هل فقد الاتحاد الأوروبي استقلالية قراره السياسي أمام واشنطن؟ (Ab Komisyonu Pool/AA)
تابعنا

في مقال نشرته مؤخراً، أشارت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إلى وجود مخاوف أوروبية حقيقية، من أن تتخلى واشنطن عن دعم أوكرانيا في حال فاز الجمهوريون بأغلبية الكونغرس، خلال الانتخابات النصفية الأمريكية القادمة، المزمع إجراؤها في 8 نوفمبر/تشرين الثاني القادم.

فيما تُضاف هذه المخاوف إلى النقاش، القديم/الجديد، الحاصل داخل الاتحاد الأوروبي حول استقلالية القرار السياسي والاقتصادي للمجموعة عن واشنطن. ويثير هذا النقاش انقسامات كبيرة بين الدول الأعضاء، تبرز للسطح مع الحرب في أوكرانيا، كما في أزمة الطاقة وقضية العلاقات مع الصين.

"لا شيكات بيضاء لأوكرانيا"

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنها أول مرة تسود فيها مخاوف أوروبية من خذلان الولايات المتحدة للدعم المشترك لأوكرانيا في حربها، هذا بعد ثمانية شهور من التعاون المشترك، الذي برز في حجم المساعدات العسكرية والاقتصادية والإنسانية التي قدمها الحلفاء، والتي تعادل 93 مليار دولار.

فيما جذور هذه المخاوف تعود إلى تصريحات زعيم الأقلية الجمهوري بمجلس الشيوخ الأمريكي، كيفن مكارثي، الذي تعهد أن بلاده لن تستمر في تقديم "شيك على بياض" لكييف، إذا ما فاز حزبه في الأغلبية خلال الانتخابات النصفية القادمة شهر نوفمبر/تشرين الثاني.

وليست هي المرة الأولى التي يعبر فيها الجمهوريون على هذا الموقف، حسب ما نقل موقع "بوليتكو" في وقت سابق، مشيراً إلى عزم عدد من النواب الجمهوريين معارضة تمرير حزمة إعانات بـ40 مليار دولار كان قد وعد الرئيس جو بايدن بتقديمها لأوكرانيا. وتكتسب هذه المعارضة صدى في الشارع الأمريكي، مع ارتفاع معدلات التضخم وأزمة الطاقة.

ووفقاً لـ "واشنطن بوست"، فإن ما يزيد تخوف الأوروبيين من تقليص الولايات المتحدة دعمها لأوكرانيا، أنه يأتي في وقت ما زالت بعض الدول الأوروبية متعثرة في الإيفاء بوعود الدعم العسكري التي قطعتها مع كييف خلال الأيام الأولى للحرب. كذلك لإمكانية تزامن هذا القرار مع التقدم العسكري الذي تحققه القوات الأوكرانية عبر هجماتها المضادة، "ما سيمكن بوتين من نصر يقتلعه من قلب الهزائم" على حد وصف توبيا إلوود رئيس لجنة الدفاع بالبرلمان الأوروبي.

ويضيف المقال: بأنه "حتى لو سعى الحلفاء الأوروبيون للتعويض عن انخفاض المساعدة الأمريكية، فمن غير الواضح ما إذا كانوا سيوفقون في تحقيق ذلك".

هل فقدت أوروبا استقلالية قرارها؟

ويرى مراقبون، بأن ارتهان القرار السياسي الأوروبي بيد واشنطن فيما يخص الأزمة الأوكرانية، أسقط الأوروبيين في متاعب قد تتضاعف إذا ما تحركت الولايات المتحدة نحو تقليص دعمها لكييف. ما سيخلف صدعاً كبيراً بين أمريكا ودول القارة العجوز.

فيما لا يقتصر ارتهان القرار السياسي الأوروبي بالولايات المتحدة على قضية دعم أوكرانيا، بل يشمل قضايا أخرى، مثل العلاقات مع الصين. وخلال قمة زعماء الاتحاد، في الـ 21 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، من أجل تدارس اتساع النفوذ الاقتصادي والعسكري الصيني، برزت أصوات تطالب باستقلالية القرار الأوروبي في هذه القضية عن الولايات المتحدة.

من بين هذه الأصوات كان رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، الذي قال: "يجب علينا أن نناقش بشكل أكثر استقلالية"، في إشارة إلى ارتباط مواقف عدد من الزعماء بموقف البيت الأبيض في هذا الصدد. كما دافع المستشار الألماني أولاف شولتز على علاقات بلاده الاقتصادية مع بكين، داعياً إلى الدفاع عن حرية التجارة الدولية.

وفي وقت سابق، احتج الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على رفع الولايات المتحدة أسعار الغاز المسال المصدر لأوروبا، قائلاً في تصريح: "أنتم تمدوننا بالغاز، لكن لا يمكن أن نستمر في شرائه بأربعة أضعاف السعر". كما اتهم ماكرون واشنطن بتطبيق سياسة حمائية ضد صناعة السيارات الأوروبية، داعياً إلى المعاملة بالمثل وتشجيع المُصنّعين الأوروبيين.

TRT عربي