تابعنا
من جديد، يتصاعد التوتر في منطقة الشرق الأوسط إثر اتهام إيران بالضلوع في تفجير سفينة إسرائيلية بالقرب من خليج عمان، منذراً بمواجهات محتملة تتدخل فيها قوى إقليمية على غرار الولايات المتحدة وبريطانيا.

في أثناء رحلتها من ميناء دار السلام في تنزانيا إلى ميناء الفجيرة لإعادة ملء الحاويات بالنفط في دولة الإمارات، تعرضت ناقلة النفط الإسرائيلية "ميرسر ستريت" الأسبوع الماضي إلى هجوم، ترجح عدة تقارير أنه هجوم نفذ بواسطة طائرة مسيّرة مفخخة لا تحمل أي أعلام أو أسماء تكشف هويتها. وأسفر الهجوم عن مقتل شخصين من طاقم السفينة، أحدهما بريطاني والآخر روماني.

ووجهت أصابع الاتهام إلى إيران بالوقوف خلف الهجوم، وسط إدانة دولية ووعيد بالرد السريع. ومن جانبها نفت إيران التهم الموجهة إليها معبرة عن استعدادها للرد على أي استهداف مستقبلي يتعلق بهذه الحادثة.

إسرائيل تهدد إيران بالانتقام

تشهد العلاقات الإيرانية الإسرائيلية توتراً حاداً وصراعاً ممتداً منذ فترة طويلة تداخلت فيه عدة ملفات إقليمية، يقف على رأسها الخلاف حول الاتفاق النووي، والمواجهات العسكرية في عدد من بلدان المنطقة، واتهامات سابقة وجهتها إسرائيل في أكثر من مناسبة بتورط إيران في استهداف السفن الإسرائيلية في بحر العرب وخليج عمان. ولم تزد حادثة تفجير السفينة الإسرائيلية "ميرسر ستريت" الوضع إلا سوءاً. إذ تتهم من جديد إسرائيل عدوتها الإقليمية إيران بتنفيذ العملية.

وفي هذا السياق قال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في تصريح إعلامي: "هذا هو السبب وراء ضرورة أن نتخذ إجراءً ضد إيران الآن". وبدوره أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي نقتالي بينيت خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة الإسرائيلية، وجود أدلة تدين إيران في الحادثة قائلاً: "الدليل الاستخباراتي موجود، ونتوقع أن يوضح المجتمع الدولي للنظام الإيراني أنه ارتكب خطأً فادحاً.. في أي حال، نحن نعرف كيف نرسل رسالة إلى إيران بطريقتنا الخاصة".

ويبدو أن في حديث بينيت تهديداً صريحاً بالانتقام من إيران، وتحريض المجتمع الدولي على دعم تل أبيب في الرد على الهجوم. كما شدد وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد على ضرورة تحرك المجتمع الدولي للتصدي لما أسماه الإرهاب الإيراني، الذي يضر بحرية الملاحة ويشكل تهديداً لكل الدول.

واشنطن ولندن تتوعدان إيران بالرد الوشيك

كثف وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد اتصالاته مع عدة أطراف وقوى إقليمية لتدويل الحادثة وكسب الدعم الدولي في الرد على إيران، وكتب في تغريدة على حسابه الرسمي على تويتر "أعطيت تعليمات للسفارات في واشنطن ولندن والأمم المتحدة لتعمل مع محادثيها الحكوميين والوفود ذات الصلة بمقر الأمم المتحدة في نيويورك".

وشدد لابيد في محادثة أجراها مع نظيره البريطاني، على ضرورة رد المملكة المتحدة على الحادثة التي قُتل بسببها مواطن بريطاني. فصرحت الحكومة البريطانية تعقيباً على الحادثة بأن "كل الأدلة ترجح أن إيران وراء الهجوم بالطائرة المسيرة على السفينة في الشرق الأوسط الذي خلف قتيلاً بريطانياً". واعتبرت أن الهجوم على ناقلة النفط المملوكة لشخص إسرائيلي في خليج عمان، يعد خرقاً واضحاً ومتعمداً للقانون الدولي ارتكبته إيران.

بدوره قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون: "إن على إيران أن تتحمل عواقب الهجوم الشائن على السفينة الإسرائيلية". فيما اعتبر وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب الهجوم متعمداً، ويعد انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي من قبل إيران.

ووسط تنديد واسع، تكثف بريطانيا جهودها لإحراز اتفاق دولي يدين إيران ويضع حداً لتهديد طرق الملاحة الدولية ويشدد على الالتزام بالقوانين الدولية، وفق ما أفادت به الجهات الرسمية البريطانية.

أمام شبه إجماع إسرائيل والمملكة المتحدة باتهام إيران في التورط في الهجوم على ناقلة النفط الإسرائيلية في خليج عمان، أيدت الولايات المتحدة الأمريكية هذه المزاعم، وشاركت حلفاءها في ضرورة التصدي لإيران كتهديد للملاحة والتجارة.

وفي هذا الإطار قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن: "نحن على اتّصال وثيق وتنسيق مع المملكة المتحدة وإسرائيل ورومانيا ودول أخرى، وسيكون الردّ جماعيّاً" .

ففي الوقت الذي تسعى فيه إدارة بايدن لإنقاذ الاتفاق النووي، وإيجاد حلول مع طهران، لا تنفي الجهات الرسمية الأمريكية أن تحركات إيران تمثل عقبة أمام التهدئة، وتعتبر لاعباً سيئاً على الساحة الدولية، وذلك وفق ما صرحت به المتحدّثة الرسمية باسم البيت الأبيض جين ساكي.

طهران تنفي التهم الموجهة إليها

وإن لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تتبادل فيها كل من طهران وتل أبيب الاتهامات في حرب الناقلات والهجوم المتكرر والاعتداءات التي تعرضت لها سفن الطرفين في أكثر من مناسبة، فإن إيران نفت بشدة اتهامها بالوقوف خلف الهجوم الأخير الذي طال ناقلة النفط في خليج عمان، معتبرة أن إسرائيل دائماً ما تلعب دور الضحية بهدف صرف الانتباه عن أعمالها المزعزعة في المنطقة.

وفي الوقت ذاته أدانت السلطات الإيرانية الاتهامات والتحريض من طرف الولايات المتحدة وبريطانيا، دون الاستناد إلى أي وثيقة رسمية. وفي خطوة رسمية استدعت الخارجية الإيرانية سفراء ومندوبي هذه البلدان للتعبير عن رفضها واحتجاجها على تصريحات رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والمسؤولين الأمريكيين المتماهين مع الاتهامات الإسرئيلية، مدينة سكوتهم في السابق عن هجوم تخريبي طال سفناً إيرانية.

وفي سياق متصل عبّر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، عن استعداد إيران للدفاع عن أمنها ومصالحها الوطنية وردها على أي مغامرة محتملة بشكل فوري وبقوة، مشيراً إلى التهديدات الدولية بمواجهة عسكرية وشيكة.

ووقوفاً عند التهديدات الإسرائيلية بالانتقام من إيران، أجاب المتحدث باسم لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني محمود مشكيني بأن إسرائيل لا تملك القدرة الحقيقية على ترجمة تهديداتها، وتعرف أن الإقدام على خطوة عسكرية سيكلفها غالياً إلى حد تهديد وجودها، على حد تعبيره.

TRT عربي