما يحدث أو ننزل إلى الهاوية، لا تدمروا بلادكم".

وبسبب احتجاجات "يوم مناهضة الديكتاتورية" التي تعم إسرائيل، لم يجرِ تأجيل وصول وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى إسرائيل إلى الخميس بدل الأربعاء فقط، بل دفعت نتنياهو إلى لقاء الوزير الأمريكي في مطار بن غوريون الدولي القريب من تل أبيب.

هل تصمد حكومة نتنياهو؟

قبل نجاح بنيامين نتنياهو من تشكيل حكومته، كان الائتلاف الحكومي الإسرائيلي اليميني المتطرف يعاني من خلافات حادة، وذلك على الرغم من حقيقة أن جميع أعضائه من الأحزاب اليمينية وجميعهم، على الأقل، يشتركون في المبادئ نفسها، إلا أن لكل طرف منهم إجراءاته الخاصة لتحقيق الأهداف المشتركة.

ومن أجل استرضائهم، اضطر رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو إلى ابتكار وزارات جديدة وخلق وظائف جديدة لقادة الأحزاب اليهودية اليمينية المتطرفة. فبينما سُمح لزعيم حزب الصهيونية الدينية اليمينية المتطرفة، بتسلئيل سموتريتش، بأن يصبح وزيراً للمالية وشغل منصب وزير في وزارة الدفاع لمتابعة خططه الخاصة لإنشاء المستوطنات وتعزيزها، اضطر إلى تعديل مهمة وزارة الأمن الداخلي أو وزارة الأمن العام من أجل إعطاء سلطة معينة لزعيم عوتسما يهوديت المتطرف، إيتمار بن غفير، لمتابعة خططه المتطرفة والاستفزازية في الأراضي المحتلة.

وقال عيران ليرمان، نائب رئيس معهد القدس للدراسات الاستراتيجية والأمنية ونائب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، "هناك مؤشرات على وضع شبه فوضوي داخل الحكومة الإسرائيلية". وأضاف: "هناك شقاق بين العنصر الأيديولوجي الراديكالي للتحالف المتمرد على الوضع التقليدي للمؤسسة الأمنية والعنصر الذي لا يزال يحتفظ بعلاقة قوية مع تلك المؤسسة". وأشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يحتاج إلى سموتريتش وبن غفير لبقائه السياسي، يقع في "فخ خطير".


TRT عربي