تابعنا
يتصاعد قلق المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، خلال الفترة الأخيرة مع بدء الصين وروسيا إجراء تجارب لصواريخ فرط الصوت، التي قد تزيد حدة التوتر وتؤثّر بشدة على الصراع والتنافس المحتدم بين هذه القوى.

أجّجَت الصراعات المشتعلة في أقاليم وأجزاء متفرقة من العالم، سباق التسلح بين القوى الدولية والإقليمية التي تملك مطامح توسعية وجيوستراتيجية، وتسعى لإحداث توازن بين القوى في المنطقة.

فأُعلنَ في هذه الأثناء عن عديد من صفقات التسلح، وأنشئ كثير من التحالفات الجيوستراتيجية، وكان آخرها تحالف "أوكوس"، وأُجريَ عديد من التجارب الصاروخية التي لفتت انتباه الرأي العامّ الدولي وأثارت قلقاً كبيراً لدى مؤيّدي الحدّ من التسلح، باعتبار أن الأمر أصبح أشبه بـ"الجنون"، وأن هذه الدول في الحقيقة "تبني أمنها على تهديد الإبادة المتبادلة إلى الأبد"، على حد تعبير جيفري لويس، مدير برنامج الحد من التسلح في معهد "ميدلبري" للدراسات الدولية.

ولم تمنع هذه التحذيرات والتحفظات القوى الدولية من مواصلة تجاربها للتفوق على خصومها في امتلاك تكنولوجيا عسكرية قد ترجّح كفة ميزان الصراع لصالحها، وكان آخرها ما كشفت عنه صحف أجنبية عن بدء الصين فعلياً تجربة صواريخ فرط الصوت.

صواريخ "فرط الصوت" محوراً للتنافس الدولي

تعرف المراكز العسكرية والدفاعية صواريخ فرط الصوت باعتبارها أسلحة سريعة، تفوق سرعتها سرعة الصوت، ويمكن أن تحمل فوقها رأساً نووياً وتحلّق على ارتفاع منخفض، كما تملك قدرة عالية على المناورة، إذ لا يمكن لأنظمة الدفاع الصاروخي التقليدية اكتشافها في الوقت المناسب، على عكس الصواريخ الباليستية.

ويشير تقرير سابق لمركز أبحاث الكونغرس الأمريكي إلى أن مصطلح "فرط الصوت" جاء انطلاقاً من سرعة الصاروخ التي تزيد بنحو خمسة أضعاف عن سرعة الصوت، أي نحو 760 ميلاً في الساعة، بما يعني أن هذه الصواريخ يمكن أن تجتاز مسافة 3800 ميل في الساعة، لدرجة أن سرعتها يمكن أن تغير جزيئات الهواء المحيطة.

وانطلاقاً من هذه الميزات المتطورة، التي تضاهي ميزات بقية الدفاعات المستخدمة حالياً، في مسرح العمليات العسكرية الدولية، يعتقد خبراء ومحللون أن صواريخ "فرط الصوت" يمكن أن تمهّد لاندلاع حرب عالمية، ويمكن أن تنهي الوضع الاستراتيجي الدولي القائم حالياً.

وفي هذا السياق كشف مسؤولون أمريكيون أن واشنطن متأخرة حالياً عدة سنوات عن الصين، في مجال التكنولوجيا التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، إذ إن أسلحة "فرط الصوت" الأمريكية مصمَّمة لحمل الأسلحة التقليدية بدلاً من النووية، التي تجرّبها الصين. مع ذلك لا تزال القوات البحرية والجوية الأمريكية تسعى بشكل حثيث لتطوير أسلحة "فرط الصوت" في إطار مشاريع البحوث الدفاعية المتقدمة الحكومية لمجابهة التهديد الصيني والروسي في ذلك.

على الصعيد ذاته، كشفت صحيفة فاينانشيال تايمز الأمريكية في وقت سابق، أن الجيش الصيني أجرى تجربتين للأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت خلال الصيف المنقضي من السنة الحالية 2021، وكان من بينها أسلحة قادرة على حمل حمولة نووية.

وواجهت حينها بيكين هذه الادعاءات بالنفي، زاعمة أنها لم تطلق سوى مركبة فضائية قابلة لإعادة الاستخدام.

ونقل في هذه الأثناء عديد من الوسائط الإعلامية اختبار روسيا أيضاً صورايخ "فرط الصوت"، بما يشير إلى أن السباق في امتلاك هذه التكنولوجيا قد أصبح على أوْجِه.

تحذيرات ومخاوف أمريكية

على الرغم من إصرار الصين على نفي التقارير المتداولة حول بدئها تجربة صواريخ "فرط الصوت" المصممة لحمل الأسلحة النووية، تكاد الولايات المتحدة تجزم استناداً إلى تقارير الأجهزة العسكرية والاستخباراتية أن بيكين تجاوزتها فعلياً في هذا المجال، بما يدق نواقيس الخطر لمزيد العمل على التصدي للتهديد الصيني.

وقد أجرى البنتاغون خلال هذه السنة عدداً من التجارب لأنظمة "فرط الصوت"، لكن لم تكن كلها ناجحة.

في هذا السياق قال وزير القوات الجوية الأمريكي فرانك كيندال في تصريح إعلامي :" يوجد سباق تسلح، وهو ليس بالضرورة لزيادة الأعداد، بل لزيادة النوعية، وسيستمر لبعض الوقت. وكان الصينيون يخوضونه بشراسة".

وأضاف كيندال: "الولايات المتحدة لم تُعِرْ هذا القطاع ما يكفي من الاهتمام، فيما كانت تصرف الأموال على عملياتها في العراق وأفغانستان".

من جانبه قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في تصريح إعلامي خلال زيارته العاصمة الكورية سيول: "لدينا مخاوف بشأن القدرات العسكرية التي تواصل جمهورية الصين الشعبية السعي وراءها. ومرة أخرى، السعي وراء هذه القدرات يزيد التوترات في المنطقة".

TRT عربي